النهار

سأل إسرائيل "ألم تشبع من الحروب"؟ بوحبيب للجمعية العامة: تطبيق المقترح الأميركي – الأوروبي لوقف النار وتنفيذ متوازن للـ1701
المصدر: "النهار"
سأل إسرائيل "ألم تشبع من الحروب"؟ بوحبيب للجمعية العامة: تطبيق المقترح الأميركي – الأوروبي لوقف النار وتنفيذ متوازن للـ1701
وزير الخارجية عبدالله بوحبيب من على منبر الأمم المتحدة (أ ف ب).
A+   A-
 
جدّد وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب رفض لبنان للحرب، داعياً إلى "تطبيق المقترح الأميركي - الأوروبي لوقف النار بين إسرائيل وحزب الله".
وأكد "أن السبيل الوحيد هو التوصل إلى حل سياسي بدلًا من الغرق في عسكرة الصراع"، سائلاً: "ألم تشبع إسرائيل من الحروب؟".
 ألقى بو حبيب كلمة لبنان أمام الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة وجاء فيها: "يعيش لبنان هذه الأيام أزمة تهدّد وجوده، ومستقبل شعبه، ورفاهيته وتتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وتتساقط أحجار الدومينو المترابطة، ويتحول العجز عن احتوائها وإطفائها الى ثقب أسود يبتلع السلم والأمن الإقليميين والدوليين. فالوضع المأزوم في لبنان ينذر بالأسوأ لكل الشرق الأوسط، في حال استمرار الأمور على حالها، ووقوف العالم متفرجاً".
 
ورحّب بالبيان الصادر عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمدعوم من دول صديقة، "لإتاحة فرصة إرساء هدوء طويل الأمد، يعطي استقراراً على الحدود ويعيد النازحين إلى منازلهم"، مطالباً بـ"اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ".
ومما قال: "ما نعيشه اليوم في لبنان هو نتيجة عدم التوصل الى حلول مستدامة وليست سبباً، بل الاحتلال هو السبب. نقولها بكل وضوح، إنهوا الاحتلال، فهو المسبّب لكل ما نعيشه، وغير ذلك مضيعة للوقت. فما دام هناك احتلال، هناك عدم استقرار وحروب. لقد حاولنا مراراً وتكراراً بواسطة الأمم المتحدة حل المشاكل الحدودية العالقة مع إسرائيل، لكنها كانت تتهرب أو تتجاهل ذلك. 
رغم من الظروف القاسية التي نعيشها، فإن لبنان يتمسك أكثر فأكثر بالشرعية الدولية، ويحتمي بقراراتها. فهو البلد المشارك في صياغة شرعتها لحقوق الإنسان عبر كبير من أبنائه، أي شارل مالك. وبقدر ما يؤسفنا عجز الأمم المتحدة لتاريخه عن حمايتنا من العدوان الإسرائيلي، فسنبقى متمسكين بدور المنظمة الأممية خط دفاع في وجه الإحتلال، والبطش، والعنف، والدمار. نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى دور الأمم المتحدة ملجأ للدول الصغيرة المحبّة للسلام، التي تتعرض للاعتداء، ومنها وطني لبنان".
 
وأضاف: "من رحم المأساة التي نعيشها، وواقعنا المرير، فإننا لا نزال نتطلع الى الحوار البناء بديلًا من لغة السلاح لحل النزاعات. فلقد أثبت لبنان قدرته على أن يكون شريكًا موثوقًا في بناء التفاهمات، كما حصل في (تشرين الأول) أكتوبر 2022 في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ذلك خير دليل على إلتزام لبنان التفاوض لحل النزاعات بالطرق السلمية. لقد طرحنا في جلستين لمجلس الأمن وآخرها عقدت بتاريخ 17 تموز الماضي حول الحالة في الشرق الأوسط، إطاراً متكاملاً لإرساء هدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. ونكرر اليوم دعوتنا الى وقف النار على الجبهات، لتكون فرصة ومقدمة في إتجاه التطبيق الكامل وغير المنقوص، لقرار مجلس الأمن 1701 الذي أثبت قدرته على إرساء إستقرار نسبي في الجنوب اللبناني، منذ نهاية حرب تموز 2006 ولغاية 7 اكتوبر 2023".
 
وتابع: "كذلك، نعوّل على دعم المجتمع الدولي والدول الصديقة، لتعزيز إنتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وتوفير ما يحتاجه من عتاد، ومساعدته لزيادة عديده بعد أن باشرت الحكومة فتح الباب لحملة تجنيد جديدة إلتزاماً واضحاً منها للقرار 1701، بحيث لا يكون سلاح دون موافقة حكومة لبنان، ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان، وفقاً لما نص عليه هذا القرار.
 إن مطالبتنا بتوفير الدعم لا تعكس التزامنا الوفاء بتعهداتنا بموجب القرار  فحسب1701، وإنما أيضا تأكيدناأهمية التعاون والتكاتف مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الأمنية، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. نحن جميعا ندرك تماماً الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد. ورغم ذلك، اتخذت الحكومة قراراً مهماً بتطويع 1500 جندي اضافي لنشرهم في الجنوب اللبناني. وهذا ليس تفصيلاً بسيطاً، بل هو إشارة سياسية الى المجتمع الدولي أن لبنان ملتزم القرار 1701 وعازم على تنفيذه. وحتى في أصعب الأوقات كالتي نعيشها الآن، فإن لبنان لا يقف مكتوفاً. إننا نحشد جهودنا، على أعلى المستويات، لحماية شعبنا ومؤسساتنا الوطنية وسيادة أرضنا".
 
وقال أيضاً: "لعلّ من أهم بنود القرار 1701 إظهار حدود  لبنان المعترف بها دوليًا والمرسّمة بين لبنان وفلسطين عام 1923، والمؤكد عليها في إتفاق الهدنة اللبنانية – الاسرائيلية  الموقّعة في جزيرة رودوس اليونانية عام 1949، بإشراف الأمم المتحدة ورعايتها. يجري ذلك من خلال إستكمال الإتفاق على النقاط الـ 13 الحدودية المختلف عليها. بموجب ذلك تنسحب اسرائيل من سائر المناطق اللبنانية التي لا تزال تحتلها الى الحدود المعترف بها دوليًا. كما نؤكد التمسك بأهمية دور قوات حفظ السلام (اليونيفيل) البنَّاء العاملة في جنوب لبنان التي ساهمت منذ تأسيسها بإرساء الهدوء والاستقرار في المنطقة، حيث لم تحصل لغاية 8 اكتوبر 2023 حوادث تهدد السلم والأمن الإقليميين. كما نشكر اليونيفيل على تضحياتها الكبيرة وما تواجهه من تحديات، خصوصاً في الأشهر والأيام الأخيرة".
 
وأشار الى أنه "على المقلب الآخر، بدل أن تشبع إسرائيل من الحروب المتواصلة والقتال منذ أكثر من 75 عاماً، نراها تجنح أكثر فأكثر نحو التطرف. فأخطر التحديات التي يواجهها لبنان اليوم يتمثل بالعدوان المتدحرج، حيث اتسعت أخيرًا رقعة الحرب لتشمل عمق المناطق اللبنانية. كما يزيد من قلقنا أيضًا التدمير الممنهج الذي تتعرض له القرى الحدودية اللبنانية، والعقاب الجماعي للسكان، وحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض، وجعلها غير قابلة للإستثمار لسنوات طويلة. وقد شهدنا الأيام الماضية نموذجاً قبيحاً، ومقزّزاً لكيفية استعمال أجهزة إلكترونية مخصّصة للاستخدام المدني الى قنابل موقوتة فجّرت عمدًا، وبصورة متزامنة، فحصدت عشرات الأشخاص، بينهم أطفال ونساء وإصابة آلاف الجرحى، ومنهم مئات في حال خطرة، إضافة إلى مئات آخرين تعرضوا لتشوّهات جسدية، أوفقدوا أحد أطرافهم، أو بصرهم بالكامل. ومن على هذا المنبر، نجدّد تحذيرنا من العدوان المتزايد، والخفّة، واللعب بالنار، ومحاولة جرّ الشرق الأوسط برمته الى الانفجار الكبير".
 
وكرّر "رفضنا للحرب"، مشدداً على "حقنا المشروع في الدفاع عن النفس وفقا لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، بالتزامن مع سعينا الدؤوب من خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا الى تجنب الوقوع في شباك التهور الاسرائيلي الساعي الى إستمرار الحرب، وتوسيعها".
 
ولفت الى "أن عودة النازحين الإسرائيليين الى بلداتهم، ومستوطناتهم لن تتحقق بالحرب والقصف والقتال وتهجير أوسع للبنانيين. أقصر الطرق الى عودتهم، هي الوقف الشامل والفوري للنار، وفقًا للبيان الأميركي - الفرنسي الصادر أمس والمدعوم من دول صديقة. ان التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة، بضمانات دولية واضحة، معلنة، وشفافة،  يتزامن مع وقف نهائي للخروق الاسرائيلية البرية، والبحرية، والجوية، لسيادة لبنان، وحدوده المعترف بها دوليا، وقد تخطت الـ 35 ألف خرق منذ عام 2006 لتاريخه. ألم تشبع إسرائيل حروباً متواصلة منذ عام 1948؟ متى سيحين الوقت كي تعطي فرصة حقيقية للسلام؟ ألا ترغب في أن تجرّب طريق السلام مرة أقلّه حتى تصل الى نهايته، بدل لغة الحديد والنار والدم والدمار؟".
 
وذكّر بأن لبنان والدول العربية "اختارت السلام بصورة واضحة لا لبس فيها، من خلال مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت عام 2002، وموافقتها على حل الدولتين، ومطالبتها بتطبيق قرارات الامم المتحدة، التي بقيت للأسف حبرًا على ورق.  والآن على اسرائيل كل اسرائيل حكومة وشعباً أن تريد فعلاً السلام وتختاره بدلاً من الحرب، وأن تتخطى هواجسها الأمنية. إن كسر دوامة العنف في المنطقة، ووقف التصعيد، وإحتمال إنفجار الشرق الاوسط برمته تستلزم أيضاً العمل الجماعي ضمن إطار زمني، ومحدّد، وبضمانات واضحة للإعتراف بالحقوق المشروعة، وفي مقدمها حق تقرير المصير وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. فلا سلام من دون حل الدولتين، مهما طال الزمن".
 
وجدّد الدعوة الى "إيجاد حل مستدام، وتطبيق كامل ومتوازن لقرار مجلس الأمن الـ 1701، وإظهار حدودنا البرية المعترف بها دوليًا، بما يجنّب لبنان والمنطقة مزيداً من الحروب والخراب. إننا نمر بفترة صعبة للغاية، تتسم بالتصعيد المأسوي للعنف في لبنان. ومن قلب الصراع، يشكل قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، خط الدفاع الأول عن لبنان. وهذا القرار ليس مجرّد وثيقة أو إطار عمل، بل يمثل التزاماً من المجتمع الدولي للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين. ولا يمكننا أن نحيد عن هذا المسار، لأنه يشكل الأساس القانوني والديبلوماسي الذي يضمن حماية الأمن اللبناني والإقليمي. إن التزام القرار 1701 أمر ضروري ليس للبنان فحسب بل لإسرائيل أيضا، والمنطقة برمتها. إنها أفضل أداة لدى المجتمع الدولي لإيقاف دوامة العنف لكي تسود الديبلوماسية، مهما كانت الطريق إليها صعبة. إن تكلفة الفشل الديبلوماسي مرتفعة للغاية. وعلينا ألا ننسى أن مع كلّ جولة عنف معاناة لا يمكن تصورها، بخاصة بالنسبة إلى المدنيين. إن مقتل أي مدني مأساة لا يمكن القبول بها ومن المستحيل تبريرها. عندما يجري استهداف المناطق المدنية بشكل ممنهج كما هو حاصل، فإننا نتحدث عن أعمال ترقى إلى جرائم الحرب. ولا شيء يمكن أن يبرّر القتل العشوائي للأبرياء. ولكن بينما نحن نتحدث عن الموت والدمار، علينا أيضًا أن نركزّ على إيجاد الحلول".
 
وختم : "إن الوقت ينفد، ومن الأهمية بمكان أن نجد مساراً سياسياً للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة. والسبيل الوحيد للمضي قدما هو التوصل إلى حل سياسي. علينا أن نفكر معاً في سبل الخروج سياسيًا من هذه الأزمة، بدلاً من الغرق أكثر في عسكرة الصراع وتعميقه، وإطالته. الديبلوماسية ليست دائماً سهلة، ولكنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأرواح والأبرياء والأوطان. ولبنان مصممّ على السير على هذا الطريق. إن لبنان يرى في المبادرة الأميركية - الفرنسية، بدعم دول صديقة أخرى فرصة لالتقاط الأنفاس، وفتح ثغرة في كوة هذه الأزمة، لعل إسرائيل تلتقطها، على الديبلوماسية أن تنجح. لا خيار آخر لدينا".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium