النهار

زغيب يفند لـ"النهار" سقف تحرك حكومة تصريف الأعمال... وما مصير اتفاق صندوق النقد والترسيم البحري؟
كلوديت سركيس
المصدر: "النهار"
زغيب يفند لـ"النهار" سقف تحرك حكومة تصريف الأعمال... وما مصير اتفاق صندوق النقد والترسيم البحري؟
الرئيس ميقاتي (حسام شبارو).
A+   A-
الحركة البطيئة والمعقدة التي تواكب تشكيل الحكومة الجديدة تجعل إحتمال ولادتها صعبا ويميل الى التعثر رغم "شطارة" الرئيس نجيب ميقاتي في "تدوير الزوايا" ، العبارة التي تلازمه، لتخرج من عنق الزجاجة بمعجزة. ويتحكم أمران باستعجال الرئيس المكلف بلورة الصيغة الحكومية لإستكمال مشاريع داخلية مصيرية ذات طابع إقتصادي طرحت خلال ولايته او تزامنت معها منها متابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وترسيم الحدود البحرية. فما سيكون عليه مصير هذين الملفين ، عدا عن تهالك الوضع الإقتصادي، مع أرجحية إستمرار حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد.

المرجع الدستوري الدكتور رزق زغيب يتحدث ل"النهار" فيقول أن حكومة تصريف الأعمال ستسمر حتى بدء ولاية رئيس جديد للجمهورية وفق إحدى الحالات التي عددتها المادة 69 في الدستور عندما إعتبرت حكومة مستقيلة بحكم إنتخاب مجلس النواب، ولا تتولى الصلاحيات إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال حيث يتولى مجلس شورى الدولة تحديد أسسها وإستلهم مبادءها في قرارات عدة أصدرها من الإجتهاد الفرنسي لتحديد إطارها العام حيث لا يمكن إلا توليها تصريف الأعمال العادية اليومية التي للوزير إشراف محدود عليها تسييرا" للآلة اليومية للحكم .وأما النوع الثاني من الأعمال التي تتصف بطابع العجلة وتعنى بالأعمال التصرفية التي لا يمكن أن تقوم بها بأي حال من الأحوال تلافيا لترتيب أعباء جديدة على الدولة بإجراء تغيير جوهري بالأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية بأن تلجأ الى تعديلات جمة على السياسة العامة للدولة كإعتماد سياسة الإقتراض او تقرير تنفيذ سياسة جديدة لمكافحة البطالة وصرف المليارات لتنفيذها أو تسليح الجيش، إلا إذا إتسمت الأعمال التي تدخل في إطار الأعمال العادية بطابع العجلة التي تفرضها حالة الضرورة المتأتية من ظروف إستثنائية ناتجة من حاجات أمن البلد الداخلي أو الخارجي ولإستمرارية الحياة الوطنية والناتجة عن مهل ملحوظة في القانون والدستور والمهددة بالسقوط في حال عدم تصدي حكومة تصريف الأعمال لها ما يؤدي الى بطلانها. فحكومة تصريف الأعمال مضطرة، بحسبه، في الحالات الأخيرة التصدي لها لأنها تتسم بطابع العجلة ، ولها ان تجتمع في فترة تصريف الأعمال لإتخاذ الإجراءات اللازمة.ويعتبر زغيب ،تبعا لذلك، ان مفهوم حكومة تصريف الأعمال مطاط إذ قد تستعيد كامل صلاحياتها حتى لو كانت مستقيلة إذا إضطرت الضرورة ذلك على ان تخضع قراراتها في فترة تصريف الأعمال لرقابة القضاء الإداري فحسب، والذي يمارسها على أعمالها فيبت إن كانت قراراتها تتسم فعلا" بطابع العجلة وبالمصادقة عليها او إبطالها. إذا مجلس شورى الدولة يحل مكان مجلس النواب لأنها حكومة مستقيلة ولم تعد مسؤولة سياسيا" أمامه.

يمر لبنان بظروف إستثنائية على كل الصعد وثمة إتفاق أولي على مستوى الموظفين وغير نهائي مع صندوق النقد الدولي وقعته حكومة ميقاتي قبل أن تعتبر مستقيلة . ويوضح زغيب أن الإتفاق مع صندوق النقد يستلزم أمورا" للقيام بها من السلطتين التنفيذية والتشريعية تحت طائلة سقوطه ، وعلى الدولة أن تحترم توقيعها بتحضير حكومة تصريف الأعمال ،إذا إستلزم الأمر، مشاريع قوانين لا بد أن تقوم بها لإحالتها على مجلس النواب الذي،في الرأي الراجح في الفقه في لبنان، لا يستطيع أن يشرع في ظل هكذا حكومة إلا في حال وجود طابع العجلة وضرورة تأمين إستمرارية السلطة العامة ونظرا" إلى طبيعة النظام البرلماني القائم على التعاون بين السلطات وليس على الفصل بينها فحسب، عدا عن أن التشريع عملية مشتركة بين هاتين السلطتين ومن حق الحكومة في إبداء الرأي واللجؤ الى الطعن بالقرار الصادر عن مجلس النواب أمام المجلس الدستوري في حال عدم موافقتها عليه . كل هذه الأمور غير متاحة لحكومة تصريف أعمال ما لم يطرأ أمر أساسي لتامين إستمرارية الدولة حيث يعود لمجلس النواب حق التشريع. ولكن يقول الدكتور زغيب "إذا من مستلزمات ناتجة عن الإتفاق المبدئي الموقع مع صندوق النقد الدولي تستوجب القيام بإجراءات تحت طائلة السقوط والإبطال وترتبط بمهل وبإستمرارية الحياة الوطنية لحراجة الوضع الإقتصادي فإن ذلك يستدعي إنجازها من الحكومة المستقيلة لأنها تتسم بطابع العجلة ولأن ثمة مهلا" قانونية لا بد من الإلتزام بها.

ولجهة بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين يلحظ المرجع الدستوري ان ثمة خطأ شائعا" مآله أن لبنان في حاجة الى إتفاقية دولية لترسيم حدوده البحرية، وهو الأمر غير الصحيح لأن الإتفاقية الدولية لها شروطها في حين ان ما يحتاجه لبنان إتفاقا عاديا بحسب المادة 52 من الدستور . وما يترتب عليه القيام به هو عمل آحادي ثم التصريح بما توصل اليه نهائيا في عملية الترسيم . والمسار الطبيعي ألا تقوم به حكومة تصريف الأعمال لأن موضوع الترسيم لا يرتبط بمهل ولا يستدعي في ظاهر الأمور العجلة . ويميز زغيب بين آليتي ترسيم الحدود البرية والبحرية التي تتسم بالمرونة حيث رسم لبنان حدوده البحرية بالمرسوم 6433 وارسل إحداثياته الى الأمم المتحدة عام 2011 ، وما نحتاجه اليوم هو الإتفاق ،ولو شفهيا مع اسرائيل عبر الوسيط الأميركي والسلطات اللبنانية المسؤولة على إعتماد هذا الخط أو ذاك من الفريقين لينصرف كل منهما إلى ترسيم حدوده على حدة ويصدر مرسوما" خاصا" بلبنان تمهيدا" لإيداعه الأمم المتحدة. وتاليا" هذا الأمر يمكن أن يحصل من خلال حكومة تصريف أعمال لأنه ليس مطلوبا" منها كحكومة مجتمعة ان توافق عليه ،بخلاف تعديل المرسوم المتعلق بالترسيم الذي يحتاج الى موافقة حكومة غير مستقيلة ، ولكن في الحالة الراهنة يعود إلى رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية مراسلة الأمم المتحدة وإبلاغها أن الإتفاق إستقر على هذا الخط وأنه سيعمل على تعديل المرسوم فور تشكيل حكومة جديدة. وبالنتيجة ما لم يبرز أمر يتسم بالعجلة لا تستطيع حكومة تصريف الأعمال بهذه الصفة ان تجتمع لبته.

اعلن الرئيس ميقاتي يوم تحول حكومته الى تصريف أعمال أن هذه الحكومة ستجتمع إستثنائيا عند الإقتضاء حرصا على مصلحة الدولة العليا. ويؤيد زغيب هذا الموقف تبعا لتفسيره ، عند وجود ضررورة وعجلة لإقتضاء الأمن الداخلي أو الخارجي هذا الأمر تلافيا لحصول حرب مثلا على أن ينظر مجلس الشورى بصفته الرقابية بمدى توفر هذه الضرورة. ولكن في غياب الخطر الخارجي أمنيا فإن الحال لا تتسم بطابع العجلة. لذا الاشارة ألى ان مفهوم تصريف الأعمال مطاط.


[email protected]




اقرأ في النهار Premium