استمر مجلس النواب بعقد جلساته المملة، بمشهدية أصبحت تقترب الى الكوميديا أكثر منها الى مؤسسة مسؤولة عن حياة شعب ووطن.
وأصبحت "ديوانية الخميس" الاسبوعية تشكل مسرحية أسبوعية لا تؤخذ على محمل الجدّ من أي من الحاضرين في مبنى ساحة النجمة، فأنفسهم الذين يصرّحون كل أسبوع التصريح ذاته لا يصدّقونه، كما من يسمعهم، لينتهي الأمر بعد نصف ساعة بنتيجة واحدة هي الخواء.
وكان أبرز مشهد في كوميدية هذه الجلسات هي انتقاد النائب ميشال دويهي بشدة من يقترعون بالورقة البيضاء وينعتهم بأبشع النعوت ليكشف لاحقا أنّه صوّت بورقة بيضاء لكنّه مزقها نصفين.
وفي الدورة الثامنة لانتخاب رئيس الجمهورية شارك 111 نائباً، فنالت الورقة البيضاء أكثرية 52 صوتاً، وتراجع ميشال معوّض إلى 37 صوتاً، فيما نال "لبنان الجديد" 9 أصوات وعصام خليفة أربعة أصوات وزياد بارود صوتين. ونال "التوافق" صوتاً والموقوف على ذمة التحقيق في قضية المرفأ بدري ضاهر صوتاً، و"الثوابت" صوتاً. وانتخب آخر "لولا دي سيلفا" و"لأجل لبنان" وصوت لبشارة أبي يونس.
الجديد في جلسة الخميس هو دخول نائبين جديدين الى مجلس النواب بعد قرار المجلس الدستوري هما فيصل كرامي وحيدر ناصر اللذان حلّا مكان رامي فنج وفراس السلوم.
ومع بداية الجلسة طلب النائب أنطوان حبشي الكلام بالنظام، واعتبر "باسم تكتل الجمهورية القوية" أن "البلد مأزوم بعد فراغ موقع رئاسة الجمهورية، وبوجود حكومة تصريف أعمال، لم يبقَ سوى مجلس النواب". وتوجه إلى رئيس المجلس نبيه برّي قائلاً: "القصة عندك دولة الرئيس كي تطبق القانون والدستور، خصوصاً أن جزءاً من المعطّلين هم من أقرب المقربين لحضرتك".
قاطعه برّي قائلاً: "عم تعملي خطاب؟ أنا أحد أكثر الناس حرصاً على انتخاب رئيس. وهذا الكلام لا يُوجه إليّ". فتابع حبشي "اطلب دولة الرئيس من رؤساء الكتل والنواب أن يبقوا داخل المجلس ونطبق روحية الدستور والقوانين".
وبدا واضحاً من نتائج التصويت، عودة ورقة "لبنان الجديد" الى الصعود وحققت 9 نواب هذه المرة، ما يدل على أن عمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا يزال مستمراً مع النواب السنّة الذي أعاد تجميعهم مرة جديدة بوجه معوض بعدما كان اخترقهم في دورات سابقة، ما ردّته مصادر متابعة الى ان اشتداد الخلاف بين معوض وميقاتي كان له الأثر الأكبر في هذا الأمر.
وبعد الجلسة أكد رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض، أنه "حان الوقت للعودة إلى الدولة، فالسلاح غير الشرعي والمحاصصات يؤثران على وضع اللبنانيين، وما يجمعنا هو الدستور"، موضحا أنه "لو انتظرت قراراً دولياً لما كنت طالبت بلبننة الاستحقاق، ولم أرفض الحوار أنا أمدّ يدي لكل الأفرقاء تحت سقف الدستور".
وأشار في تصريح من مجلس النواب بعد فقدان نصاب الدورة الثانية من جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، إلى أنه "بالجلسات يحصل طلاق مع الدستور ومع الشعب اللبناني، وهناك انفصام كامل بين جزء من المجلس النيابي وما يعيشه اللبنانيّون، ولا نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة".
واعتبر أن "المؤسسات الدستورية لا تعبّر عن متطلبات الشعب اللبناني"، لافتا إلى أن "في المجلس هناك حالة من الانفصام، مسرحيات، تطيير نصاب، أوراق بيضاء، حالة هزلية".
وقال معوض: "خسرتُ صوتَين بسبب قرار المجلس الدستوري بغضّ النّظر عن رأيي الخاص، بالإضافة الى خسارة 3 أصوات أخرى، فالصراع بالمجلس واضح بغض النظر عن رقم الاصوات، والنتيجة ليست كافية لخلق ميزان قوة حقيقي".
وأضاف: "اذا هناك حل وطريقة بديلة فنحن مستعدون، ولكن بالشعارات لا نصل إلى رئيس اصلاحي وسيادي، وإذا طُرح أيّ رئيس سيادي إصلاحي يُشكّل إمكانية لجمع المعارضة أو لتأمين النصاب فأنا مستعدّ شرط ألا يكون رئيساً غير قادر على التغيير فالمعيار الأساسي هو المواطن اللبناني".
وقال: "نقوم بحوار جدّي مع تكتل "لبنان الجديد" للتوصّل إلى اتّفاق على خارطة طريق بشأن الاستحقاق الرئاسي وأؤكّد أنّنا أصبحنا في مرحلة متقدّمة".
وتابع رئيس "حركة الاستقلال": الرئيس الذي يشكّل امتدادا للنهج القائم، الرئيس الرمادي والذي يدوّر الزوايا، سيزيد من الانهيار".
أما نائب رئيس مجلس النّواب الياس بو صعب، فأكد "أنّنا في لبنان ننتخب رئيس الجمهوريّة بطريقة تقليديّة لا يجب أن تستمر"، مشيرًا إلى أنّ "من الواضح أنّ النّائب ميشال معوض لا أفق لديه".
ولفت، في تصريح بعد رفع جلسة مجلس النّواب لانتخاب رئيس للجمهوريّة، إلى أنّ "الورقة البيضاء تعني أنّنا ندور في مكاننا، وتصويتي للوزير السّابق زياد بارود يعني أنّ هناك خيارًا ثالثًا". وشدّد على "أنّني لست مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ الفراغ الرئاسي، ولا يجب أن تستمر حكومة تصريف الأعمال في عملها بشكل عادي وسط ضرورة انتخاب رئيس جمهوريّة، لأنّ الاستحقاق الرّئاسي أولويّة".
وفي اشارة الى الخط السياسي للنائب الجديد حيدر ناصر وانتماءه الى محور الممانعة، أشار النائب مارك ضو إلى أن "حيدر ناصر "حمل حاله" وغادر من أوّل جلسة وبالتالي سقط شخص من التغييريين بطعن ليأتي مكانه شخص آخر يحمل "أجندة" سياسية".
وأضاف: "التأخير بانتخاب رئيس للجمهورية يؤدي الى افقار الشعب اللبناني، وحتى بعض النواب لا يتابع الفرز وهذا يدل على شخص غير مسؤول ونحن متمسكون برامي فنج فحيدر ناصر غادر الجلسة بالرغم من أنه حضر لأول مرة".
ولفت إلى أنني "والنائب نجاة صليبا سنصوّت لميشال معوّض، والمواقف واضحة ولا بدّ من اتفاق سياسي لانتخاب رئيس".