تقدّمت "القوّات اللبنانية" اليوم بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضدّ جمعية "القرض الحسن".
الإخبار حمل توقيع ثلاثة نواب هم فادي كرم وأنطوان حبشي وسعيد الأسمر، وذكر أنّ للموسسة 31 فرعاً وعدداً كبيراً من الصرّافات الآليّة، وتعتمد بطريقة مخالفة للقوانين وتعاميم المصرف المركزيّ على الإقراض مقابل ذهب أو كفالة أحد أعضاء مجلس إدارتها.
وأشار النوّاب عبر الإخبار الى أنّ الجمعية تنقل الأموال بشكل غير مشروع عبر حسابات مالية وهمية، ما يعرّض المؤسسات المالية اللبنانية الى عقوبات محتملة، بالإضافة الى أنّ النظام الماليّ اللبنانيّ خاضع لقانون النقد والتسليف الذي يوجب الاستحصال من مصرف لبنان على ترخيص، بغية القيام بأعمال الصيرفة والإقراض واشتراط إتمام هذه العلمليات حصراً عبر المصارف المرخّصة.
واتّهم النواب في إخبارهم المؤسسة بإقراض أموال مجهولة المصدر، من خارج المنظومة الرقابية القضائية والقانونية والمصرفية والنقدية اللبنانية، بما يخالف القوانين التي أصدرها المجلس النيابيّ اللبنانيّ لمكافحة تبييض الأموال.
واعتبروا عبر إخبارهم أنّه على الرغم من التوصيف القانوني بأنّها جمعيّة، فإنّ أعمال الجمعيّات التي تتعاطى القروض الصغيرة هي منظمة وفق التعميم 93 الصادر عن المصرف المركزيّ الذي نصّ في المادة الثانية منه أنّ الجمعيـات الأهليــة أو المنظمــات غيــر الحكوميــة التي يوافق مصرف لبنان على تعاملها مع المصارف، بهدف قيام هـذه الأخيـرة، مباشـرة وعلـى مسـؤوليتها، بمـنح "قـروض صـغيرة"، بالإضافة الى المادة الثامنة من التعميم التي تقول: "تمنح "مؤسّسات الإقراض الصغير" مهلـة حدّها الأقصى 31-7-2019 لتسوية أوضـاعها، ســيّما للتفـرّغ عـن القــروض الممنوحـة منهـا مباشـرة قبل تاريخ 16-8-2018، وأنّ المصارف ومصرف لبنان لا تستطيع التعامل مع هذه الجمعية بسبب العقوبات، واتّهامات بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي وجب حلّها.
واللافت في الإخبار اعتبار أن مصرف لبنان يمارس الحياد السلبيّ، ولا يقوم بدوره عبر إنشاء هيئة تحقيق قضائية تتابع قضايا تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو استقال من دوره في تطبيق القانون وحماية انتظام المال العامّ.
واثر تقديم الإخبار، قال النائب أنطوان حبشي انّ "القضاء اليوم أمام امتحان جديد. من يُطالِب بدولة يُطالَب بقضاء أساسه العدل والاستقلاليّة."
وبرأي "القوات" انّ هناك من يريد تدمير القطاع الماليّ ككلّ خلال الأزمة الحالية، وتحويل الاقتصاد الى اقتصاد "كاش" مدولر".
أضف الى أن أنواع المصارف كالقرض الحسن "يتوسع بأعماله خارج إطار القانون، وبشكل غامض لتصريف الأموال النقدية التي تتدفّق بطرق مشبوهة، وهذه المؤسسة المسمّاة القرض الحسن هي جمعية وليست مؤسسة مصرفية، ولا تخضع لرقابة القطاع المصرفيّ و الهيئات الناظمة أو مصرف لبنان، وبالتالي، فهي خارجة عن القانون، وممارساتها تستوجب سحب وزارة الداخلية ترخيصها".
وترى "القوات" انّ هناك عمليّة لاستبدال كلّ القطاعات والأطر المكوّنة للدولة. فهناك سلاح بديل وسياسة خارجية بديلة، والآن نحن أمام نشأة قطاع مصرفيّ بديل ضمن هذه المنظومة الرديفة للدولة، فيما كلّ شيء يتعلق بالدولة ومقوّماتها يتهاوى وينهار ويتفكّك ويتوقّف عن العمل"، مشيرة الى أنّه لن يكون هناك كلل أو ملل من الجهات المعارضة لهذه الحال الخارجة عن الدستور، بل ستستمرّ بمواجهتها بكلّ الأساليب الديموقراطية والدستورية المتاحة".
وعن الهجوم على "مصرف لبنان"، تعتبر مصادرها انّ "المصرف لا يقوم بواجباته ولم يؤلف هيئة تحقيق، ولم يصدر أيّ قرار في هذا الشأن، وبالتالي فهو لا يمارس دوره ومتقاعس عن تنفيذ القانون، ويُعتبر مشاركاً في الجرم بطريقة غير مباشرة ووجب التحقيق معه".
وتستبعد "القوّات" أن توقف هذه المؤسّسة عملها، وخصوصاً أنّها تعمل خارج القوانين اللبنانية، ولا تلتزم بأيّ قرارات قضائية وغير قضائية، وهي محمية سياسياً، ولن يكون هنا دور القضاء عبر أداء واجباته، وتبقى قراراته نافذة، إلى حين بناء الدولة التي نسعى إليها.
تجدر الإشارة الى أنّ الإخبار المقدّم ليس الأوّل ضدّ الجمعية، فقد سبق للمحامي مجد حرب ومجموعة من المحامين أن تقدّموا بإخبار ضدّها لدى مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، قبل أن يتمّ حفظه.
في هذا الإطار، يقول النائب فادي كرم لـ"النهار": "إذا حصل تراخٍ من بعض القضاء فهذا لا يعني أنّ القضاء جميعه متراخٍ، وهناك أكفّاء وعلى القضاء أن يقوم بدوره كما يجب"، سائلاً عن "عمل جمعية خيرية بالإقراض المصرفيّ، والتوسّع بهذه الطريقة التي تتجاوز مهام أيّ جمعية، وتتحوّل إلى مصرف كبير ولكن غير شرعيّ".
وعمّا إذا كان تحرّكهم سياسيّاً في هذا التوقيت، خصوصاً أنّ الجمعية موجودة منذ زمن طويل، يضيف كرم: "هناك مخالفة قانونية واضحة في عملها، وعندما يقول القضاء لا توجد مخالفة، وعمل الجمعية قانونيّ، عندها نتحدّث في السياسة".
وعن رأي مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون أن لا شأن لمحكمة التمييز في هذا الملفّ، وهذا شأن النيابة العامة المالية، يشدّد كرم على أنّه "لا يؤخذ على كلام غادة عون ولا على فتاويها، ولكن من الممكن التقاضي في هذا الملفّ أمام المحكمتين المالية والعادية كون الجمعية خالفت القوانين التي تختصّ بالجمعيات أيضاً".
ويعد كرم بخطوات أخرى سيقومون بها لاحقاً لملاحقة هذه الجمعية، من دون أن يكشف عن مضمونها، مؤكّداً أنّهم سيتابعون حتى النهاية، لأنّ الأمر "أصبح يمسّ بالنظام الماليّ اللبنانيّ بشكل عام، فهي عندما كانت جمعية تعمل ضمن الإطار الضيّق، لم يقترب منها أحد، ولكن عندما وسّعت نشاطاتها تحرّكنا، وسنكمل حتى النهاية".