إعلان المجلس التنفيذي لنقابة "اوجيرو" إستمرار الإضراب العام في كل قطاعات هذه المؤسسة الذي بدأ منذ الثلثاء الماضي وأدى ألى توقف أعمال الصيانة والتشغيل في المناطق مطالبين بتصحيح رواتب العاملين بعد زيادة فاتورة الإتصالات وإسوة برفع رواتب موظفي قطاعي الخليوي، قرار لا يطمئن الى شريان الإتصالات التي قُطعت بفعل هذا الإضراب، إذ لم تنجح المفاوضات الجارية حتى الساعة بين ممثلي النقابة ووزير الإتصالات جوني قرم الذي يسعى مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل لإيجاد مخرج يؤدي الى العودة عن هذا الإضراب، ولاسيما ان شلّ حركة الإتصالات والانترنت في البلاد له بالغ الأثر على الإقتصاد المأزوم أصلاً، ويشكل توقف هذا الشريان الحيوي ضربة جديدة تساهم على نحو مباشر في الإنهيار الحاصل في الدولة .
ويبدو، على أحقية مطلب زيادة الرواتب لهذه المؤسسة في الزمن الإقتصادي الضيّق، ان هذا المطلب يحمل ثنايا تعجيزية باحتساب الراتب على سعر منصة "صيرفة"، وفق ما تردد، لهذه الفئة من القطاع العام، الأمر الذي يُعدّ عالي السقف ولا يتماشى منطقيا مع واقع الحال المالي ويخالف مبدأ المساواة في رواتب القطاع العام، وفق مصادر قانونية، في حين أنه معروف عن رواتب موظفي "أوجيرو" أنها كانت تتسم بتمايزها عن سائر موظفي القطاع العام في الزمن الإقتصادي الصحي، وتذهب التقديرات الى ان راتب احد المسؤولين فيها 70 مليون ليرة قبل الأزمة النقدية، لتشير في الوقت عينه الى أن هذه المؤسسة تعاني في بعض الجوانب من تخمة توظيفات جرت على قاعدة المحسوبيات، علما أن الزيادة في التوظيف لحظها تقرير ديوان المحاسبة الصادر في نيسان الماضي، والذي تحدث عن توظيف 378 مياوما عام 2018، في شكل يخالف المادة 21 من قانون موازنة 2017. ولا تزال مراجعة في صدد هذه الزيادة عالقة أمام مجلس شورى الدولة بموجب ادعاء النائب العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس.
واستطرادا، تعتبر هذه المصادر ان الرواتب ستسجل ارتفاعا ملحوظا في هذه المؤسسة في حال اعتماد سعر دولار منصة "صيرفة"، عدا عن انعكاس هذه النسبة المرتفعة في الزيادة على سائر قطاعات الدولة الأخرى ومخالفتها مبدأ المساواة بين موظفي القطاع العام كون "أوجيرو" من المؤسسات العامة التي تتمتع بأنظمة خاصة تخضع بدورها للنظام العام في المؤسسات العامة الذي يطبق عليها طبقاً لدرجات الفئات من المدير العام ومن يعادله في الفئة الأولى، ثم فئة رؤساء المصالح والمديرين وفئة رؤساء الدوائر والأقسام وفئة الكتّاب ومن يعادلهم. وتعتبر المصادر القانونية أن مطلب الموظف تحسين راتبه حق مشروع في المبدأ، لكن ليس من الضروري أن يحق له أكثر من غيره، كما يغدو الأمر مبالغا فيه بمطلب صرف دولار 1500على دولار منصة "صيرفة" الذي تجاوز عتبة الـ 27 ألف ليرة. ورأت أن مطلب رفع السقف، في حال صحته، يضر أكثر مما ينفع، وقد يحمل على الإعتقاد بأنه استغلال للظرف، مشددة على ان حل مشكلة الرواتب يجب ان يكون حلا عاما في القطاع العام وليس على القطعة، ومبدية خشية من استمرار الإضراب لتأثيره على ما تبقّى من اقتصاد وعلاقات تجارية ودولية وعمل الشركات التي لا تزال واقفة على أقدامها .
[email protected]