مدخل قصر بعبدا (أرشيفية، حسام شبارو).
مع أنّ قوى المعارضة و"التيار الوطني الحر" لم تعلن ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور كما كان مرتقباً حتى ليل أمس، فإنّ ذلك لم يحجب حقيقة أنّ المشهد الرئاسي والسياسي صار بمجمله تحت وطأة مفاعيل هذا الترشيح حتى لو تأخّر لساعات. ولكن أولى طلائع هذا الترشيح جاءت ليلاً على لسان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل عبر خطاب ألقاه في الاحتفال السنوي لـ"التيار" في جبيل، إذ أعلن أنّه "صار معروفاً أنّنا تقاطعنا مع كتل نيابية أخرى على اسم جهاد أزعور من بين أسماء أخرى مناسبة وغير مستفزّة وهذا التقاطع هو تطوّر مهم وإيجابي كي لا نتهم بتعطيل الانتخاب". وأشار إلى أنّنا "أعطينا موافقتنا على عدد من الأسماء وهم اختاروا واحداً منها وبرأينا أنّه يجب التقاطع على اكثر من اسم لمزيد من المرونة لأنّ المطلوب أيضاً هو التوافق مع الفريق الآخر من دون تحديه". وأكد أنّنا "مدركون أنّ الظروف الحالية لا تسمح بوصول رئيس للجمهورية من التيار وهمنا وصول رئيس يناسب المرحلة"، واعتبر أنّنا "لسنا ضعفاء لا داخل التيار ولا خارجه وما حدا بيمسكنا بإيدنا يلي بتوجعنا لأنّ هناك عد أصوات في انتخابات الرئاسة وصوت التيار اقوى واعلى من الكل". واعتبر أنّ "الفرض من أي جهة يؤدي إلى فشل الرئيس ولو نجح في الانتخاب ونريد رئيساً لا احد يفرضه علينا ولكن نحن أيضا لا نفرضه على احد وهذه هي المعادلة الممكنة اليوم أي تفاهم اللبنانيين وتوافقهم على الرئيس والبرنامج هو الحل ".
والواقع أنّ الكواليس السياسية تفاعلت مع الوقائع الجديدة التي برزت من خلال إنجاز تفاهم القوى المعارضة مع "التيار الوطني الحر" على المضي قُدماً في إعلان ترشيح أزعور والسعي إلى استقطاب أكثرية نيابية وازنة لمصلحته ورصد ردود فعل الفريق الداعم لترشيح سليمان فرنجية، وتالياً تبيّن الموعد الحتمي لانعقاد جلسة مجلس النواب في ظل هذا التطوّر. وإذا سارت الأمور وفق ما هو مرتقب في مطلع الأسبوع بعد أن يكون ترشيح ازعور اكتمل فصولاً ببيانات لاحقة صادرة عن الأفرقاء الداعمين لترشيحه، فإنّ الأسبوع المقبل سيغدو أسبوعاً استثنائيّاً لجهة رسم التوجهات الجديدة التي أخذها الاستحقاق الرئاسي خصوصا أنّ مسألة دعوة رئيس المجلس نبيه برّي إلى جلسة انتخابية ستغدو مسألة محسومة بصرف النظر عن المجريات والتوقعات الاستباقية لانعقاد الجلسة وما يمكن ان تسفر عنه. كما أنّ الأمر الموازي المهم للدعوة وتحديد موعد للجلسة سيتمثل في تحديد مواقف الافرقاء والنواب والكتل الذين لا يزالون في نقاط وسطية أو محايدة أو محيرة باعتبار أنّ هذه المجموعات هي التي سترجح كفة الأكثرية لأيّ من المرشحين. وأفادت مصادر المعارضة، أمس، أنّه نتيجة التواصل خلال الساعات الأخيرة بين المعارضة وبعض النواب المستقلين والتغييريين و"التيار الوطني الحر" تم التوافق على تنسيق الخطوات وإعلان موقف في موضوع التقاطع على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية. وستعقد كتل المعارضة وعدد من النواب المستقلين والتغييريين مؤتمراً صحافيّاً اليوم الأحد الساعة السادسة مساء في دارة النائب ميشال معوض.
وفي غضون ذلك تتجه الأنظار إلى العظة التي سيلقيها اليوم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والتي ينتظر أن تتضمن اضاءات على طبيعة التحرك الذي أطلقه بعد عودته من زيارتيه للفاتيكان وفرنسا عبر جولة اتصالات مع مختلف القوى السياسية، بمن فيها "حزب الله".
وتردّد أنّ نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب زار الرئيس بري في عين التينة بعيداً من الإعلام، دون معرفة تفاصيل هذه الزيارة فيما يعتقد ان الجلسة المفترضة لمجلس النواب كانت محور هذا الاجتماع.
في هذا الاطار، أشار عضو تكتل "لبنان القوي" النائب غسان عطالله إلى أنّ جهاد أزعور مرشح جدي وليس مرشح مناورة.وقال: "لدينا مرشح موحد وإن فتح المجلس لإنتخاب رئيس سنذهب ونصوت لجهاد أزعور". وتابع: "انتخاب رئيس هو استحقاق مسيحي وعلى المسيحيين أن يكون لهم القرار الأول وسنحاول أن نصل إلى تفاهم مع الآخرين كي لا يكون مرشحنا رئيس تحد. عُرض على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل العديد من وظائف الدولة من قبل الثنائي الشيعي مقابل السير بفرنجية ولكن نحن رفضنا هذا الأمر وبقينا على موقفنا بعدم السير به". ولفت عطالله الى ان "مبدأ التسلّط لدى حزب الله يتجلّى بفرض رئيس على المسيحيين".ورأى ان "نتائج اجتماع اللقاء الديمقراطي مرتبطة بالرئيس تيمور جنبلاط وأعتقد أنّه سيُسمّي جهاد أزعور".
وفي السياق عينه، أكدت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائبة غادة أيوب، أن "هناك تقاطعا مع التيار الوطني الحر على ترشيح الوزيرالسابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية ويوم الإثنين المقبل كحد أقصى سيتم الاعلان عن موقف المعارضة بالذهاب نحو ترشيحه للرئاسة والتلاقي واضح بين مختلف قوى المعارضة". من جهته، اعلن عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب أنطوان حبشي أن "في حال جدية التقاطع المستجد فالأصوات التي قد ينالها المرشح جهاد أزعور ستتخطى 65 صوتاً"، متحدياً الرئيس بري خوض غمار جلسات التصويت المتتالية معلناً الانفتاح على أي حوار وفق ثوابت واضحة قائمة على دولة بمعناها الحقيقي لكن الدعوة للحوار كما تمت لم تكن بريئة.
أمّا موقف "اللقاء الديمقراطي"، فعبّر عنه النائب بلال عبدالله بقوله إنّ "الحزب التقدمي الاشتراكي يريد مرشحاً توافقياً يؤمن صيغة توافقية داخلية". وقال إنّ "اجتماع اللقاء الديموقراطي الثلثاء المقبل سيحمل كل الخير للبنان". وأضاف: "رشحنا اسم جهاد أزعور لرؤيته الاقتصادية وخبرته الناجحة في وزارة المالية، لكن المطلوب اعادة التفتيش عن مساحة حوار جديدة والبحث عن مرشح مشترك بين كافة القوى السياسية وسنعلن موقفنا بعد أن نلمس بأن كافة الأطراف توافقت على مرشح معيّن".
وفي السياق، قال النائب غسان سكاف إنّ "اللقاء الديمقراطي" عبّر عن موقفه بعدم السير بأزعور بكلّ وضوح بعد الانقسام في المجلس ولكنّ القرار النهائي يعود له ومن الصعب في الدورة الأولى أن نصل إلى أكثر من 65 صوتاً في ظلّ التجاذبات. وقال: "أعمل للجوء إلى تسوية لمحاولة الوصول إلى تزكية إسم من أجل عدم الوصول إلى معركة كسر عضم بين الثنائي الشيعي والثلاثي المسيحي لأنّ البلد لا يحتمل أيّ انقسام عمودي".
في المقابل، أكد رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين، أن "الطريق الوحيد المتاح لإنجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية هو التفاهم والتوافق، فطبيعة لبنان ونظامه والمعادلة الموجودة داخل المجلس النيابي بعد الانتخابات النيابية التي حصلت، تفرض على الجميع، أن أي انتخاب لرئيس للجمهورية في لبنان، يجب أن يكون محل توافق".وشدد على أن "ليس من جهة لوحدها قادرة أن توصل رئيسا للجمهورية في لبنان أيا كان هذا المرشح، بغض النظر عن اسمه وطبيعته وانتمائه ولونه وخياراته السياسية، وبالتالي، ما لم تتوافق الجهات مع بعضها البعض، فلا يمكن أن ننجز الاستحقاق الرئاسي".