النهار

وزير الخارجية الأردني لـ"النهار العربي": ننتظر من لبنان آلية تتيح ترجمة الدعم العربي ولم نطرح منظومة إقليمية تضم إسرائيل
المصدر: "النهار العربي"
وزير الخارجية الأردني لـ"النهار العربي": ننتظر من لبنان آلية تتيح ترجمة الدعم العربي ولم نطرح منظومة إقليمية تضم إسرائيل
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
A+   A-
حاورته نايلة تويني

يولي الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لبنان اهتماماً خاصاً تجلى خصوصاً في عواصم القرار الغربية والدول الإقليمية، حيث نبه مراراً إلى تداعيات أزمته الاقتصادية والسياسية والمالية، وحذر من كارثة إنسانية، مشدداً على ضرورة مساعدته ومنع انهياره.

كذلك، تقود المملكة حراكاً عربياً لافتاً في سياق رغبة واضحة في تنسيق آليات العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة.

وشارك وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في بيروت حيث التقاه "النهار العربي" زميلاً سابقاً عزيزاً في "النهار" ورئيساً لديبلوماسية نشطة تحرص على دعم لبنان في المحافل الدولية وتحمل لواء المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.

لبنان والقضية الفلسطينية وزيارة بايدن وحقيقة "الناتو الشرق أوسطي" والمحادثات السعودية-الايرانية وغيرها... عناوين رد عليها الوزير الصفدي. وهنا الحديث:


+قلت في كلمة لك في دافوس في أيار (مايو) الماضي إنه يجب عدم السماح بانهيار لبنان "لأن الجميع سيدفع الثمن"... هل كان كلامك تحذيراً مبنياً على التعاطف أم تحذيراً مبنياً على معطيات واضحة لديكم أن الانهيار الشامل احتمال قائم فعلاً؟

- موقفنا حيال لبنان موقف سياسي. جلالة الملك يتحدث دائماً عن وجوب حماية لبنان من الانزلاق أكثر. مرة أخرى أكرر يجب ألا يسمح للبنان بأن ينهار لان في ذلك خسارة لدولة كان لها دور كبير في بناء منظومة العمل العربي المشترك، إضافة الى سمات ثقافية وحضارية.... وبالتالي حماية لبنان مما هو فيه لايصاله الى مستقبل أفضل هو أولوية بالنسبة الينا. في الأردن نتحدث دائماً عن وجوب بذل جهد حقيقي لمساعدة لبنان سواء إقليمياً أو دولياً بدءاً من تقديم ما يحتاج إليه آنياً للحؤول دون المزيد من التدهور مروراً بوضع استراتيجية عمل حقيقية وصولاً الى استعادة لبنان عافيته.

ولكن بصراحة يجب أن يبدأ العمل من الداخل اللبناني. الكل يدرك خطورة الوضع، ولكن الخطوة الأولى للإنقاذ تكون بتمكن الأشقاء في هذا البلد من التوصل الى آلية عمل تتيح لهم تجاوز القضايا السياسية الداخلية وصولاً الى استقرار سياسي يمهد لاستقرار اقتصادي وتنموي.


+كيف يمكن للبنان أن يستفيد من هذا الحضور العربي فيه حالياً في ظل أزمته الكبيرة؟ ومتى يستفيد لبنان من كهرباء الأردن ومصر؟

- صحيح أن اجتماع وزراء الخارجية في بيروت كان اجتماعاً تشاورياً لكن الحضور العربي هو أيضاً رسالة دعم للبنان، وللقول إن الجميع يثمن دور هذا البلد والسير بمساعدته. ولكن نأمل أن تبدأ الخطوة الأولى من الداخل بالآلية المطلوبة من أجل ترجمة هذا الدعم الاقليمي والدولي إلى خطوات عملية.

في موضوع الكهرباء، كان جلالة الملك تحدث مع الرئيس بايدن العام الماضي حول ضرورة ايصال الكهرباء الى لبنان، كجزء من السياسة الأردنية لتقديم ما نستطيعه من دعم. وكان هناك مساران، ربط كهربائي من الأردن إلى لبنان، وايصال الغاز المصري عبر الاردن وسوريا. في ما يتعلق بالربط، نحن أنجزنا الاتفاقية منذ أشهر ومستعدون لبدء الربط الكهربائي في اللحظة التي ينجز فيه لبنان الاتفاق مع البنك الدولي ويحصل على الاعفاء من عقوبات "قانون قيصر". وبالنسبة الى الاخوان في مصر، فقد تم توقيع الاتفاق الاسبوع الماضي.


+العلاقات اللبنانية – الخليجية شهدت توتراً كبيراً قبل شهور، تحسنت الأمور لكن ليس بالشكل الكافي... ما المطلوب برأيك لتجاوز تداعيات تلك الأزمة؟

-حصل انفراج في العلاقات، وأصدقاؤنا في الخليج يقولون إنهم حريصون على دعم لبنان. ثمة قضايا قد تحتاج إلى إنضاج، ولكن الحوار مستمر والمبادرة الكويتية كانت مهمة. الكل ينتظر ما سيجري في لبنان داخلياً. حصلت انتخابات نيابية، والآن هناك تأليف الحكومة والانتخابات الرئاسية. فهل يستطيع اللبنانيون تجاوز هذين الاستحقاقين بما يخدم مصلحته وتطلعات شعبه؟ هذا ما نتمناه وندعمه ونقوم بكل ما نستطيع من أجل تحقيقه دون التدخل في الشأن الداخلي.


+مناسبة زيارتكم لبيروت هي الاجتماع... هل ظهرت خلافات على الأولويات العربية؟

-كان هناك حديث مهم اليوم حول آلية تفعيل العمل العربي. ولبنان كان موضوعاً رئيسياً وكان هناك شعور بأن الجميع يريد أن يدعم هذا البلد. وناقشنا موسعاً القضية الفلسطينية وكيفية التعامل مع المشهد السياسي المتغير في إسرائيل لابقاء القضية الفلسطينية أولوية دولية، وإعادة اطلاق مفاوضات جادة نحو تحقيق الحل الذي لن يحقق السلام العادل والشامل الا إذا لبى حقوق الشعب الفلسطيني.

هذا الأفق غائب. الاجراءات الاسرائيلية تقوض حل الدولتين من استيطان الى مصادرة أراضي وتهجير سكان وعدم احترام الوضع القانوني والتاريخي للحرم القدسي. بحثنا اليوم في ما يمكن القيام به كعرب للحؤول دون المزيد من التدهور.


+هل تحظون بدعم عربي ودولي كاف لمعركتكم في الدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية؟

-نحن نتحدث عن المقدسات الاسلامية والمسيحية، وكلاهما مهم للأردن. ثمة دعم عربي واسلامي لضرورة الحفاظ على الوضع القانوني القائم، ولكن في مواجهة غياب أفق تحقيق السلام، ثمة خطر بتفجر الأوضاع.

الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية هاشمية ولكن مسؤولية حماية هذه المقدسات هي مسؤولية فلسطينية – أردنية – عربية - دولية لأن العبث بالقدس هو دفع المنطقة باتجاه الانفجار.


+بعض العرب يرى أن الأولوية يجب أن تكون لمواجهة إسرائيل، وآخرون يضعون التهديد الإيراني في رأس الأولويات... هل تشهد اجتماعاتكم التشاورية خلافات في هذا الشأن؟

-التحديات التي تواجهها منطقتنا متعددة، سياسية وغير سياسية. وليس هناك خلافات على الأولويات. أمن الخليج هو جزء من أمننا واستقرارنا والقضية الفلسطينية مركزية واستمرار الفشل ينعكس علينا. وكلنا يدرك أيضاً أن الازمة السورية طالت.


+وهل نرى سوريا قريباً في الجامعة العربية؟

-هذا قرار عائد للجامعة العربية. ولكننا كلنا نريد أن تنتهي الأزمة السورية لتستعيد البلاد أمنها واستقرارها. كلنا دفع ثمن الأزمة، وإن الشعب السوري دفع الثمن الأكبر. نتحدث عن ضرورة العمل في شكل أكثر فاعلية لحل هذه الأزمات، ولا يوجد تناقض. نتفهم ألا تكون الأولويات واحدة لأسباب مرتبطة بالجغرافيا ولكن هناك تكامل في الرؤى.


+كان الملك عبدالله أول من حذر من "هلال شيعي" في المنطقة، هل يفاقم انكفاء روسيا في المنطقة من هواجس الاردن؟

-جلالة الملك تحدث في السياق السياسي في إطار العلاقات العربية-الإيرانية وليس في السياق المذهبي أو الطائفي. ولكن كما قلت من أجل الوصول الى علاقات عربية-إيرانية صحية يجب معالجة أسباب التوتر بدءاً من التدخلات الايرانية في الشؤون العربية وممارسات أخرى مثل دعم قوى تؤثر على الاستقرار العربي.


"ناتو شرق أوسطي"

+أثارت فكرة "الناتو الشرق أوسطي" التي أثارها الملك عبدالله الثاني اهتماماً واسعاً... ما هي حقيقة الفكرة؟

-جلالة الملك لم يطرح هذه الفكرة. سئل عنها في مقابلة عن آلية للمنطقة العربية، ولم يكن الحديث عنها كامتداد للناتو الغربي، وإنما نموذج إقليمي لمواجهة تحديات مشتركة. نحن في المملكة نقف مع أي طرح يدعم التعاون العربي في مواجهة كل التحديات، وبالتالي نقف مع أي طرح عربي يضمن تكاملاً عربياً في مواجهة تحديات دفاعية والارهاب والامن الاقتصادي.


+رغم نفيكم، يصر البعض على ان ثمة توجهاً لانشاء تحالف تكون إسرائيل جزءاً منه.

- لم يطرح أي حديث عن منظومة إقليمية دفاعية أو أمنية تكون إسرائيل جزءاً منها. ما نتحدث عنه في الأردن هو محاولة ايجاد آلية عمل عربي تمكننا من مواجهة التحديات المشتركة. هناك معاهدة دفاع عربي منذ الخمسينات ولكنها عملياً غير فاعلة. وهناك تحديات تصب في مفهوم الأمن الشامل الذي تحديث عنه الأردن، لذلك ما طرح ويطرح عن تحالف إسرائيلي-عربي لمواجهة إيران ليس متداولاً في الأردن ولسنا جزءاً منه ولن يكون مطروحاً في قمة جدة.


قمة جدة

+تستعدون لزيارة الرئيس بايدن للمنطقة وقمّة جدة...هل تبلور أي تصوّر عربي مشترك لمواقف عربية موحدة في اللقاء مع الرئيس الأميركي؟

-التنسيق مستمر وهناك مصالح مشتركة وجميعنا نريد العمل من أجل استقرار المنطقة. الولايات المتحدة شريك لنا جميعاً، وزيارة الرئيس بايدن ستكون فرصة للتعرف كيف نجسّر بين أفكارنا لمواجهة التحديات وبين ما يمكن أن تقدمه بلاده. وبالتأكيد سيتم التطرق الى الحرب الروسية-الأوكرانية. وبالطبع الموقف العربي واضح لجهة ضرورة احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة سيادة الدول. القمة فرصة لتعميق آليات الأمن الاقليمي ولن تكون مساحة للتطبيع العربي-الاسرائيلي ولن تكون محطة لبلورة حلف عربي ضد ايران.


+زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للأردن كانت لافتة في دلالاتها وتوقيتها... ما أبرز خلاصاتها بالنسبة إليكم سياسياً واقتصادياً؟

-الزيارة كانت مهمة جداً وناجحة على كل الصعد وأكدت أننا نعمل معاَ كبلدين شقيقين وجارين من أجل أن نكمل بعضنا في بناء المستقبل. كان هناك حديث في تعاون استثماري في المياه والطاقة ومقاربة التحديات السياسية التي نواجهها. وعكست الزيارة الحرص من الجانبين على أن نعضد العلاقات التاريخية الاخوية التي تجمعنا عبر خطوات عملية تساهم في تحسين التعاون الاقتصادي والاستثماري.


+ الملك عبد الله الثاني زار الإمارات بعد زيارة ولي العهد السعودي للأردن... ما الذي يمكن أن يخلص إليه هذا التعاون والانفتاح العربي – العربي؟

-نؤمن بأنه كلنا عملنا معاً زادت الفرص على تجاوز التحديات. المرحلة التي تمر بها المنطقة صعبة جداً سواء باستمرار غياب آفاق السلام والازمات السورية واليمنية واللييبية ودعم العراق. ولكن الحديث ليس فقط عن أزمات سياسية وإنما أيضاً هناك الكثير من المشاريع التي يتعين علينا العمل معاً عليها، من الطاقة البديلة والسكك الحديد إلى الاستثمارات... أشقاؤنا في الإمارات يستثمرون في شكل كبير في الأردن، ونعمل معاً من أجل تطوير قطاعات.

الكل يدرك أنه لا يمكن الاستمرار في غياب العمل المؤسساتي على مستوى المنطقة.


+هل ترون أن إنهاء التوتر في المنطقة يستوجب مصالحة سعودية – إيرانية، وفي هذا السياق، كيف تنظرون إلى الوساطة العراقية للحوار بين الرياض وطهران؟

-العراق يقوم بما يستطيعه. ومعلوماتنا أن ثمة حواراً بين الجانبين، ونحن دائماً ندعم الحواركأفضل السبل لمعالجة الأزمات .هناك أزمة وتوتر وخلافات، والحوار أفضل السبل لمعالجتها. إن علاقات عربية-إيرانية متوازنة قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية هو شيء جيد.




اقرأ في النهار Premium