هي قصة "ابريق الزيت" الحكومية. شروط باسيل وعِقد باسيل تلهّف لمكاسب وحصص وتبدية "الأنا" السياسية على مصلحة الوطن والدولة والحقوق. يعطّل استحقاقات ويرسم تسويات وينسج صفقات وكأن لا تشرين ولّد انتفاضة ولا أزمة تثقل كاهل شعب ووطن بات عرضة لكل أنواع عدم الاستقرار.
في خضم المواجهة الحكومية، يقف الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي بثبات أمام أطماع "التيار"، مع دعم خجول يتطلّب مواقف أكبر وأجرأ خصوصاً من المرجعيات السُنية والمسيحية، لأنّ خطورة المسألة تكمن في بُعدها الوطني، وليس الطائفي الضيّق.
الهوة اليوم تتعمّق حكومياً، بسبب هول الشروط الباسيلية التي توضع أمام إنجاز الاستحقاق، فيما الرئيس المكلّف، ليس في وارد التنازل، وهو أمر بات معلوماً، فحسابات نهاية العهد تختلف عن بداياته، وسط جرعة دعم دستورية تلقاها ميقاتي من الرئيس نبيه برّي الذي قال من صور انّ المجلس النيابي هو الوحيد من لديه صلاحية تفسير الدستور". وهو كلام – رسالة بأنّ الحيل القانونية التي تطرحها منظومة بعبدا – ميرنا الشالوحي مكشوفة الأهداف وعقيمة.
الجديد اذا هو تكريس اللاتأليف، فبعدما كان النقاش يدور بشأن الوزيرين الذي طلب ميقاتي استبدالهما، أو حتى توسيع الحكومة عبر زيادة 6 وزراء دولة، وهو المبدأ الذي لطالما رفضه الرئيس المكلّف، بات الحجر الحكومي أطول مسافة وأكبر، وبات الحديث يدور عن سلّة كاملة متكاملة، وكأنّ الحكومة هي حكومة العهد الأولى أو كأنهم يشكلون الحكومة الأولى لعهد باسيل.
وينبّه مرجع متابع لملف التشكيل لـ"النهار" من أنّ إعادة مراكمة المطالب يزيد من تعثر الحركة الحكومية والمبادرات الإيجابية، وطرح الشروط التعجيزية في نهاية العهد، والتعنّت على الشروط لتشكيل حكومة تتناسب مع شروط وأهواء جبران باسيل، في مسعى من الأخير لاستغلال موازين قوى ليست لصالحه ولا من صالح العهد، من شأنه أن يرتّب ستاتيكو جديداً للدخول إلى الفوضى والمجهول.
دور "حزب الله"، بحسب معلومات المرجع لا يتعدّى التمني فقط، على رغم مطالباته بتفعيل الحكومة الحالية أو تأليف حكومة جديدة. وردّ بعض المحللين رغبة الحزب بتأليف حكومة جديدة بصلاحيات كاملة قادرة على اتخاذ القرارات بالأصالة عن نفسها وبالوكالة عن رئيس الجمهورية، إزاء ملفات وتحديات داهمة، أبرزها اتفاقية الترسيم الحدود البحرية مع إٍسرائيل، في ظل تيقّن الحزب من أننا مقبلون على فراغ رئاسي محتّم، وأن إمكانية التوقيع على أي اتفاقية بشأن الحدود شبه مستحيل نتيجة تأجيل الإسرائيلي مهلة أيلول، وبالتالي عدم قدرة الرئيس ميشال عون على توقيع أي اتفاقية بانتهاء ولايته ووجود حكومة تصريف أعمال، لا تدخل مسألة التوقيع على اتفاقيات من ضمن صلاحيات الرئيس المنتقلة إليها.
كما وتشير المعلومات إلى أنّه وعلى أبواب استحقاقات كبيرة ومفصلية في المنطقة، قد تغيّر من خارطة المرحلة المقبلة، من المفيد للحزب أن يتعاطى مع الملفات الداهمة إقليمياً انطلاقاً من أرضية ثابتة وجبهة محصّنة داخلياً، من هنا، هناك ترقب لكيفية تعاطي "حزب الله" مع حليفه المسيحي، على ضوء الانتقادات الحادة التي صدرت من حليفه الشيعي تجاه فريق "ما خلّونا".
"حزب الله" بدوره، بحسب ما تقول مصادر قريبة منه، اكتفى بتقديم النصح، لكنّ رأيه حاسم بأنه يجب ان تتشكل حكومة بغض النظر عن الالتباس القانوني، بعدم تسليم صلاحيات رئيس الجمهورية الى الفراغ أو إلى حكومة غير مكتملة الصلاحيات، بالنسبة للحزب الأولوية تشكيل حكومة، وما قام به تقديم النصح لحليفه التيار الوطني الحر
أنه من الأفضل تشكيل حكومة. وتقول المصادر: "منذ البداية نعتبر ان عملية التشكيل هي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، ولا اعتراض على ما يتم الاتفاق عليه بينهما، أكان حكومة موسعة، أو خيار تغيير وزيرين، المهم بالنسبة لنا تشكيل حكومة، ولم نتدخل لا مع الحليف ولا مع رئيس الجمهورية ولا مع الرئيس المكلّف، لكن ما نقوله: "حلّوها لأنو بدنا حكومة".
حتى الآن، كل المؤشرات تشي بأنّ باب التأليف مقفل، الحكومة طارت، ويبدو أن هناك من يريد أن يأخذنا فرضاً إلى معادلات المنطقة، لتثبيت معادلات وتوازنات جديدة على الساحة اللبنانية.