النهار

لبنان أحيا الذكرى الثانية للاغتيال الوحشي لمدينة بيروت... مسيرات غاضبة والراعي وعوده رفضا استمرار تجميد التحقيق
المصدر: "النهار"
لبنان أحيا الذكرى الثانية للاغتيال الوحشي لمدينة بيروت... مسيرات غاضبة والراعي وعوده رفضا استمرار تجميد التحقيق
إحياء الذكرى الثانية لانفجار المرفأ.
A+   A-
احيا لبنان أول من أمس الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت، بصلوات ومسيرات غاضبة، في ظل التجميد السياسي للتحقيق القضائي، واستمرار مأساة ذوي الضحايا الـ221 والمصابين، إضافة الى غياب التعويضات العادلة عن المتضررين بشرياً ومادياً.

وتزامنت هذه الذكرى الأليمة مع انهيار 4 صوامع من الجهة الشمالية للإهراءات، والتي تصاعد منها غبار كثيف في أجواء الأشرفية وداخل بيروت.




الراعي
وترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا لراحة نفس ضحايا الانفجار وعلى نية شفاء الجرحى، في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت. والقى عظة جاء فيها: " نحن اليوم أمام جريمتين: جريمة تفجير المرفأ، وجريمة تجميد التحقيق. فالتجميد لا يقل فداحة عن التفجير، لأنه فعل متعمد وإرادي بلغ حد زرع الفتنة بين أهالي الضحايا. لا تستطيع السلطات الحاكمة والمهيمنة التبرؤ مما حصل: فمنها من تسبب بالتفجير، ومنها من علم بوجود المواد المتفجرة وبخطورتها، وأهمل، ومنها من تلكأ، ومنها من سكت، ومنها من غطى، ومنها من جبن، ومنها من عطل التحقيق، ومنها من وجد في تجميد عمل القاضي المسؤول الحل المريح لكي يتهرب من مسؤولية حسم مرجعية التحقيق. إنها لعبة توزيع الأدوار بين عدد من المسؤولين على مختلف المستويات الدستورية والسياسية والأمنية والقضائية".

وشدد على أن "المطلوب أن يستأنف قاضي التحقيق العدلي عمله وصولا إلى الحقيقة. نحن لا نتهم أحدا ولا نظن بأحد ولا نبرئ أحدا. الناس في الشارع وانتم منهم لا يصنعون العدالة، بل يريدون العدالة. إن تجميد التحقيق يساوي بين البريء والمذنب".

وأشار الى "أن تعقيدات التحقيق المحلي والعراقيل السياسية، أتت لتعطي الأحقية في تجديد المطالبة بالتحقيق الدولي إذا استمر الوضع كذلكد"، مستغرباً غياب هذه الجريمة عن "اهتمامات الحكومة قبل استقالتها وبعدها".

واستغرب "إهمال المسؤولين المحافظة على الأهراءات الشاهدة، فلا أفرغتم القمح المتبقي منعا لتخميره، ولا دعمتموها تجنبا لسقوطها".


عوده
كذلك ترأس متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، جنازا لراحة أنفس ضحايا مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، والقى عظة قال فيها:

"سنتان انقضتا على جريمة لم يكن أحد ليقبلها لبيروت، عاصمة العلم والنور والحرية والإبداع. سنتان مرتا على آلام أهل بيروت ولم تلتئم الجروح بعد، لأن مقترفي الجريمة ما زالوا يتمتعون بحريتهم، فيما أهل بيروت، وهذا المستشفى، وكل المؤسسات التي كانت فخر المنطقة، ما زالت تعاني، ولم تنهض من جروحها بعد. سنتان ولم يتوصل القضاء إلى كشف الحقيقة ليس لأن القضاء يتقاعس، بل لأن السطوة السياسية تعوق عمل القضاء وتمنع العدالة. نحن، مع أهالي بيروت المنكوبة، وذوي الضحايا، وكل من أصابه التفجير في جسده أو نفسه أو ممتلكاته، لا نبتغي سوى أمر واحد هو معرفة حقيقة ما جرى في مرفأ بيروت، ومعاقبة كل من خطط عن قصد، أو ساهم عن غير قصد، ومن غض النظر رغم علمه بخطورة المواد الموجودة هناك. معرفة الحقيقة لن ترجع أي ضحية إلى الحياة، ولن تشفي جروح المصابين، ولن تهدئ النفوس المكسورة، ولن تبني البيوت المدمرة، إلا أنها بالتأكيد سوف تطمئن قلوب أهالي الضحايا والمصابين لأن المجرم كشف، والعدالة تحققت، وسوف يكون العقاب رادعا لكل من تسول له نفسه القيام بعمل مدمر في المستقبل".

وأضاف: "في هذه الذكرى الثانية للاغتيال الوحشي لمدينة بيروت، مع ما رافقه من ضحايا وأضرار وآلام، نرفع الصلاة إلى الرب الغالب الموت لكي يرفع الضيق عن هذا البلد الجريح، وينير عقول المسؤولين لكي يخرجوا من أنانياتهم، ويتجاوزوا كبرياءهم، ويتخطوا مصالحهم، ويفرجوا عن التحقيق عوض تعطيله، لكي تظهر الحقيقة، ويعاقب الفاعل".


مسيرات
عاود الرابع من آب، نكأ جروح أهالي الضحايا والمصابين، الذين احتشدوا أمام
"النهار"، قبل أن ينطلقوا بمسيرة الى تمثال المغترب، رافعين علما لبنانيا كبيرا ملطخا بالدماء، وعلما آخر مكتوبا عليه قسم أهالي الشهداء وضحايا المرفأ، كما رفعوا صور الضحايا واللافتات المنددة بالسلطة السياسية والمطالبة بالحقيقة والعدالة.

وحمل عدد منهم نعوشاً ورفعوا لافتات تطالب بمحاسبة المجرمين وإحقاق العدالة.
 
 
 
وتوجه مشاركون الى مدخل مجلس النواب، حيث حصل تدافع تخلله اطلاق عبارات ضد السلطة السياسية.

وتوافدت الى مكان الحشد شخصيات بينها النواب نديم الجميل وميشال معوض والياس حنكش.

والقت شقيقة الراحل لقمان سليم كلمة طالبت فيها بالعدالة والتحقيق في اغتيال سليم "المناضل السياسي من أجل العدالة والحرية".

كذلك القى بول نجار والد الضحية الكسندرا، كلمة ذكر فيها بحيثيات وتفاصيل ما تعرضت له عائلته وفقدان طفلته.

وتلت ماريان فضوليان في ساحة سمير قصير، بياناً باسم جمعية أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، جاء فيه: "مضى عامان على جريمة العصر وكأنها وقعت اليوم ...

عامان ونحن ما زلنا في الطرق، نتابع كل ما يجري من تطورات للحصول على أبسط حقوقنا وحقوق ضحايانا.

عامان ونحن نطالب بالعدالة والحقيقة والمحاسبة. عامان ونحن ما زلنا نحارب تلك الطبقة السياسية والسلطة الفاسدة والمتجذرة بالتعنت والظلم، والتي لم يرفَّ لها جفن من هول فظاعة الجريمة.

وبكل وقاحة نراها تضع العراقيل الواحدة تلو الاخرى والتي لا أساس لها، متذرعة بالحجج القانونية(...)

بدأوا بطلبات الرد ومن ثم مخاصمة الدولة، حتى وصلوا إلى كف يد القاضي بيطار، لأنه قام باستدعائهم.

أضف إلى ذلك، الوزير المعرقل منع من التوقيع على التشكيلات القضائية بأعذار واهية لا أساس لها من الصحة، من خلال رئيس مجلس النواب. وهذا ما قاله الرئيس ميقاتي.

كما نذكر بأن هنالك اشخاص ما زالوا يسرحون ويمرحون دون حسيب او رقيب. ولم تطبق مذكرات التوقيف والجلب الصادرة في حقهم.

نقول لكم اليوم وكل يوم أن فسادكم هو من قتل أولادنا وضحايانا، والتسويات التي تفكرون فيها لن تسري علينا. ولكل ظالم نهاية".

ثم انطلقت المسيرة المركزية الحاشدة نحو تمثال المغترب، بعد توافد الحشود من مختلف الجهات.


فصر العدل
وكانت انضمت اليها ، مسيرة أخرى انطلقت من أمام قصر العدل، حيث القت المحامية ديان آصاف كلمة اعتبرت فيها هذه القضية "حقاً للشعب اللبناني بأكمله، وقضية وطنية بامتياز، واساس لاستعادة القضاء واستعادة الدولة".

ثم كانت لها وقفة أخرى أمام قصر الصنوبر، حيث القت ممثلة منظمة "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب كلمة أشارت فيها الى جهود المنظمة، غير انها أسفت لكون "تاريخ لبنان في كشف الحقيقة في جرائم كبرى ومحاسبة المسؤولين غير مشجع، فالنظام اللبناني مصمم لحماية هذه السلطة من المساءلة، وحماية سياسة الافلات من العقاب".

وطالبت تريسي نجار والدة الضحية الكسندرا، السفارة والسلطات الفرنسية بـ"الاسراع في فتح تحقيق دولي، يكفل اظهار الحقيقة".


فوج الإطفاء
وتزامناً، انطلقت مسيرة من امام مقر فوج اطفاء بيروت في الكرنتينا، يتقدمها اهالي الشهداء العشرة ورفاقهم، حاملين علما كبيرا ملطخا بالاحمر وعلما آخر كتب عليه القسم. كما حملوا نعوشاً عليها اسماء الشهداء، ولافتات تدعو الى "محاسبة المسؤولين عن التفجير وكشف الحقيقة".

ولدى وصولها الى امام المرفأ قبالة الاهراءات، القى بيتر صعب كلمة باسم الاهالي لفت فيها الى "أن لا الحقيقة ولا العدالة قريبة.

من هذا المنطلق، رفعنا الصوت وتوجهنا الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ونقول ان الاتكال على التحقيق المحلي لم يوصلنا الى مكان وما تعرضنا له معيب في حقنا وفي حق منطق العدالة والقانون".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium