تتوالى المواقف السياسية لعدد من قيادات "حزب الله" الدينية والسياسية خلال إحياء المجالس العاشورائية اليومية في المناطق، وأجمعت بأغلبها على "حقّ لبنان في ثرواته النفطية ومقاومة إسرائيل".
وبدوره، رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أن "بلدنا رغم ما فيه من انهيار مالي واقتصادي، بلد قوي محترم عزيز كريم، لأنه بلد مُهاب الجانب لا يجرؤ أي عدو على المساس به، سواء كان عدواً إسرائيلياً أو تكفيرياً، فهو بلد عربي مقاوم ومقياس انتمائه إلى العروبة، هو مدى قربه من قضية فلسطين والقدس، ومن دفاعه عن الشعوب والقضايا العربية المحقة، ومدى التزامه بالعداء للكيان الصهيوني، ورفضه لأي تطبيع مع هذا العدو".
وقال فضل الله خلال مجلس عاشورائي أقامه "حزب الله" في باحة ملعب الآثار في صور، في حضور مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في الحزب عبد الله ناصر وفاعليات، إن "لبنان اليوم أصبح قادراً ليس فقط على حماية أرضه وشعبه، ومنع الاعتداء عليهما، وإنما على حماية ثرواته النفطية والغازية، والتي هي اليوم باب الخلاص من هذا الانهيار المالي والاقتصادي"، لافتاً إلى أن "البلد يحتاج إلى العملة الصعبة، وليحصل عليها، فإما أن يسير خلف صندوق النقد الذي بالكاد يعطيه شيئا يحرز، أو عليه أن يستخرج النفط والغاز ومن ثم يبيعهما ويحافظ على الأموال العائدة من هذه الثروة وعدم سرقتها".
وأكّد أن "لبنان لا يمكن أن يقوم إلاّ على مبدأ الشراكة والتفاهمات الوطنية، ولذلك، رغم كل التهجمات والافتراءات والتحريض على المقاومة، وإثارة المشكلات هنا وهناك، وتكبير بعض المشكلات، واستخدام الخطاب الطائفي، والتحريض علينا، ومحاولة تشويه صورتنا في كل صغيرة وكبيرة، فإننا في حزب الله حرصاء على السلم الأهلي والتعايش والاستقرار وعلى إعادة بناء مؤسسات بلدنا، وطرحنا شعار بناء الدولة القادرة والعادلة، التي تعالج مشكلات الناس بالكهرباء والمياه والخبز وغيرها من المشكلات التي يعانيها المواطنون".
وأضاف: "إن الوصول إلى الدولة القادرة والعادلة يتطلّب وعياً ومسؤولية، وبخاصة ممن يقدمون أنفسهم أنهم مسؤولون في لبنان، وبالتالي، على هؤلاء أن يعملوا على وضع الحلول للأزمات بدلاً من توجيه الاتهامات والسجالات، وعليهم أن يشكلوا الحكومة حتى لو بقي يوم واحد من ولاية فخامة رئيس الجمهورية، فلماذا هناك عدم تواصل واستسلام لعدم تشكيل الحكومة، فنحن بحكومة كاملة الصلاحيات بالكاد تقوم بواجبها، فكيف بحكومة لا تملك الصلاحيات، ولذلك دعونا الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية وفق الدستور إلى تشكيل حكومة".
وأشار إلى أننا "في حزب الله لا نرفع شعارات، ولا نقدّم وعوداً، فنحن نعمل، ونقوم بمسؤولياتنا، ونسعى من خلال مؤسسات الدولة بكل إمكاناتنا. وطالبنا بتشكيل الحكومة، ولنا موقف من الاستحقاق الرئاسي، ولدينا دور، ولنا صوت قوي ومؤثر، ونأتي بالعروض ونقدّم الحلول والاقتراحات، مرة بالمازوت وأخرى بالفيول وإصلاح الكهرباء، وحتى عندما يكون هناك قوانين رغم بعض ملاحظاتنا عليها مثل قانون قرض للقمح سرنا به لنؤمّن الطحين للناس، ونعمل من خلال مؤسسات الدولة لتحميل الوزارات مسؤولياتها بالرقابة والمتابعة والقيام بالواجبات".
وختم "نحن على مستوانا في "حزب الله" لا نقول إننا مع الناس، فنحن الناس، والناس نحن، فهؤلاء الشهداء هم أبناء هذا الشعب، قدموا دماءهم لأجل شعبهم، واليوم كل ما علينا أن نقوم به، فإننا نقوم به، وكل خدمة نستطيع أن نقدمها، فإننا نقدمها قربة إلى الله، ولكن نحن لا نقدم أنفسنا أننا قادرون على حل المشكلات الاجتماعية والمعيشية، فنحن طرف وجهة تخفف وتساعد، وهناك حاجة دائمة للتعاون في مجتمعنا، وهناك ضيق وحاجة وحصار وإهمال وحرمان وهدر، وهذا صحيح، ولكن علينا أن نتعاون ونتكافل لنخرج من هذه الأزمة، ونعبر هذه المحنة التي وقع فيها بلدنا نتيجة تراكمات كثيرة، ولكن كما كنا مع الحسين عام 1982، وأسسنا هذه المقاومة، وقدمنا أغلى الرجال شهداء، وقدمنا أغلى التضحيات، فإننا سنبقى مع الحسين لنتجاوز أي محنة وتحدٍ وخطر".
أما ومن جهته، أكد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين أن "اللبنانيين سوف يتمكنون من الانتصار على ما نواجهه اليوم في لبنان، ولكن يجب أن نستفيد من قوتنا لننتصر على من يحاصرنا ويضغط علينا ويريد إفقار بلدنا ويستهدف شعبنا".
كلام صفي الدين جاء خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي أقامه "حزب الله" في مجمع أهل البيت في مدينة بنت جبيل، في حضور عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في "حزب الله "الحاج عبد الله ناصر، وعدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وعوائل الشهداء، وحشد من الأهالي.
وأشار صفي الدين إلى أن "البعض في لبنان يلطمون ويصرخون ويولولون عند كل مصيبة، وهذا أمر سهل يمكن لأي شخص أن يقوم به، ولكن ليس المهم أن يلطموا على المصيبة عندما تقع أو على المشكلة عندما تحصل، وإنما المهم هو أن يكون لديهم موقفاً وفعلاً، لأن العمل السياسي ليس ولولة، فهناك أناس في العمل السياسي ليس لديهم سوى أنهم كيف يظهرون على شاشات التلفزة ويولولون، ويتبارون بين بعضهم على أوجاع الناس".
وشدد على أن "المسؤولية السياسية والعامة هي ليست ولولة وصراخاً وتوصيفاً فقط، وإنما المسؤولية هي أن يقدّم هؤلاء شيئاً، وأن يحركوا ساكناً وأن يتقدموا بالمشاريع، وأن يقولوا ماذا يريدون، وماذا يفعلون، وما هي خطتهم ورؤيتهم للمعالجة".
وختم مؤكداً أن "نحن وقفنا مع الناس وبين الناس، وسنبقى بين الناس ومعهم، لنقول لكل الشعب اللبناني وللسياسيين ولكل من يتابع هذه الأوضاع، أنه لدينا حلولاً بالكهرباء والمياه والخبز والاقتصاد وبمختلف المشاكل، ولكن ليس المهم أن يكون لدينا حلولاً، وإنما المهم هو القدرة على تسويقها في البلد نتيجة المصائب المذهبية والطائفية والفئوية التي يعرفها الجميع".
وفي سياق متصل، لفت عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق إلى قول البعض أنّ "لبنان آخر المطبّعين"، وقال إن "لبنان لن يكون ساحة للتطبيع لا اليوم ولا الغد ولا بعد الغد، بل لبنان بلد المقاومة والإنتصار والكرامة ولبنان لن يعترف بالكيان الإسرائيلي وهو كيان غير شرعي ومؤقت، نؤمن بالقدس وفلسطين وهذا الفرق بيننا وبينهم".
أضاف خلال كلمة في المجلس العاشورائي في بلدة حاروف الجنوبية إنّ "معادلة المقاومة غيّرت قواعد الصّراع مع العدو الإسرائيلي. قبل المقاومة كان لبنان الحلقة الأضعف في مواجهة إسرائيل، أمّا اليوم فلبنان في الموقع الأقوى في مواجهة العدوّ الإسرائيلي. الآن، في المواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبة، يوجد لبنانيون مجنّدون ومجنّدات في الجيش الإسرائيلي. هؤلاء ليسوا عملاء؟ وهم في مواقع الإحتلال يحملون سلاحهم ويرتدون لباسهم وهويتهم. هل هم لبنانيون؟ لن ننتظر إنصافًا ممّن قاتل مع الإسرائيلي عام 1982 ولكنّ المقاومة هي التي تصنع المشهد وتحمي الوطن والهوية هوية لبنان المقاومة. هم يريدون أن يغيّروا موقع وهوية ودور لبنان وأن يلحقوه بركب عرب التطبيع وهذا خطأ في الحسابات لأن لبنان ليس إلّا موقعا متقدّما في المقاومة ونصرة فلسطين وفي مواجهة التطبيع مع العدو الإسرائيلي".
ولفت إلى أنّ "العدوّ الإسرائيلي يقول أقوى جيش عربي في المنطقة هو "حزب الله" في لبنان".
وأشار إلى أن "بعد شهر من أكبر مناورة إسرائيلية، كانت النتيجة التي رُفعت إلى حكومة العدو أنّ جيش إسرائيل غير جاهز لمواجهة ومحاربة "حزب الله" في لبنان، وهذه المعادلة ترفع رأس الأمة وتجعل لبنان في الموقع الأقوى في المنطقة ومن هذه المعادلة معادلة القوّة".
وشدّد على أن "لبنان سينتزع كلّ حقوقه ويحمي كلّ ثرواته النفطية والغازية ونحن في موقع القوة في لبنان ونفرض الشروط وليس العدو من يفرض الشروط والقيود. والمعيار الفعلي لتحصيل واستعادة الحقوق والثروات إنّما هو ببدء الشركات بالتنقيب والإستخراج وفي غير ذلك المقاومة تُكمل الجهوزية والاستعداد لانتزاع الحقوق والعدو يعرف تمامًا أن المقاومة في غاية الجديّة لأن وعدنا وعدٌ صادق ولأن العدو يعرف أن الذي أطلق المعادلة لتحرير الثروات وانتزاع الحقوق ليس إلّا صاحب الوعد الصادق السيد حسن نصر الله".
وختم معتبراً أن "الحقوق والثروات النفطية والغازية لا تُستعاد باسترجاء واسترضاء السيّد الأميركي إنّما تستعاد بمعادلة القوة ومعادلة المقاومة وليس لبنان في موقع الضعف. المقاومة أنهت هذه المرحلة وبدأت مرحلة جديدة نفرض فيها مهلا غير قابلة للتمديد".