في إطار ما ينشره "نادي قضاة لبنان" تباعا من الأسئلة والأجوبة حيال ما يثار من مسائل تهم الرأي العام، حرصا منه على صدقية السلطة القضائية، سأل: "هل صحيح أن الدولة غير قادرة على تحسين الوضع المادي للقضاة؟".
وهنا جوابه: "لا يختلف إثنان على أن خزينة الدولة في عجز كبير نتيجة سياسات خاطئة وإهدار وفساد ومحاصصة وغياب الخطط الإنمائية والإصلاحية البديهية لغاية تاريخه، وأيضا بكل موضوعية، لغياب قضاء مستقل قادر على المحاسبة نتيجة حرمان القضاة قانون الاستقلالية، وعدم وضع القاضي المناسب في المكان المناسب(...)
من المؤكد أن تسوية رواتب القطاع العام وأجوره في حاجة الى خطة متكاملة تترافق مع خطط إصلاحية واستثمارية، ووقف الإهدار وغيره من تدابير وقرارات كي لا نقع مجددا في المحذور، إنما في ظل إحجام السلطة السياسية عن المبادرة بحزم في هذا الاتجاه سواء قبل الأزمة أو بعدها. وفي ظل العدد القليل للقضاة الذي لا يتجاوز الـ 600 مقارنة بقطاعات أخرى، مما يحول دون ارتداد تحسين وضعهم المادي على مالية الدولة، والأهم في ظل عدم جواز المقارنة بين الموظف والقاضي احتراما للدستور الذي يخص القضاء باعتباره سلطة دستورية. فهل تبقى كرامة القضاة التي أصبحت مهددة معلقة على أهواء السياسيين، ما دام أن لا استقلالية مالية للسلطة القضائية؟
لا يغيب عن البال أن إهمال هذا الجانب من مطالب القضاة سوف يعمّق أزمة هجر القضاة للقضاء، ويجعل القاضي الصامد منصرفا إلى سبل التصدي لهموم عائلته المعيشية بدلا من الانكباب على عمله بكل قوة وعزم وصفاء ذهن. فاذا، الفارق شاسع بين عدم الإرادة وعدم القدرة، في دولة هي في أمس الحاجة إلى قضاء ينهض بها من العثرات والعيوب التي تعتريها".