النهار

الهجرة غير الشرعية تابع: وفاة ابنة الـ4 سنوات... "التيكيت" بحراً من الشمال بـ5 آلاف دولار
عباس صباغ
المصدر: "النهار"
الهجرة غير الشرعية تابع: وفاة ابنة الـ4 سنوات... "التيكيت" بحراً  من الشمال بـ5 آلاف دولار
تعبيرية.
A+   A-
توفيت الطفلة السورية لجين أحمد ناصيف ابنة الـ 4 اعوام والتي كانت وعائلتها غادرت مركز اللجوء في بلدة المحمرة العكارية، على متن قارب الهجرة غير الشرعي، والذي تعطل على بعد عشرات الاميال قبالة الشواطىء اليونانية، وقد تم اجلاء ركابه الى احدى الجزر اليونانية فجر امس بعد رحلة عذاب استمرت لايام.

وافيد بأن الطفلة لجين توفيت وهي في سيارة الاسعاف التي كانت تقلها ووالدتها الى احدى المستشفيات اليونانية، ووصفت حالة الوالدة الصحية بالحرجة جدا.


بعد فقدان الاتصال بالمركب اللبناني لأيام في عرض البحر أنقذ خفر السواحل اليوناني المهاجرين الذين كانوا على متنه بعد سلسلة نداءات وتدخل من السلطات اللبنانية ومساعدة مصر في تقديم العون للركاب.

يتوجّه محمود مشمشاني بالحمد لله ولكل من ساعد في إنقاذ نحو 20 شخصاً من عائلته وأقاربه ممّن كانوا على متن المركب الذي انطلق من شمال لبنان في 27 آب الفائت وفقد الاتصال به منذ الثالث من الشهر الحالي.

مناشدة ركاب المركب ظلت من دون استجابة لأربعة أيام الى أن قدّم خفر السواحل المصري المساعدة لنحو 60 شخصاً كانوا على متن المركب، ثم استجاب خفر السواحل اليوناني لنداءات الاستغاثة وأنقذ المهاجرين غير الشرعيين الذين خاطروا بحياتهم هرباً من جحيم لبنان.

"أولادي غير أحياء في بلدهم والمخاطرة أفضل من الموت جوعاً ومرضاً"
لا يجد الرجل الستيني ابن بلدة ببنين العكارية العبارات التي يمكن أن تصف أحوال عائلته في بلدته ببنين، ويردّد أبو أيمن مشمشاني عبارات الشكر لكل من استجاب لنداء الاستغاثة لركاب المركب بعد انقطاع الاتصال بهم لأيام، ويقول لـ"النهار" إن "الحياة في لبنان لم تعد تطاق، وأنا أعمل في مجال البناء وعلى عاتقي إعالة أولادي وأحفادي، وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية لا يمكننا الاستمرار، ولذلك كان قرار نحو 20 شخصاً من عائلتي وأقاربي الهجرة غير الشرعية على الرغم من كل المخاطر"، ويذكر أبو أيمن أن كل مهاجر يدفع ما بين 5 الى 6 آلاف دولار مقابل نقله من "الموت جوعاً ومرضاً في لبنان الى مكان يحترم فيه الانسان وإن كانت الرحلة محفوفة بالموت كل دقيقة".

ويلفت الى أن قبطان المركب ترك المهاجرين في عرض البحر وفرّ بمساعدة زورق من دون أن يكترث بحياة الركاب ومن بينهم النساء والأطفال وسيدات حوامل. ويضيف: "ابني مع أطفاله الخمسة على متن المركب، وهو باع سيارته وأثاث منزله واستدان ليدفع لصاحب المركب الذي لا نعرفه معرفة دقيقة بل بالتواتر وصلنا إليه، وعندما فقد الاتصال بالمركب لم نعد نستطيع التواصل مع الأرقام التي كانت بحوزتنا".

من الواضح أن المهرّبين يتقاضون مبالغ كبيرة لقاء نقل المهاجرين غير الشرعيين، ولكن كيف تتعاطى السلطات الأمنية مع هؤلاء.

مصدر أمني يؤكد لـ"النهار" أنه على الرغم من كل التحذيرات والإجراءات لا تزال بعض المراكب تنجح في الإبحار من شمال لبنان وأن المهربين يستغلون هذه الفترة من كل عام وتحديداً ما بين مطلع آب ومنتصف أيلول للإبحار والإفادة من هدوء البحر وتحسّن أحوال الطقس، ويلفت الى أن معظم المهربين ينضمون الى المهاجرين في الدول التي يصلون إليها". لكن لماذا لا تمنع القوى الأمنية تلك المخاطرة، يجيب "قبل مأساة مركب الميناء في 24 نيسان الفائت كانت بعض المراكب تنجح في الوصول الى الشواطئ الاوروبية، علماً بأن التحذيرات من المخاطر كانت متواصلة ولا سيما أن عدداً من المهاجرين قضوا غرقاً، ولكن الاحتقان الذي ارتفع منسوبه غداة غرق مركب الميناء دفع للتعامل بهدوء مع المهاجرين مع التقدير لظروفهم القاسية أسوة بمعظم اللبنانيين وهذا ترافق لاحقاً مع استمرار البحث والاستقصاء عن المهربين وكذلك منع الإبحار، وتوقيف نحو 60 شخصاً في المنية هو أحد أوجه العمل الذي تقوم به القوى الأمنية".


4 مراكب فقد الاتصال بها خلال شهر
لم يكن فقدان الاتصال بالمركب قبالة مالطا هو الأول من نوعه إذ سبقه فقدان الاتصال بثلاثة مراكب أخرى، وبحسب الناشط في مواكبة عمليات إنقاذ المراكب هاني الحسين فإن تلك المراكب أبحرت جميعها من العبدة و"أحد المراكب وصل الى قبالة اليونان ثم سلمه خفر السواحل اليوناني إلى السلطات التركية التي لا تزال تحتجز ركابه من اللبنانيين والسوريين في إزمير ، والمركب الثاني وصل الى إيطاليا بعد معاناة طويلة فيما أنقذت البحرية المصرية مركباً آخر، ثم وصل الى اليونان بعد فقدان الاتصال به لأيام، ورابع تلك المراكب تُوفي على متنه طفلان نُقلا الى مستشفى في جزيرة كريت".

أما ما يدفعه المهاجرون فيؤكد ما أورده مشمشاني، بأن المبلغ يصل الى 5 أو 6 آلاف دولار.

وفي السياق يعمد المهربون الى إعفاء من يؤمن عدداً من المهاجرين من بدل الإبحار الى الشواطئ الأوروبية .

وتكشف معلومات أن بعض المهربين يعمدون لوضع شارات مزيّفة على المراكب بهدف التحايل على الجيش، وأن آخر مركبين أبحرا أحدهما يصل طوله الى 26 متراً وعلى متنه أكثر من 100 مهاجر والثاني كان على متنه 60 شخصاً مُنع من مواصلة رحلته وأوقف الجيش من كان على متنه. كل ذلك يترافق مع تحذيرات من مخاطر الهجرة عبر البحر ولا سيما أن المراكب المستخدمة قديمة ولا يمكن أن تنقل حمولة كبيرة عدا عن عدم قدرتها على مصارعة الأمواج وبالتالي خطر غرقها كبير.

يُذكر أن رئاسة مجلس الوزراء من خلال الهيئة العليا للإغاثة وكذلك وزارة الخارجية، طلبت من سفارات لبنان في عدد من الدول الأوروبية التدخل للمساعدة في إنقاذ ركاب مراكب الهجرة الذين فُقد الاتصال بهم .

لم يعد مستغرباً أن تخاطر عائلات بكامل أفرادها للهرب من الجحيم والعصفورية وأن يسمح والد لأولاده وزوجته الحامل بالإبحار على مراكب الموت، ولكن المستغرب أنه ليس ثمّة من يسأل عن تحسين أوضاع المسحوقين بفضل سياسات أنهكت اللبنانيين وجعلتهم يذهبون للانتحار كخيار أفضل من شبه حياة في بلد الانهيار.


خير:لحظات فقدنا فيها الامل
الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير تابع لحظة بلحظة عملية انقاذ المركب الذي تعطل في المياه الدولية ويشرح لـ"النهار " ما رافق ذلك من انتظار وترقب حتى اللحظات الاخيرة ويلفت الى تعاون كبير من سفيرتي لبنان في ايطاليا واليونان بهدف اقناع السلطات الاوروبية باستقبال المركب الذي كان مهددا بالغرق مع ركابه .

يشير خير الى ان تلك الهجرة غير قانونية ولكن عندما يكون الامر متعلقا بحياة اناس محاصرين في بلدهم بالجوع والمرض والاهمال وخصوصا في الشمال، وكذلك فقدانهم جنى العمر في المصارف لمن كان يدخر بعض الاموال للمستقبل. ويأسف اللواء لوفاة طفلة على متن المركب بعد تعذر انقاذها قبل ان تسوء حالتها.

لكن الوصول لتحديد مكان المركب كان مضنيا وتطلب الكثير من الصبر والمواكبة ويلفت خير انه من حسن حظ الركاب انه كان لديهم هاتف "الثريا" ويعمل عبر الاقمار الاصطناعية ويتابع "حددنا موقع المركب على بعد ٥٧ ميلا من جزيرة كريت اليونانية وكانت السلطات هناك ترفض انقاذ المركب بسبب كثرة المهاجرين الذين وصلوا الى اليونان وبعد جهود مضنية والطلب المتكرر لانقاذهم بسبب وجود حالات انسانية ثمة حاجة ماسة لمساعدتها ، استجابت اثينا بعد ان تأكدت من خلال سفينة حربية ان هناك وضعا انسانيا سيئا للغاية وطفلة تنازع ، ولكن التواصل مع ركاب المركب كاد ينقطع لعدم امكانية شحن الهاتف الخليوي وعندها كان الشعور بأننا قد نخسر كل شيء واعدنا تكرار الطلب بالمساعدة العاجلة الى ان تم انقاذ المركب وللاسف توفيت الطفلة ".



الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium