جال السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على النواب السنّة في الشمال، واستهلّ زيارته بلقاء رئيس "تيار الكرامة" فيصل كرامي، في "جامعة المدينة" في طرابلس، بحضور حشد من السياسيين والنقابيين والأطباء والمحامين والأكاديميين والإعلاميين، إذ جال البخاري في أنحاء الجامعة واطّلع على المباني والمشاريع فيها.
وقال كرامي في كلمته: "تعرفون يا سعادة السفير كما يعرفُ الجميع أنّ طرابلس مدينة تحمل عاطفةً خاصّة ومميّزة واستثنائيّة للمملكة الشقيقة، وأنّ أهلَ طرابلس تجمعهم روابط تاريخيّة منذ عقودٍ طويلة بالمملكة والقيادة السعوديّة وبالشعب السعودي. ولحُسن الحظّ فإنّ هذه المشاعر مُتبادلة فنحن نُدرك تماماً ويقيناً بأنّ طرابلس موجودة بعقلِ وقلبِ السعوديّين، وبأنّ هذه العاطفة المُتبادلة أثمرت دائماً كلّ ما يحمِل الخيرَ لمدينتنا وأهلنا".
وأضاف: "أغتنمُ هذه المُناسبة لكي أتوجّه عبركم بأصدقِ مشاعرِ الودّ وبكلّ الشكر والعرفان لجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود ولصاحب السموّ الملكي ولي العهد دولة رئيس مجلس الوزراء سموّ الأمير محمد بن سلمان الذي حرِص وأصرّ على أن تشمل خارطة الصندوق السعودي-الفرنسي للمساعدات المخصّصة للبنان على أن تشمُل طرابلس والشمال، وهي بادرة كريمة مُتوقّعة وغير مُستغربة نُثمّنها غالياً ونعتبرها استمراراً وتأكيداً لاهتمام سموّ وليّ العهد والمملكة والقيادة السعوديّة بلبنان عموماً ولطرابلس والشمال على وجه الخصوص. وكلّما استذكرنا أمراً طيّباً سوف نجد إسم المملكة السعوديّة بِدءاً من هذا المكان حيث تفخرُ جامعة المدينة بمبنى المغفورِ له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وهو جزءٌ من إسهاماتٍ كثيرة قدّمتها المملكة لهذه الجامعة مروراً بكثيرٍ من الإسهامات والمشاريع الموجودة في طرابلس أو في كلّ لبنان وصولاً إلى الدور الأساسي التي لعبته المملكة العربيّة السعوديّة، وهو دورٌ تاريخيٌّ في إنهاء الحرب اللبنانية وفي إرثاء ميثاق العيش الوطني الجديد عبر اتفاق الطائف".
وتابع كرامي قائلاً: "هي أيضاً مناسبة هنا لكي نشكُر المملكة مجدّداً على حرصِها على التمسّك باتّفاق الطائف وعلى تأكيد ضرورة تطبيق إتّفاق الطائف خصوصاً ما جاء في البيان السعودي الفرنسي حول لبنان وحول تطبيق الدستور وتطبيق إتّفاق الطائف وانتخاب رئيس جمهوريّة ضمن المُهل الدستوريّة، وهي كلّها أمورٌ تعكس حرص المملكة على استقرار وسلامة لبنان. إنّ عنوان الانهيار الحاصل في لبنان يُختصر بامتناع وحذر الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات المانحة من التعامل مع منظومة الفساد التي اوصلت بلادنا الى هذا الدرك الاسفل، وانا هنا لا اريد ان ابرأ اللبنانيين من ارتكاباتهم غير المسبوقة في تاريخ الدول، ولكنه للاسف الشديد نهج تمكّن من السلطة ومن مقدرات البلاد يقابله نهج آخر، نحن على رؤوس الاشهاد من هذا النهج الاخر، نحو الذين بنينا المؤسسات وأسّسنا لدولة القانون، نحن اي عبد الحميد ورشيد وعمر كرامي ورفاقهم من كل الطوائف والاطياف، من ارسى قواعد النزاهة وحافظ على المال العام وكافح الفساد والمفسدين وحقق للبنان وضعاً اقتصادياً مستقراً وبحبوحة يشهد لها الجميع قبل ان ينقلب الزمن والمفاهيم والسياسات وقبل ان يسود نهج النهب والهدر وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة الدولة"، مشيراً إلى أنّنا "نتطلّع الى دعم ومساعدة المملكة العربية السعودية في استعادة نهج الاستقامة في لبنان".
وأضاف: "إنّ الخيار العربي في لبنان هو الخيار الوحيد لأنّه ببساطة هو الخيار الذي يعني نهوض وخلاصَ لبنان، وهو الذي ينسجم أصلاً مع الوقائع والحتميّات التاريخيّة والجغرافيّة والاستراتيجيّة والأخويّة التي تجعلُ من لبنان جُزءاً لا يتجزّأ من مُحيطهِ العربيّ ومن قضاياه العربيّة ومن همومهِ العربيّة. إنّ حِرص لبنان أيّها السادة على أفضل العلاقات مع الدول الصديقة كلّ الدول الصديقة بلا استثناء لا يعني أبداً ولا يُمكن أن يُشكّل في أيّةِ لحظة إبتعاداً عن الخيار العربيّ وعن العروبة وعن القياداتِ الأساسيّة والدول الأساسيّة التي تُمثّلُ العروبة في هذا الشرق ومن بينها طبعاً لا بل في طليعتِها المملكة العربيّة السعوديّة".
وتوجّه كرامي إلى البخاري قائلاً: "لبنان يتطلّعُ اليوم الى دورٍ فاعلٍ وأساسي للمملكة العربيّة السعوديّة لاستعادةِ استقرارهِ الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والدستوري، وأُؤكِّد له أنّ دور المملكة محوريّ وأساسيّ حتى في التوازنات اللبنانية الداخليّة وهذا ليس أمراً خافياً على أحد، ونحن متفائلونَ بأنّ الغدّ سيحملُ الأيّام الأفضل لبلدنا معتمدين على أشِقّائنا وأصدِقائنا في العالم وفي مُقدّمتهم المملكة العربيّة السعوديّ".
ثم تحدث السفير البخاري قائلاً: "بداية اسمحوا لي ان اشكر لكم حسن الاستقبال والترحيب وهو ليس غريب عليكم واشكر هذا الكلام النابع من القلب، وما يربطنا بكم وبطرابلس الفيحاء عاصمة الشمال تاريخي و"القلب عالشمال".
وقال: "هناك علاقات عميقة تربطنا وليس فقط بين لبنان والسعودية كدولتين، بل بين الشعبين اللبناني والسعودي من حيث القرابة والنسب والمصاهرة، هذا ليس وليدة اللحظة بل سنوات من العلاقات الاخوية"، مضيفاً: "أشكر جامعة المدينة العريقة واشكر راعيها الوزير فيصل كرامي سليل عائلة كرامي العريقة واشكر الجميع على حفاوة الاستقبال".
وزار السفير البخاري مفتي طرابلس والشمال محمد إمام، ثم التقى بعد احتفال الجامعة النائب أشرف ريفي.
وفي الجولة الشمالية، استقبل النائب كريم كبارة البخاري في منزله في طرابلس، وشكّل اللقاء مناسبة للتداول بآخر المستجدات.
وكان تشديد على الحرص على استقرار لبنان، وتأكيد على أهمية العلاقات الطيبة والمتينة بين لبنان وكل الدول العربية وعلى رأسها المملكة.
وغرد ناجي قائلاً: "استقبلت سعادة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري مناسبة لتناول مجمل الأوضاع وأهمية استمرار التواصل بما يخدم المصلحة العامة".
وأضاف: "تم التداول في الصعوبات التي تحيط باللبنانيين وكم بات ملحًاً خروج لبنان من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون، وخاصة أهل طرابلس والشمال".
كما زار السفير السعودي منطقة جبل محسن حيث التقى الشيخ محمد خضر عصفور القائم بأعمال رئاسة المجلس الإسلامي العلوي بحضور عدد من أعضاء المجلس في طرابلس وعكار.
إلى ذلك، استقبل النائب إيهاب مطر، البخاري، في مكتبه في بحصاص - طرابلس، وعرض معه الأوضاع.
ثم انتقل النائب مطر إلى منتجع "الميرا مار" حيث أقيمت مأدبة غداء على شرف البخاري في طرابلس، بحضور عدد من النواب والسفراء وشخصيات سياسية، اجتماعية، فنية وثقافية طرابلسية.
وبعد اللقاء، أوضح مطر أن "زيارة السفير السعودي مشكورة، لأن طرابلس تحتاج لفتة نظر من المجتمع الدولي والعربي لمشاهدة الحقيقة بأن مدينتنا تعاني من ازمات وتحتاج إلى الاحتضان، لكنها مدينة تشكل نموذج العيش الواحد والتنوع".
وقال: "بالأمس سمعنا سعادة السفير بخاري يؤكد حرص المملكة على إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، بما يؤدي إلى استقرار لبنان ووحدة شعبه. وهذا كلام نسمعه كل يوم، ونرصده في تحركات السفير البخاري ومسؤولي المملكة، انطلاقاً من الحقيقة التاريخية بأن المملكة العربية السعودية كانت دائماً مع لبنان، قولاً وفعلاً، فلم تقصر يوماً في مد يد الخير له، من دون منة، وهي التي جيشت العالم والعرب من أجل انجاز التسوية اللبنانية التاريخية التي أقفلت كتاب الحرب الأهلية البشعة".
وختم: "وبمناسبة الزيارة نثبت موقفنا المتمسك باتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية وأعاد لبنان إلى دوره الطبيعي كمنارة عربية تصدر الثقافة والسلام، ولا تراجع عن تطبيقه بكامل بنوده، ونرفض أي صيغ من شأنها إعادة لبنان إلى ما قبل العام 1989".
وفي السياق، لبى سفير المملكة العربية السعودية دعوة رجل الأعمال محمد أديب إلى مأدبة غداء تكريمية على شرفه في منتجع "ميرامار" في طرابلس، بحضور عدد من السفراء والنواب.
وألقى البخاري كلمة قال فيها: "غاية المملكة العربية السعودية ومرتجاها أن يبقى لبنان قلباً واحداً ويداً واحدة في خدمة نهوض وازدهار أرضه، ورخاء أبنائه بعيداً عن أي تدخل، فقوة لبنان وصموده ينبعان من الداخل والداخل فقط".
تابع: "أود أن أؤكد أن رسالة العمل الديبلوماسي السعودي في لبنان تهدف إلى توفير شبكة أمان دولية مستدامة من أجل الحفاظ دائماً وأبداً على أمن لبنان واستقراره، وحرص القيادة السعودية دائماً أن نسعى من أجل تحقيق هذه المبادئ وهذه الرؤية".
وشدد على "حرص المملكة العربية السعودية على محور مهم جداً في مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في الملف اللبناني، وخاصة أننا أكدنا للجميع بأن المملكة لن تتعاطى أو تدعم أي قوى سياسية منخرطة بالفساد السياسي أو المالي، نقطة على السطر". وقال: "نأمل من الجميع أن يغلّبوا المصالح العامة على المصالح المرحلية، لبنان يعيش مرحلة انتقالية ويجب أن نتحمل مسؤولية مشتركة، الجميع والأفراد قبل الدول، ولكن الحلول يجب أن تنبع من الداخل اللبناني، فلذلك على الجميع أن يحدد الخيارات السياسية ويحدد أيضاً تحمل نتيجة تلك الخيارات حتى يقرأ المجتمع الدولي هذه المؤشرات بشكل إيجابي للتعاون والانطلاق والدعم المشترك المستقبلي".