تقدّم الخلاف بين "حزب الله" و"التيّار الوطنيّ الحرّ" على ما عداه، في الدورة الثامنة لانتخاب رئيس الجمهورية، التي اقتنع النوّاب أنفسهم بأنّها أصبحت مسرحيّة سمجة، ملّ منها الممثّلون كما الجمهور.
غاب الاهتمام عن مجريات الجلسة وعدّ الأصوات المكرّرة، وتشبّثت الأنظار على نوّاب "التيّار الوطنيّ الحرّ" الذي بلغ رئيسه باب مجلس النوّاب ثمّ انسحب في اللحظة الأخيرة، وعلى كيفية تعاملهم مع الانتخابات بعد كمّ هائل من التسريبات سبق الجلسة، عن توجّه لإعطاء أصوات لميشال معوّض، أو البقاء في الدورة الثانية، أو التخلّي عن الورقة البيضاء لصالح مرشّح، لم تصدَّق جميعها، وتمّ الاكتفاء بحركة هزيلة، هزليّة تمثّلت بخمس أوراق كُتب على اثنين منها اسم ميشال، وورقتين أخريين كُتب عليهما اسم "معوّض"، بالإضافة إلى ورقة كُتب عليها معوّض بدري ضاهر.
وفيما رفض النواب العونيّون التعليق صراحة على الخطوة، وإذا كانت كافية للردّ على ما صعّدوا من أجله منذ يومين، واعتبروه نكثاً للوعود وتعدّيًا على صلاحيات الرئيس وغيرها، اكتفى أحد النواب بالقول انّها رسالة تحذيرية، كافية تؤكّد أنّ هناك من يستطيع أن يغيّر "الستايتكو" القائم، وهي على رمزيّتها قلّلت الأوراق البيضاء وجعلتها تتعادل مع أصوات معوّض، بعدما تفوّقت عليه في الجلسات السبع الماضية.
وفي هذا الإطار تحدّثت معلومات عن لقاء جمع باسيل مع النائبين علي فضل الله وعلي عمّار للملمة الخلاف الحاصل.
وعقدت الجلسة بحضور 105 نواب، وتغيّب 11 نائباً بعذر، هم سليم الصايغ، وضّاح الصادق، سيمون أبي رميا، ياسين ياسين، الياس بو صعب، نعمت افرام، علي عسيران، هاغوب بقرادونيان، ستريدا جعجع، ملحم رياشي، طه ناجي، وانتهت بحصول معوّض على 39 صوتاً و39 ورقة بيضاء و5 أصوات لعصام خليفة و9 أصوات لـ"لبنان الجديد" وصوت واحد لـ"لأجل لبنان" وصوت واحد لزياد بارود وصوت واحد لصلاح حنين و3 أصوات لبدري ضاهر وصوت واحد لفوزي أبو ملهب وصوت واحد لـ"التوافق" وصوت لـ"معوّض بدري ضاهر" و4 أصوات ملغاة.
وبهذه النتيجة لم يحقّق معوّض خرقاً فعليّاً يذكر ضمن النوّاب السنّة الذين بقوا يصوّتون لـ"لبنان الجديد"، فيما بقي جزء من التغييريين أصحاب الخلفية اليساريّة ينتخب عصام خليفة.
وفي بداية الجلسة، قال عضو تكتّل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم "البلد ينهار والتاريخ يسجّل"، وتوجّه إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، قائلاً، إنّ "البلد ينهار وأنت من أكبر المسؤولين عن تدارك الأمور، ويمكنكم دعوة النوّاب الذين يقاطعون الجلسات للحضور ووقف هذه المقاطعة".
وأشار إلى أننا "نستطيع خوض المعركة لولاية إنقاذية ودستورية"، مضيفاً، "الذي يحدث لا يستطيع أحد أن يحمله"، وبعد شكر برّي لكرم على تهذيبه قال: "أحاول الدعوة الى الحوار من أجل اختصار هذا الوضع، وآمل أن يقتنع الناس بالحوار". من جانبه، قال النائب هادي أبو الحسن في الجلسة: "أنَّ "المشهد يتكرّر اليوم، إذ إنّ كلّ فريق لا زال على موقفه، ويبدو أنّنا وصلنا إلى حائط مسدود".
ولفتَ أبو الحسن، إلى أنَّ "أمامنا واحدًا من هذين الخيارين، الخيار الأول الاستمرار بالجمود والمراوحة وانتظار قرار الخارج، وبذلك لا جدوى من حضور الجلسات، علماً أن لا كرامة وطنيّة في هذا المشهد، وكلّ نائب سيشعر بالإهانة الشخصية، أمَّا الخيار الثاني فهو إيجاد الطريقة كي نلتقي على مرشّح يؤمن بالإصلاح والتكامل مع الحكومة والمجلس ويؤمن كذلك بالطائف وتطبيق مندرجاته، خصوصاً بعد الحديث الذي سمعناه هذا الأسبوع".
وتوّجه أبو الحسن الى كلّ أعضاء المجلس النيابي والمكونات السياسية داعياً إيّاهم "لإفساح المجال أمام طاولة حوار تتمثّل فيها جميع القوى تحت عنوان انتخاب رئيس تتوّفر فيه مواصفات الإصلاح ويحرص على تطبيق الطائف لأنه من المعيب الحضور إلى المجلس بهذا المسلسل المستمرّ في إظهار المجلس بمظهر العاجز.." ولدى توجّه النائب ملحم خلف إلى برّي بالمطالبة بالبقاء في القاعة العامة للتشاور والوصول إلى اتفاق، أجاب برّي ضاحكاً:" حدا قلّك عاملين استراحة هون."
وفي ختام الجلسة قال برّي: "جلسة الأسبوع المقبل هي الجلسة الأخيرة لهذا العام"، مؤكداً أنّه "اذا قُبل بالحوار، فسنحوّل جلسة الانتخاب المقبلة إلى حوار، وإذا لم يتمّ ذلك سنذهب الى السنة الجديدة".
وبعد الجلسة هاجم معوّض نواب "التيار الوطني الحر" من دون أن يسمّيهم وقال: "تصرّف البعض إن كان بتعطيل النصاب أو بالتصويت الاستهزائيّ لإيصال رسالة، وإن كان بفتح جلسات وإغلاق أخرى، فقد أدّى إلى ملل وقرف لدى اللبنانيين".
واضاف: "لن ندخل ببورصة الأصوات ولكنّنا عدنا إلى الـ45 صوتاً وهو ما يؤكد صلابة القاعدة التي تصوّت لي على الرغم من كلّ المحاولات لزرع جوّ أنّ ترشيحي غير جدي". وتابع بعد الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس للجمهورية: "عندما كانت علاقاتنا طبيعية مع العالم العربيّ أدخلت الى لبنان 9 مليارات إضافيّة، هكذا نسترد أموال المودعين".
وأكّد معوّض: "لن نخضع وسنقف في وجه من يحاول فرض مرشّحين علينا". ولفت إلى أنّ ترشيحه ليس من أجل الوصول إلى المنصب بل لإيجاد حلّ وإخراج لبنان من أزمته. وأضاف: "ما حصل يؤكّد صلابة مواقف الكتل التي تصوّت لي وكلّ ما يحصل تسبّب بـ"قرف" لدى النواب، وهناك من أراد إيصال رسالة ولكن "ما بيسترجي يكفّي للآخر".
وسأل معوّض: "هل تشتيت المعارضة يمنع التسوية أو يأتي بتسوية أسوأ؟" وختم قائلاً: "ما يحصّننا من إمكانيات التسوية بمنطقها السلبي أي التسويات والرئيس الرمادي هو التوحّد لا التشتّت".
الى ذلك شدّد النائب أسعد درغام على "أنّنا دخلنا في مرحلة اختيار مرشّح معيّن والتواصل بشأنه مع الأفرقاء"، معلنًا "أنّني أؤكّد أنّ في الجلسة المقبلة سيكون لدينا مرشح".
وفي سياق السباق الانتخابيّ أعلن النائب السابق صلاح حنين ترشّحه رسميًّا لانتخابات رئاسة الجمهوريّة، خلال مشاركته في سلسلة "رئاسيّات"، ضمن جلسة مع "الكتلة الوطنية" في مقرّها في الجمّيزة، ولفت إلى أنّ "الانطلاقة كانت مع نوّاب التغيير الذين تداولوا بعض الأسماء لترشيحها ضمن سلّة واحدة. وكان لي الحظّ أن يكون اسمي من بين هذه الأسماء وحصل تواصل بيننا، وفي موقع آخر قرّروا ضمن آليّة لاختيار اسم من بين الأسماء التي توافقوا عليها وتبيّن أنّهم اختاروا اسمي".
وأوضح أنّ "المبادرة اليوم ما زالت بين أيديهم، وقد علمت أنّه من الممكن أن يقدموا على مبادرة جديدة تقوم على التواصل مع الأحزاب والتيّارات لتحديد التقاطعات بين بعضهم".
أضاف: "صحيح أنّ المبادرة تعثّرت، ولا شيء في السياسة وفق الظروف لا يتعثّر، وأعتقد أنّهم سيستمرّون فيها بالتقاطع مع الأحزاب والتيّارات".