كل يوم، بات اللبنانيون على موعد مع حالة انتحار بسبب عجز المواطنين عن مواجهة عمق الأزمة، فيرون في الرحيل ملاذاً للحفاظ على هيبة عمر وكرامة لطالما دفعوا ثمن الحفاظ عليها بالدم.
المواطن بيار صقر، كتب وصيته على فايسبوك يؤكد فيها سينتحر. لم تردعه مطالبات رفاقه والمواطنين عبر الفايسبوك. حاول الكثير من الشباب معرفة مكانه، وعثر عليه شقيقه في جرود زحلة، لكن كان الوقت قد فات وبيار رحل.
مزجت وصيته بين الشخصي ووصف للمعاناة التي غلبته، وبين السياسي الذي اعتبر أنه لولا هذه السلطة الحاكمة ولولا الوضع الذي زداد تأزماً لما وصل الإنسان إلى طريق مقفل يحتّم عليه أن يأخذ حياته بيده.
وفي صلب الوصية، أن يلف نعشه بالعلم اللبناني وعلمي القوات اللبنانية والكتائب.
فبيار بحسب رفاقه، حمل القضية في قلبه ووجدانه. من معركة زحلة والمجلس الحربي إلى اليوم، إلى ساعة رحيله، لم تكسره معركة ولا صعوبات، لكن ضيق العيش كان صعباً، والكرامة "حقا دم"، وبدل أن يكون شهيد القضية تحول إلى ضحية الانهيار.
وفي رسالة "مرعبة"، كتب بيار على صفحته في فايسبوك قبل وفاته، الآتي (ننشرها من دون تدخل في الصياغة):
"
نهاركم مبارك ،بعد كم يوم بكون صرلي ثلاث سنين مسكر شغلي بسبب الازمة وقاعد بالبيت ناطر الوقت والفرج،
خلال شهرين بدّي سلم المعمل وبالطبع ما معي جدِد أيجار و عندي مشاكلي الصحية
صرلي فترة كل ما اتصور حالي عم بِخلي معملي وكب هال ٣٢ سنة تعب هيك، يروحوا ضيعان
اغضب واخوَت، خصوصا انو مضطر ارجع اسس حالي عن جديد كأنو بعدني متخرج من الجامعة وعمري ٢٦ سنة وانا عمري ٦٢!!! يعني بعد سنتين لازم روح عالتقاعد وبالدول يللي بتحترم حالها
"معزز ومكرّم "
بينما امكاناتي المادية هلأ " عالأرض "،
لا رصيد مالي لديّ!
انا عطول شخص ايجابي ومرح
انما الأفق تسكر امامي تقريبا
انا ربيت ب عيلة مسيحية مؤمنة على يد والد آدمي محب صلب ومكافح،
رباني على محبة لبنان، كتير وزيادة، على الكرم ومساعدة الغير والاستقتال لمساعدة الفقير
انا بقى ما فيني عيش بدون قدرة على انشاء عيلة ، اهتم بأخواتي المحبين ب والدي يللي بفتخر جدا فيه !
معنوياتي ما بتسمحلي استمر هيك والاوضاع باتجاه الانهيار اكتر
ما فيي عيش بدون ما تابع خدمة القضية ،
يللي اعطيتها ٤٠ سنة من عمري من وقت معركة زحلة
بلشت شوف حالي مكافح تقاعد قبل وقتو
بعد شوي يمكن ما رح ما يكون معو ياكل !
الأفق شبه مسكر
صرلي شهرين عم بحس بحزن كبير وعم ب زيد
وصرت صلي قبل ما نام ل قديسي شربل يفتحها بوجي واذا لأ ل ألله ياخدني ،
اطلع على عنايا كل اسبوع
ما لقيت ولا اشارة امل
القلق كبر اكتر والحزن صار اقوى مني
والله ما عم بيبعت ورايي
منشان قررت اليوم انا روح لعندو
ما بقى فيي كمّل
جبت معي بارودتي
(يللي هي امانة من القضية عندي )
قررت انهي حياتي
كنت حابب موت شهيد كرمال قضية لبنان
متل كتير من رفاقي
كرمال كرامتنا وحريتنا كمسيحيين
لأنو من زمن مار يوحنا مارون نحنا الوحيدين بهالشرق قرارنا حرّ وعنفواننا قد جبال الارز
. . . بس شو بدي اعمل ،
اعتبروني شهيد او بالضبط ضحية الانهيار
يللي ورا كتلة الشر المعممة بالاسود يللي مخباية
تحت الارض بالضاحية
انا ضحيتو وضحية توابعو الفاسدين عِمَدا الحرامية يللي تواطؤا معو مقابل المال والسلطة المسيحيين منهم قبل المسلمين
ما بدي سمّيهم ت ما لوث اخر صفحة بكتبها ب اساميهم ،
انشالله مار مخايل يظهر عليهم و بسيفو يدبحهم.
بطلب من اهلي واخواتي وعائلاتهم المحبة السماح
. . . يتفهموني
وبعتذر من شباب القوات اللبنانية والسياديين الشرفا ،
( مش من البعض منهم الانانيين المزوّرين ) اني مار رح كون موجود وقت ينادي الواجب
بوصي ب ٥ شغلات :
١- انو ينلّف نعشي وبالتسلسل :
ب علم لبنان
ب علم القوات اللبنانية ، المؤسسة يللي عطيتها من عمري اربعين سنة في سبيل لبنان ، مؤسسة بشير يللي حافظ عليها سمير فريد جعجع ب رموش العين ولعشرات السنين وما تعب وبعدو عمبواجه ،
ب علم الكتائب اللبنانية يللي جذوري نمِت بتربتها
في البدايات ، روح الكتائب يللي انا بعرفها وبحبها،
كتائب رينه صقر وسليم عاصي وفوزي خزاقة وجورج سعادة وديب نجيم وميشال البش ،
كتائب يوسف الضاهر ، انطوان نجم ، جود البايع ،الوزير جورج سعادة وسمير جعجع
كتائب بشير الجميل والشهيد الحبيب بيار بالروحية والنضافة
٢- بالتأبين تبعي ، قدام كل الناس القاء
نبذة عن نضالي زمن الحرب والمسؤوليات يللي تسلمتها متل اي شهيد لأني بشوف حالي فيها خصوصا نشاطي ورا الخطوط ، مع العلم انو كنت انا عطول محتفظ فيهم ل ألي وما بحب احكي شي ،
بس هلأ رايح موت وما بقا في لزوم للتحفظ بالعكس .
٣- اذا امكن وضع لوحة تذكارية على نينتي
جانب الكنيسة ب موقع البطولة " الغرفة الفرنسية "
صنين وقت يللي بتلاقوا مناسب
٤-اقامة قداس على نيتي عشية او يوم عيد الرب ب ٦ آب ب كنيسة الرب ب جرد تنورين هالجرود يللي بدمّي هو وجرد العاقورة وجرد صنين يللي رح اترك روحي فيهم
٥ - ل اخواتي ت يضللوا متل م ربانا الوالد
يلتفو ع بعضهم متل ما هني هلا ويضللوا لبعض عطول يتبهوا لاولادها يللي بحبهم كتير
ويفرحوا منهم
. . . اخيرا بفتخر ب امرين
انو والدي رينيه امين صقر
انو تعرفت عن كثب على حقيقة سمير فريد جعجع
على خلاف كتير ناس مضللين ، الانسان المؤمن الصلب المؤتمن وخصوصا المتواضع الآتي من عيلة متواضعة مؤمنة ، يعني متلنا متلو ، منشان هيك حطيت ثقتي فيه وتابعت التزامي بالقضية معو
. . . .مع محبتي
ملاحظة : مفتاح ال jeep على المذبح
( وحياة الله عم بكتب هالاسطر وعم بشهق بالبكي )"
ما نشهده من أزمات اقتصادية واجتماعية وهواجس تلاحق اللبنانيين، في ظلّ تردّي الأوضاع المالية وانقطاع الأدوية وإقفال الشركات وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، قد أدّى إلى زيادة في عدد شكاوى المواطنين، والأخطر انتشار الأفكار الانتحارية وزيادة حالات الانتحار.
وفي هذا الصدد، أكدت مشرفة برنامج "خط الحياة" في جمعية Embrace ريف رومانوس، في وقت سابق، لـ"النهار" أن أعداد المكالمات التي نستقبلها زاد بنسبة ثلاثة أضعاف عمّا كانت عليه في السنوات الماضية، إذ كنا نتلقّى ما بين الـ300 والـ500 اتصال شهرياً منذ ثلاث سنوات، أما اليوم فنتلقى نحو 1300 اتصال في شهر حزيران، و1000 اتصال في شهر تموز.
وما كان لافتاً ليس فقط زيادة وتيرة الاتصالات إنما نوعها أيضاً. فلم نكن نسمع من قبل عن مشكلات وأزمات نعجز عن إيجاد حلول لها، لأن الموضوع ليس بيدنا كجمعية إنما بيد الدولة. وبالتالي، فالمشكلات التي ترهق كاهل الناس تزداد تعقيداً، فانقطاع الأدوية وفقدان العمل وعدم القدرة على استشارة طبيب أو معالج نفسيّ، بسبب الغلاء وارتفاع التكلفة، أدّت إلى زيادة الثقل على العاملين. باختصار، الوضع بات صعباً جداً و"أكبر منا".
وتوضح رومانوس بأن "الوضع الاقتصادي يحتلّ المرتبة الأولى في الاتصالات وهموم اللبنانيين. وقد أثرت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين، كما أن صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحيّة بسبب ارتفاع تكاليف الطبابة دفع ببعض المرضى النفسيّين إلى تغيير أدويتهم، وتناول عيارات أقلّ، للاستفادة من كمية الدواء لوقت أطول، ممّا يؤثر في فاعلية علاجهم وعودة عوارض المرض النفسي".
نعرف أن المرض يتطوّر في حال لم يتلقَّ الشخص علاجه اللازم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المرض النفسيّ الذي قد يتطوّر وتسوء حالة المريض في حال لم تتمّ متابعته جيّداً. وفي النهاية، قد يقدم الشخص على الانتحار بسبب الضغوطات وعدم المتابعة مع اختصاصيّ نفسيّ.
وتشير رومانوس إلى أن "أرقام الانتحار في لبنان غير دقيقة، ويعود سبب ذلك إلى عدم تسجيل بعض حالات الوفاة على أنها انتحار. صحيح أن زيادة حالات الانتحار ليست مطردة، ولكن نُسجّل ارتفاعاً في انتشار الأفكار الانتحارية الصامتة مثل " يا ريت بموت وبرتاح"، "الله يريحني"، "شو هالحياة؟"، " يا ريت بنام وما بقوم"، "يا ريت بمرض وبموت"... كما بدأنا نتلقّى اتصالات من مرضى سرطان يشتكون من القلق والخوف الذي يعيشونه نتيحة انقطاع في الأدوية السرطانية، وهذه الأزمة المستجدّة لم تكن تُسجّل سابقاً في لبنان".
تشير مشرفة "خطّ الحياة" أنّ هناك وسائل عديدة يمكن اللجوء إليها لتقديم المساعدة، وتبدأ أولاً بـ:
* الإصغاء إليه، وعدم الحكم عليه، وتقديم المساعدة له. تجنّب قول بعض التعابير مثل "ما بقى تفكّر هيك، أو شيل هودي الأفكار من رأسك". لأنّه لو كان باستطاعته فعل ذلك لما كان يعاني ويتحدّث عمّا يعتريه من حزن أو قلق أو اكتئاب أو إحباط...
* تشجيعه على الحديث، والاتّصال على رقم الحياة 1564، "لأنّ الحكي بخلّص حياة".
* التخلّص من الطاقة السلبية من خلال القيام بشيء يحبّه.
* طلب المساعدة من اختصاصيين وأطباء نفسيين.
* خلق روتين يوميّ يساعده على تنظيم حياته واستعادة الطاقة والأمل.
* التحدث إلى أشخاص يثق بهم ولا يحكمون عليه، وعد الخوف من طرح السؤال حول مراودة أفكار انتحارية في باله.