قطع وليد جنبلاط الشك باليقين، فترأس اجتماع كتلة "اللقاء الديموقراطي" وأعلن تأييد ترشيح جهاد أزعور لموقع رئاسة الجمهورية. أنهى كل ما قيل عن تراجعه بعدما كان أول من طرحه، ثم ما نُقل عن "مونة" نبيه برّي عليه للتصويت لمرشّحه سليمان فرنجية، وحتى عن سفره لفرنسا لتفادي مواجهة الثنائي الشيعي ووضع نجله تيمور جنبلاط في الواجهة، فكان في صدارة مشهدية كليمنصو.
لكن جنبلاط حافظ على موقعه "الواقعي"، وشدّد على أن دعم ترشيح أزعور لا يعني الاصطفاف إلى جانب طرف ضد آخر، وبالتحديد المعارضة والتيار "الوطني الحر"، ووجّه رسائله للثنائي الشيعي مبدياً استغرابه لاعتبار "حزب الله" و"أمل" أزعور مرشّح تحدٍ. وجدد الدعوة إلى الحوار كسبيل من أجل التوافق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
نائب رئيس "التقدمي" كمال معوّض يشرح حيثيات الترشيح وتداعياته على الاستحقاق الرئاسي، ويرى في تأييد أزعور واحتمال وصوله إلى بعبدا "إمكانية لتوجيه لبنان إلى مسار الانقاذ من خلال علاقاته الدولية وموقعه في صندوق النقد، وقطع الطريق على استكمال مشروع "حزب الله" في تغيير وجه لبنان بعد الانهيار الذي حصل في عهد ميشال عون من خلال مرشّحه".
وفي حديث لـ"النهار"، يُشير إلى أن لترشيح أزعور "تبعات عدّة على مسار الاستحقاق الرئاسي، أولها قد تكون تحفيز بعض النواب المتردّدين على حسم خيارهم"، وفي هذا السياق، يعتبر أن "عدم التسمية أو تسمية شخصية أخرى هو اختباء خلف الأسماء لعدم اتخاذ موقف جريء، بهدف تفادي استفزاز فريق الممانعة".
أما وعلى المدى البعيد، فيرى في الترشيح "ضغطاً على الثنائي الشيعي للخروج من منطق "محاولات فرض سليمان فرنجية"، وهذا الضغط قد يؤدّي في نهاية المطاف إلى الاتفاق على شخصية ثالثة، ثم أنّه خيار يمثّل رفضاً للانصياع إلى إملاءات "حزب الله" ومن خلفه إيران، لكن ذلك يبقى رهن ارتفاع عدد الأصوات المؤيّدة لأزعور".
قلق من توترات أمنية واغتيالات!
إلّا أن معوّض يسأل: "هل سيقبل "حزب الله" بهذا المسار الديموقراطي؟". ويُبدي في الوقت نفسه قلقاً شخصياً من توترات أمنية قد تحصل في البلاد أو حتى عودة موجة الاغتيالات إلى لبنان وذلك بهدف "تطيير الاستحقاق الرئاسي" في حال لم يكن المسار وفق رغبة الحزب، "ليُطرح في ما بعد مصير البلاد برمّتها، فتعود النزعات الانفصالية لتعزّز من حضورها"، وفق نائب رئيس "التقدمي".
ورداً على أجواء أشاعها الثنائي الشيعي حول تأييد "التقدمي" لأزعور واعتباره مناورة، يُذكّر معوّض بأن "جنبلاط كان أول من طرح أزعور وحاور على أساسه وبالتالي فإن الدعم خيار أساسي"، ويرد على ما حُكي عن احتمال دعم فرنجية، ليؤكّد أن "هذا الخيار ليس مطروحاً، ونحن مصرّون على رفض منطق الفرض، خصوصاً وأنّه ترشيح يُعارض إرادة الغالبية المسيحية، ويضرب وحدة لبنان".
لماذا يرفض "حزب الله" ازعور؟
أما وعن أسباب رفض "حزب الله" لترشيح أزعور، فيلفت معوّض إلى أن "الحزب" يرى في ترشيح ازعور "تحدياً لمنطق فرض إرادته على اللبنانيين"، ويُشير إلى أن "حزب الله" يرغب في وصول فرنجية "لاستكمال مشروعه الذي بدأ خلال عهد عون مع الانهيار الاقتصادي وتخريب علاقات لبنان الدولية، والذي ستكون نتيجته "إنهاء لبنان الذي نعرفه".
في المحصّلة، فإن دعم ترشيح "التقدمي" لأزعور سيضفي المزيد من الضغط على الثنائي الشيعي، وبشكل خاص "حزب الله" وفرنجية، خصوصاً وفي حال تجرّأت بعض الكتل والنواب المستقلين على السير في المسار نفسه، وفي حال تمكّن داعمو أزعور من حصد 65 صوتاً، فإن الممانعة ستكون في موقع "المعطّل" الفعلي للاستحقاق، وحينها، مسار آخر سيُرسم للاستحقاق والبلاد.