النهار

بعد رد المجلس الدستوري الطعن بمعظم بنود الموازنة... القعقور لـ"النهار": لتعديل وتصويب قرارات وزير المال ذات الصلة
المصدر: "النهار"
بعد رد المجلس الدستوري الطعن بمعظم بنود الموازنة... القعقور لـ"النهار": لتعديل وتصويب قرارات وزير المال ذات الصلة
المجلس الدستوري.
A+   A-
بعدما رد المجلس الدستوري الطعن المقدم من نواب لإبطال قانون موازنة العام 2022، أصدر وزير المال يوسف الخليل القرارين 2/1 و3/1 تاريخ 10 كانون الثاني 2023 المتعلقين باعادة النظر باسعار صرف الرواتب والأجور، لكنه في المقابل لم يعدّل قراراته الأخيرة الأخرى المتعلقة بالضرائب والرسوم التي حددها على سعر صيرفة، إضافة إلى مخالفة الجمارك عبر تحصيلها ضريبة القيمة المضافة على سعر 15,000 ليرة للدولار.

وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون المالية والضريبية جمال القعقور لـ"النهار" إنه تواصل منذ البداية مع عدد من النواب لمعالجة وإبطال القرارات التي صدرت عن وزير المال، ولكن لم يحصل أي تجاوب بسبب عدم إعطاء الوقت الكافي لاستيعاب الأسس القانونيّة للطعن بقرارات الوزير، وكان الجواب أن الطعن هو من صلاحية مجلس شورى الدولة وليس من صلاحية المجلس الدستوري.

كما أن بعض الكتل النيابية ولكسب الشعبوية فقط عقدت مؤتمرات صحافية إنتقدت فيها قرارات وزير المال التي رفعت قيمة الضرائب والرسوم، من دون اتخاذ أي اجراءات سواء عبرها أو عبر الهيئات العماليّة التابعة لها، لا بل ان وزير المال محسوب بتعيينه وتبعيّته على بعض هذه الكتل.

من هنا يؤكد القعقور أن "اللعبة أو الخيط المخفي كان عبر تفاهم واتفاق بين رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة على تمرير الموازنة من دون تفاصيل لسعر الصرف، والإعتماد على الجملة التي ترد في الموازنة - نهاية نص البنود الضريبية - حيث يُكتب النص الآتي: "تحدَّد دقائق تطبيق هذه المادة بموجب قرار من وزير المال". فيما "القنبلة الدخانية فقط تكون عبر تصريح الرئيس الثاني عن امتعاضه ورفضه لقرارات الوزير، والرئيس الثالث يصرح بأن علينا أن نتحمل بعضنا البعض".

ويبدو ان النواب الذين تواصل معهم القعقور "لم يستوعبوا مخالفة وزير المال للقانون عبر قراراته الضريبية التي أصدرها بناء على النص أعلاه المتعلق بتحديد دقائق المادة الضريبيّة، لأن التحديد يجب أن يكون ضمن الأطر القانونيّة وغير مخالف لأي نص قانوني يتعلق بالضرائب".

وأوضع أن "النواب الرافضين لقرارات وزير المال التي سمحت بتحديد الرسم الجمركي والرسوم التابعة على سعر 15 الف ليرة للدولار الواحد، وبقية القرارات المتعلقة بالضرائب والرسوم الأخرى على سعر صيرفة، لم ينتبهوا إلى المخالفات القانونية لها، وتاليا يحق لهم الطعن بها أمام المجلس الدستوري، على عكس إعتقاداتهم، وكان من الأسلم والأفضل الطعن بهذه القرارات بدلا من الطعن بالموازنة".

وشرح القعقور النصوص القانونية الواردة في قانون المجلس الدستوري والتي تسمح بتدخل المجلس بقرارات او مراسيم تخالف القانون، وهي بمثابة ممارسة عمل سُمح للوزير بالقيام به إلا أنّه بتفاصيله تجاوز نصوصا قانونيّة ليس من صلاحيته تحديدها. ومن هذه النصوص:
* يحق للمجلس الدستوري الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين بحيث أن تأتي القوانين متوافقة ومتجانسة مع أحكام الدستور، وان تأتي المراسيم الإشتراعيّة والتنظيميّة متطابقة مع قوانين التفويض.

* إن أحكام المادة 19 من الدستور والمادتين 1 و18 من قانون إنشاء المجلس الدستوري، تعطي الحق والصلاحيّة للمجلس الدستوري للنظر بقانونيّة المراسيم الإشتراعية (المقصود هنا أيضا القرارات التي يصدرها الوزير والتي لها قوّة القانون) التي هي ثمرة تفويض تشريعي يعطيه مجلس النواب للحكومة (المقصود هنا الوزير أيضا).

* نصّت المادتان 1 و18 من قانون إنشاء المجلس الدستوري كذلك على حق المجلس في الرقابة على دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوّة القانون (والمقصود هنا المراسيم والقرارات وغيرها والتي تصدر عن الحكومة و/ أو الوزير)، ولا يجوز لأي مرجع قضائي (وفي موضعنا الحالي المقصود مجلس شورى الدولة) أن يقوم بهذه الرقابة مباشرة عن طريق الطعن أو بصورة غير مباشرة عن طريق الدفع لمخالفة الدستور.

وتمنى القعقور أن يطعن النواب بقرارات وزير المال أمام المجلس الدستوري قبل 23/01/2023 بناء على المعطيات أعلاه ومخالفات وزير المال وادارة الجمارك للمواضيع أدناه:
1- الإشارة إلى نص المادتين 1 و18 المشار إليهما أعلاه واللتين تعطيان الحق حصريا للمجلس الدستوري في البت بمخالفة المراسيم وملحقاتها عندما تتضمن مخالفة دستورية.

2- إن إعطاء مجلس النواب الصلاحية ضمن البنود الضريبيّة لوزير المال لتجديد دقائق تطبيق هذه المواد يجب ألا يتجاوز بقراراته ما نص عليه الدستور، بل المقصود منه صلاحيات اداريّة وتنظيميّة وإجرائيّة.

3- تنص المادتان 81 و82 من الدستور اللبناني على ان فرض وتعديل وإلغاء الضرائب يتم فقط عبر قوانين تصدر بموافقة المجلس النيابي.

4- تنص المادة 229 من قانون النقد والتسليف على وجوب ألّا يؤدي تعديل سعر الصرف الرسمي إلى زيادة قيمة الضرائب.

5- ينص المرسوم 7308 على أنّه إذا كان ثمن الخدمة أو المال محددا بعملة أجنبيّة، ومن أجل احتساب قيمة الضريبة، على الخاضع للضريبة أن يحوّل مبلغ الضريبة وفقا لسعر الصرف الرسمي.

بناء عليه، يتم الطعن بقرارات وزير المال 683/1 و 684/1 و 685/1 و 686/1 و 687/1 و 688/1 تاريخ 23/11/2022، كما يتم الطعن باجراء الجمارك اللبنانية لمخالفتها المرسوم 7308 حيث يتم الآن تحصيل ضريبة القيمة المضافة على سعر 15 ألف ليرة بدلا من سعر الصرف الرسمي 1507.50 ليرات.

وتاليا تتم دراسة جميع هذه الضرائب وأسعار الصرف في المجلس النيابي، لإصدار قانون بها يراعي مبدأ التوازن بين مداخيل الدولة والتقديمات المطلوبة للمواطن بشكل عادل.

الى ذلك، بنى المجلس الدستوري تعليله لردّ الطعن في المادة 87 من قانون الموازنة على القول بأن هذه المادة قد عدلت نص المادة 35 من قانون موازنة العام 2020 والتي تنص في فقرتها على الآتي: "وإذا اقتضت الضرورة معادلة الليرة اللبنانية بأي عملة أجنبية بالنسبة لبدلات بعض الخدمات فيكون ذلك إلزامياً وفقاً للتسعيرة الرسمية التي يفرضها مصرف لبنان".

علماً أنّ النص المطعون به قد نصّ على: "وإذا اقتضت الضرورة معادلة الليرة بأي عملة أجنبية بالنسبة لبدلات بعض الخدمات فيكون ذلك إلزامياً وفقاً للتسعيرة التي يحدّدها مصرف لبنان". وقد اعتبر المجلس الدستوري في تعليله ودفاعه عن رده الطعن في هذه المادة بأنّه "يعود للمشرّع أن يلغي قانوناً أو أن يعدّل في أحكامه من دون أن يشكل ذلك مخالفة للدستور، أو أن يقع هذا العمل تحت رقابة المجلس الدستوري طالما أنّ هذا التعديل لم يمسّ بقاعدة دستورية أساسيّة أو بحقّ من الحقوق الدستورية الأساسية أو بمبدأ من المبادئ ذات القيمة الدستورية". وقد ذهب المجلس الدستوري أبعد من ذلك، معتبراً أنّ "الأمان التشريعي لا يشكّل بحدّ ذاته مبدأً دستورياً أو ذا قيمة دستورية".

وسأل المحامي الدكتور باسكال ضاهر عن مدى قانونية بناءات المجلس الدستوري السالفة الذكر، معتبرا أن القرار "لم يكن على قدر التوقعات لا سيما أنه صادر عن مجلس الحكماء في البلاد كما يُعرف عن المجالس الدستورية في العالم، علماً أنّنا كنّا نطمح إلى قراءة تعليل يروي ظمأ القحط الحاكم للمفاهيم المالية والإقتصادية في البلاد، ويعيد الدستورية إلى تلك التصرفات الشاذة والانحرافات المقصودة، الأمر الذي شَرّع ويُشرّع لمزيد من الابتعاد عن الحلول الخلاَّقة التي ترمي إلى تحقيق النهوض بالبلاد من كبوتها المُفتعلة وينحو بها إلى مصاف الدول المتطورة؛ لا سيما أنّ هذا القرار قد منح المصرف المركزي صلاحية أساسية وجوهرية لا يحوزها قانوناً لأنه غير منتخب من الشعب، إذ إنّها تتصل باستقرار أسس العيش الآني والمستقبلي للمواطن".



اقرأ في النهار Premium