توفي رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني عن عمر ناهز الـ 86 عاماً.
وأفاد مكتب الرئيس الراحل في اتصال مع "النهار" أن عارضاً صحيّاً ألمّ بالحسيني، وقد توفي صباح اليوم في مستشفى الجامعة الأميركية.
فعند الساعة السادسة من صباح اليوم، أسلم الحسيني الروح إثر إصابته بإنفلونزا حادة استدعت نقله إلى غرفة العناية الفائقة منذ 3 كانون الثاني الجاري.
وبفقده يخسر لبنان والعالم العربي قامة من قامات التشريع، وأحد أبرز صنّاع اتفاق الطائف الذي أخرج لبنان من دوامة العنف والحرب الأهلية.
وقد دخل الرئيس الحسيني الندوة البرلمانية عام 1972 نائباً عن بعلبك الهرمل، وترأس مجلس النواب منذ العام 1984 ولغاية 1992.
وعمّ الحزن أهالي بلدة شمسطار غربي بعلبك، مسقط رأس الحسيني. وبدأت التحضيرات اللوجستية لاستقبال جثمانه داخل منزله عند مدخل بلدة شمسطار حيث سينطلق موكب التشييع عند الساعة الواحدة من ظهر يوم غد الخميس في مأتم رسمي وشعبي.
وحدّدت عائلة الراحل موعد تقبّل التعازي في منزله في شمسطار حتى نهار السبت 14 كانون الثاني.
وفي بيروت يومي الإثنين والثلثاء في 16 و17 كانون الثاني، في قاعة "سي سايد بافييون" في بيال من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى السادسة مساءً.
والرئيس الراحل حاصل على دبلوم في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة عام 1963، عمل مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في بعلبك، وكان رئيساً لبلدية شمسطار.
وشارك في تأسيس حركة "أمل" عام 1973، وتولى رئاستها بعد تغييب الإمام السيد موسى الصدر ما بين 1978 و1980.
وساهم في تأسيس الهيئة الوطنية للمحافظة على الجنوب عام 1977، وانتخب عضواً في لجنتي المالية والأشغال.
انتخب عضواً في البرلمان منذ عام 1972عن بعلبك-الهرمل لدورات متتالية.
وفي العام 2008، أعلن استقالته من مجلس النواب، متوجهاً بجملته الشهيرة: "أمام حقيقة أن السلطة قادرة إذا أرادت وحقيقة أنها حتى الآن لا تريد أعلن استقالتي من عضوية هذا المجلس".
لعب الحسيني دوراً كبيراً في التوصل إلى اتفاق الطائف، ما جعل كثيرين يطلقون عليه لقب "عرّاب الطائف"، لاسيما أن العديد من وثائق المداولات والمفاوضات الخاصة بالاتفاق بقيت في عهدته، ولم يكشف عن تفاصيلها كاملة.
إلى ذلك، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء الحداد الرسمي لمدّة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم وتنكيس الأعلام على الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، كما تعدّل البرامج العاديّة في محطّات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع الحدث الأليم.
وفي السياق، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في بيان، أنه "فقداناً لدولة الرئيس السابق لمجلس النواب السيد حسين الحسيني، تأجّلت جلسة مجلس النواب المقرّر انعقادها في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس في 12 كانون الثاني 2023 إلى يوم الخميس المقبل الواقع في 19 كانون الثاني 2023، وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية".
كما ونعى برّي الحسيني، في بيان، قائلاً: "بمزيد من الرضى والتسليم بمشيئة الله سبحانه وتعالى، بإسم الشعب اللبناني أنعي إلى اللبنانيين كبيراً من كبار لبنان، وقامة وطنية من قاماته التي ما بدّلت تبديلاً، نذرت جل حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، جهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة".
وأردف: "عنيت به رفيق الدرب دولة رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني والذي برحيله وارتحاله إلى جوار ربه نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانيه وتشريعية ونضالية لا تعوّض".
وختم: "إنني بإسمي الشخصي وبإسم الزملاء النواب أتقدم من أسرة الراحل وآل الحسيني ومن أهلنا في البقاع وبلاد جبيل ومن الشعب اللبناني بأحر التعازي، سائلاً المولى العزيز القدير أن يتغمّده بواسع رحمته ويسكنه الفسيح من جنانه وأن يلهمنا وإياهم عظيمه الصبر والسلوان".
وفي السياق، اعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في بيان، أنّ "لبنان فقد اليوم قامة وطنيّة ودستوريّة أصيلة هو دولة الرئيس حسين الحسيني. وبغيابه تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق".
وقال: "لقد شكل حضور الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة. وكان لدوره الرائد في حقبة مؤتمر "اتفاق الطائف" فضل كبير في إقرار "وثيقة الوفاق الوطني" التي أنهت الحرب اللبنانية. كما عرف، بحسه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل واستكمل تنفيذها".
وأضاف: "بغياب الرئيس حسين الحسيني، نخسر أنا وعائلتنا أخاً وصديقاً كان على الدوام خير ناصح ومتابع، وكنت أفخر وأعتز بما كان يقوله بتواضع، وبالنصح الذي كان يوجهه، لكونه يكتنز كماً من الخبرات السياسية والوطنية.
وختم: "دولة الرئيس، نودّعك اليوم، ولكنك باق أبداً في الوجدان وفي ذاكرتنا الوطنية، رجل دولة بامتياز، لم يكن مروره عادياً بل ترك بصمات لا تمحى وسيسجّلها التاريخ بتقدير واعتزاز".
من جهته، غرّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عبر "تويتر": "رحم الله الرئيس حسين الحسيني، بوفاته يكون لبنان قد خسر رجلاً كبيراً من رجال الطائف لطالما شكل الاعتدال نبراسه، والحوار طريقه والدستور كتابه، وتجديد الوفاق الوطني هدفه. اسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته وان يلهم عائلته الصبر والسلوان".
أما النائب أشرف ريفي، فكتب: "برحيل الرئيس حسين الحسيني يفقد لبنان قامة وطنية برلمانية عريقة ورجلاً كان الضمانة للبنان العيش المشترك، ورجل دولة من الطراز الأول مؤمناً بالعمل المؤسساتي ومحافظاً على الدستور".
وأضاف: "نودع اليوم السيد حسين الذي سيترك فراغاً بحياتنا الوطنية يصعب ملؤه. الرحمة لروحه الطاهرة والعزاء لعائلته".