النهار

سجعان قزي الصهر والصديق
الوزير الراحل سجعان قزي.
A+   A-
كنت أعرف سجعان قزي من بعيد. هو الكاتب السياسي الذي كنت معجباً بانتمائه الوطني، والتزامه القضية اللبنانية، وسعة فكره، وسرعة بديهته، وتراتبية أفكاره، والأكثر بأسلوبه الشيق في الكتابة. وقد نشأت علاقة مودّة في ما بيننا، لم تكن بلغت مرحلة الصداقة بعد. وكنت أتقرّب منه فأناديه دائماً "الصهر" لأنه متزوج من دانيا بارود، ابنة الجيران في مشغرة. وللعائلة معزة خاصة لديّ، من دانيا وأخواتها، إلى والدتها سامية، وشقيقها الإعلامي المعروف طوني بارود، وخالها العزيز الدكتور داود الصايغ. وكنت أشجّعه، بل دفعته مرّات عدّة، ودعوته إلى مشغرة، بعدما توطّدت العلاقة ونمت صداقة عائلية.
 
وأعترف اليوم بحادثة لم أروها للصديق الراحل في حياته، إذ كان نقيب المحررين جوزف القصيفي روى لي ذات مرّة، عن تجربته في العمل الصحافي مع سجعان قزي، وكانا في بداية انطلاقتهما، وقال لي "كان سجعان يكتب في جريدة "العمل" (التي كان يصدرها حزب الكتائب)، وكانت عينه على "النهار". فأجبته "يا ريت، فأنا معجب بكتاباته وأتابعها باستمرار". قال لي "لماذا لا تعرض عليه الأمر؟". قلت "هو يكتب حالياً في جريدة أخرى. وليس من أدبيات المهنة أن أفعل ذلك، خصوصاً أنني لا أعرض عليه وظيفة أو عملاً مأجوراً".
 
قال القصيفي "جرّب". وتحيّنت فرصة زيارته لنا في "النهار"، وكانت زيارات دائمة نتحدث فيها في مجمل الأمور. وأبديت إعجابي الشديد بكتاباته وبمقالاته الأخيرة في تلك الفترة، وتابعت "كنت أتمنى أن أقرأها على صفحات النهار وليس في أي مكان آخر". لم يفكّر للحظة إذ قال "سأكتبها من اليوم وصاعداً في النهار. هذه جريدتي وإن كنت لست من أسرتها". ولم أسأله كيف سينسحب من الصحيفة الأخرى. بل رحّبت سريعاً، واتفقنا على موعد بدء الكتابة في النهار". وهكذا كان.
 
عندما أنهكه المرض، اتصل بي عارضاً أن يكتب اعتذاراً من القراء لعدم تمكنه من الالتزام بالكتابة الأسبوعية، لأنه سيتوقف عن المهمة. رفضت الأمر، وطلبت إليه أن يتحوّل إلى المقالة الشهرية، شأن كثيرين من الكتاب. التزم لفترة قصيرة. قبل أن يتوقف القلم... بشكل نهائي.
 
اليوم يطوي سجعان قزي الصفحة الأخيرة في مجلّد مليء بالإنجازات والمغامرات والمواقف والكلمات والصداقات.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium