طغت مأساة مقتل اللبنانيين شادي كريدي وطارق طياح على متن المروحية التي سقطت في إيطاليا بعدما عثر أمس على سبع جثث للركاب الذين كانوا على متنها، على مجمل المشهد الداخلي أمس وسط مشاعر الصدمة التي عمت البلاد علماً أن الضحيتين اللبنانيين هما من كبار المديرين الصناعيين في مجموعة "إندفيكو" الصناعية كما أن المفارقة المفجعة هي أن زوجة طياح كانت قضت في انفجار مرفأ بيروت تاركة زوجاً وأولاداً باتوا اليوم من دون أم ولا أب، أمّا كريدي، فهو عضو في "التيار الوطني الحر" أب لأربعة اولاد.
وبعد يومين على شيوع خبر فقدان الاتّصال بمروحية في إيطاليا على متنها راكبان لبنانيّان، أفادت المعلومات أنّه عُثِر على 7 جثث لركاب المروحية، وبدأت السلطات المعنية بعمليات فحص الحمص النووي للتحقّق من هويّاتها. وكانت وكالة "أنسا" الإيطالية أعلنت صباحاً أنه تمّ التعرّف على 5 جثث لأشخاص كانوا على متن المروحية الإيطالية التي اختفت صباح الخميس فوق توسكان إيميليان أبينيني والتي شوهد حطامها اليوم على جبل كوسنا، قمة ريجيو إميليا. اشارة الى أنه كان على متن المروحية سبعة اشخاص، الطيار الإيطالي، 4 أتراك، ولبنانيان لزيارة بعض الشركات، بالتزامن مع معرض ورقي مهم في لوكا. واللبنانيان هما شادي كريدي وطارق طياح .
أمّا على الصعيد السياسي فبدأ اركان السلطة الإعداد للمحادثات الحاسمة والدقيقة التي سيجريها معهم الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين مطلع الأسبوع بناءً على طلب لبنان علماً أن المعطيات المتوافرة حول مهمته لا تستدعي توقعات مستعجلة ومتفائلة نظراً إلى التعقيدات التي طرأت على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل عقب وصول السفينة "إينرجي باور" الأسبوع الماضي إلى حقل كاريش وتهديد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله باستهدافها كما في ظل الإرباك الذي يطبع الموقف اللبناني الرسمي من خط الترسيم. ولكن يبدو أن ثمة قناعة لدى أهل السلطة بأن مهمة هوكشتاين لا بد أن تؤدّي في ظل ما سيتبلغه من الجانب اللبناني إلى إعادة إحياء جولات المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية.
وأعلنت أمس وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة سترسل مبعوثاً إلى لبنان الأسبوع المقبل لمناقشة أزمة الطاقة في البلاد وتأكيد أمل واشنطن في أن تتمكن بيروت وإسرائيل من التوصل إلى قرار بشأن ترسيم حدودهما البحرية. وأضافت في بيان إن آموس هوكشتاين كبير مستشاري وزارة الخارجية لأمن الطاقة سيزور لبنان يومي 13 و14 حزيران. وافاد البيان إن "الإدارة ترحبّ بالروح التشاورية والصريحة للطرفين للتوصل إلى قرار نهائي من شأنه أن يؤدّي إلى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل والمنطقة."
وفي سياق الاستعدادات الرسمية للمحادثات مع هوكشتاين اجتمع أمس رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قصر بعبدا وبحثا مطولاً في الموقف اللبناني من الترسيم وتنسيق موقف موحد. واستمر الاجتماع لأكثر من ساعة وأفادت معلومات أنه جرى عرض الخرائط والملفات التي حملها ميقاتي بملف أسود إلى بعبدا ووصف الاجتماع بأنه كان تقنياً بامتياز ولا تباين بالموقف بين الأطراف اللبنانية وحتى الساعة ولن يصدر أيّ موقف أو سقف أو ورقة رسمية للتفاوض بإنتظار ما يحمله الوسيط الأميركي.
وفي ما يتصل بالاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، نقل عن مصادر قصر بعبدا أن الاستشارات مؤجلة إلى ما بعد زيارة هوكشتاين إلى لبنان الذي سيجول على الرؤساء عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي يوم الثلثاء.
ولفت ما أعلنه عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم من "أن الاستشارات تنتظر انتهاء زيارة الوسيط الأميركي واستكمال مشاورات تجرى وميقاتي هو من أبرز المرشحين وعندما تطرح الأمور بوقتها سيكون موقفنا واضحاً."
في المقابل، دعا رئيس كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط إلى "وقف تضييع الوقت على اللبنانيين والمبادرة فوراً إلى تحديد المواعيد للاستشارات النيابية الملزمة، من أجل تسمية رئيس مكلف لتشكيل حكومة جديدة تتولّى إدارة المرحلة الاستثنائية القاسية التي يمر بها لبنان".وتساءل جنبلاط خلال لقائه وفوداً مناطقية عن "الغاية من وراء بدعة ربط التكليف بالتأليف المخالفة للدستور، فيما الحاجة ملحة إلى تنفيذ التشريعات والبرامج الإصلاحية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي والاستفادة من ثروات لبنان في الغاز والنفط، بدلاً من خسارتها بسبب الشعبوية والمزايدات على حقوقنا الوطنية الأساسية".
وأكّد "ضرورة الاستعجال بتشكيل الحكومة وتقديم الحلول الممكنة في ملف الكهرباء، بعيداً من كل الوعود الزائفة التي أرهقت الخزينة والمواطن معاً، ومن هنا دعوتنا وزارة الطاقة اتخاذها الإجراءات السريعة لتشغيل معمل مطمر الناعمة لاستفادة أهالي القرى المجاورة منه".
وفي باريس، التقى وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، وكان تأكيد حول دعم فرنسا المستمر للبنان على كل الصعد. وطرح منطلقين يجب تكريسهما في ملف ترسيم الحدود البحرية: "الأول تحديد حقوق لبنان وثانياً المباشرة بالتنفيذ الفعلي عبر الذهاب إلى التطبيق والتواصل مع شركة مستعدة لمباشرة التنقيب جنوباً، متحدثاً عن قرار بمنع اللبنانيين من الإفادة من ثرواتهم النفطية وبمحاصرة أميركية للبنان، لافتاً إلى أن "الحل عبر الاستعانة بشركات روسية لإنقاذ الوضع".