النهار

مجلس القضاء أفشل الانقلاب على القضاء... عبود رفض الخضوع والمنظومة مكبّلة لدى البيطار
المصدر: "النهار"
مجلس القضاء أفشل الانقلاب على القضاء... عبود رفض الخضوع والمنظومة مكبّلة لدى البيطار
دعما للعدالة والقاضي طارق البيطار. (تصوير نبيل اسماعيل)
A+   A-
 انتهت جلسة مجلس القضاء الأعلى من دون البحث ببندين مهمين: الأوّل تعيين قاض رديف في قضية تفجير مرفأ بيروت، والثاني متعلّق برؤساء الهيئة العامة في محكمة التمييز. الجلسة التي جاءت بناء على دعوة وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري برئاسة القاضي غسان عويدات، انتهت مع انسحاب عويدات لدى الوصول إلى البند المتعلق بتعيين قاض رديف في ملف انفجار المرفأ، ممّا أفقد الجلسة نصابها.
 
وبحسب المعلومات، انسحاب القاضي عويدات جاء لكونه مقدّم بحقه طلب ردّ من قبل أهالي شهداء انفجار المرفأ.
 
هذه الجلسة الاستثنائية بشكلها ومضمونها ما كانت لتُعقد لولا الخلفيات السياسية التي استوجبت عقدها. في العلن، التركيز ينصبّ على المعطى الإنساني لبعض الموقوفين في الملف، لكنها في الجوهر - بحسب معلومات "النهار" - فإنّ جهداً كبيراً يقوم به فريق "التيار الوطني الحرّ" من أجل الإفراج عن بدري ضاهر قبل خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، بأيّ ثمن.
 
دعوة وزير العدل هنري خوري مجلس القضاء الأعلى إلى الاجتماع، ووضعه لجدول أعماله، وذلك في سابقةٍ لها مبرراتها السياسية لا القضائية، انتفض عليها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود يوم أمس بإعلانه عدم حضورها، وبأنها مسيّسة، ولو أنها تمّت تحت سند قانوني (المادة السادسة من قانون القضاء العدلي)، لم يُطبّق ولم يُعمل به سابقاً، لعدم ائتلافه مع مبدأ الفصل بين السلطات، ومع مبدأ استقلاليّة السلطة القضائية المكرّسَين في الدستور، ومع موجب احترام هذه الاستقلالية.
 
الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر شدّد عبر "النهار" على أن الصلاحية الممنوحة لوزير العدل بموجب المادة 6 من قانون القضاء العدلي لم تُستخدم يوماً لاعتبار هذا القانون أنه قانون تعسّفي، ويُشكّل تدخّلاً سافراً من قبل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية واستقلاليتها.
 
وفيما تستمرّ العراقيل أمام عودة التحقيق في ملف تفجير مرفأ بيروت، رأى صادر أن المجموعة المسمّاة بمجموعة "شريعة الغاب"، استطاعت إقناع القاضي عبود، ولأسباب إنسانية، باللجوء إلى تعيين قاض رديف للبتّ بملفات بعض الموقوفين، الذين تعدّت إقامتهم مدّة حكمهم في حال صدر أيّ حكم بحقهم، على غرار من قام بالتلحيم، علماً أن قانون المجلس العدلي لا يسمح بتعيين قاضٍ رديف بل بقاضٍ واحد أصيل.
 
وأوضح صادر أن قبول القاضي عبود تعيينَ قاض رديف جاء بشرطين: الأول أن تكون مهمته محصورة بإخلاءات سبيل الموقوفين الذين ارتكبوا جنحة، أي المتهمين بالإهمال، والثاني أن يكون القاضي متجرّداً، للابتعاد عن تسييس ملف المرفأ. لكن المشكلة أن القاضي عبود أدرك لاحقاً أنّ فخاً نُصب له مع إصرارهم على تعيين القاضية سمرندا نصار كقاض رديف، وهي المحسوبة علناً وجهاراً على "التيار الوطني الحرّ"، فعاد ورفض ما يُحاك في الكواليس السياسية، فأتت دعوة وزير العدل رداً على موقف القاضي عبود، في محاولة لاستعادة المبادرة والقول "الأمر لي"، متذرّعاً بالمادة 6 من قانون القضاء العدلي.
 
وفيما لم يعد من إمكانية أمام وزير العدل أو السلطة السياسية للإكمال بهذا الملف، وتعيين قاض رديف بأيّ طريقة، إلا عبر وسيلة واحدة، هي موافقة مجلس القضاء الأعلى على هذا التعيين، بذلك تكون السلطة السياسية فقدت مبادرتها ومحاولة تنفيذ الانقلاب على مجلس القضاء الأعلى، وباتت المنظومة السياسيّة مقيّدة ومكبّلة لدى القاضي طارق البيطار، بمعنى أن إطلاق العمل بهذا الملف طريقه واحدة، وهو إطلاق يد طارق البيطار.
 
وفي السياق، أكّد القاضي صادر أن قضية موقوفي المرفأ واستمرار توقيفهم ليس من مسؤوليّة المحقّق العدلي طارق البيطار، بل من مسؤولية من يعرقلون مسار التحقيق، عبر طلبات الردّ وغيرها، وهذا تعسّف في استعمال حق التقاضي.
 
يعتمد التيار العوني المثل القائل "يا رايح كتّر القبايح"، فيصرّ على تعيين القاضية سمرندا نصّار للإفراج عن بدري ضاهر بأيّ ثمن، ولو دمّر كلّ السلطات في الدولة، علماً أن ضاهر، بحسب المعلومات، هو الأكثر تميزاً من بين الموقوفين، فـ"الكافيار" و"السومو" والويسكي، بحسب ما يقول أحد زائريه، تصله إلى داخل السجن.

اقرأ في النهار Premium