لم يكن السيناريو الذي شهدته اللجان النيابية المشتركة متوقعاً بالطريقة التي جرى التعاطي بها مع اجتماع لجان كانت ستحدد بوصلة الانتخابات البلدية والاختيارية. ولكن ما كتب قد كتب وبات شبه محسوم أن التمديد للبلديات سيكون الأسبوع المقبل في جلسة تشريعية سيدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد اجتماع لهيئة المكتب دعا إليه بري على عجل عصر اليوم في عين التينة.
غياب وزيري الداخلية والمال أفرغ الى حدّ كبير جلسة اللجان النيابية من مضمونها. لكن ربما كان ذلك يخدم معظم الكتل النيابية غير المتحمسة لإجراء الانتخابات البلدية. وجاء اقتراح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لأربعة أشهر، ليؤكد أن لا رغبة في إجراء الانتخابات البلدية. أما المفاجأة الثانية فكانت إعلان "تكتل لبنان القوي" استعداده لحضور جلسة تشريعية لمناقشة اقتراح قانون تأجيل الانتخابات البلدية.
تحميل الحكومة المسؤولية
لم تجد بعض الكتل النيابية سوى تحميل الحكومة مسؤولية عدم إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية. هي خلاصة اجتماع اللجان النيابية المشتركة التي كان على جدول أعمالها 8 بنود أبرزها اقتراح القانون لتمويل الانتخابات البلدية من خلال فتح اعتماد في موازنة 2022 بـ1500 مليار ليرة، إضافة الى عدد من مشاريع القوانين.
لكن المفاجأة بدأت قبل التئام الجلسة مع غياب الوزيرين بسام مولوي ويوسف خليل اللذين كانا يشاركان في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة درس التداعيات المالية على القطاع العام في السرايا برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما دفع بنائب رئيس المجلس بو صعب الى وصف غياب مولوي بـ"لمؤشر السلبي بمعنى أن لا نيّة لإجراء الانتخابات أو على الأقل عدم الجاهزية لإجرائها".
وفي مستهل الجلسة قالت ممثلة وزير الداخلية إنه لا أموال لإجراء الانتخابات، عدا عن أنه لا ترشيحات في منطقة الشمال، التي كان من المقرر إجراء الانتخابات فيها في 7 أيار المقبل وتنتهي مهلة تقديم الترشيحات فيها منتصف ليل 24 نيسان الحالي (مع الإشارة الى أيام تعطيل رسمي قبل ذلك التاريخ).
ولم ينتقل النقاش داخل اللجان الى أي بند آخر باستثناء بند تمويل الانتخابات البلدية، وفي خلاصة النقاش كان التمديد للبلديات هو القاسم المشترك بين معظم النواب بمن فيهم نواب "التغيير"، علماً بأن بعض هؤلاء النواب طلب الإذن للحديث عن أولوية انتخاب رئيس للجمهورية ولكن لم يُكتب لمحاولتهم النجاح في ظل استياء ممّا سمّوه "القمع الذي يمارَس بحق النواب".
الاسئلة الكثيرة داخل اجتماع اللجان تمحورت حول الإمكانية اللوجستية في ظل استمرار إضراب موظفي القطاع العام وعدم قدرة دوائر النفوس على إنجاز إخراجات القيد وما يستلزم من مستندات للترشح للانتخابات ، عدا أنه لا إجراءات جدية من الحكومة لإجراء الانتخابات في ظل غياب التمويل.
كل ذلك لم يخف أن سيناريو التأجيل كان معداً مسبقاً من خلال غياب الوزراء المعنيين.
وبعد إخفاق اجتماع اللجان قال بو صعب "نعلم أن لدى وزير الداخلية النيّة لإجراء الانتخابات البلدية، ولذلك كان يجب أن تكون هناك أجوبة اليوم (أمس)، وتواصلت معه، ومن باب الإيجابية قلت له أن يجهّز نفسه للجواب عن 4 أسئلة رئيسية، أهمّها التمويل، وهل أصبح هناك تواصل مع الأساتذة ومع القضاة. وهل دوائر النفوس أبوابها مفتوحة". وأوضح أنه "كان هناك شبه إجماع على أنه لوجستياً الانتخابات أصبحت صعبة، والبعض مصرّ على أن يجريها". وأعلن بو صعب أنه سيتقدم باقتراح قانون لتمديد المجالس البلدية والاختيارية لمدة 4 شهور "بصفته الشخصية" متمنياً على جميع الكتل القبول به، ولفت إلى أن "إجراء الانتخابات البلدية أصبح شبه مستحيل"، محمّلاً المسؤولية للحكومة.
بدوره حمّل النائب جورج عدوان الحكومة مسؤولية عدم إجراء الانتخابات البلدية، وأكد أن تكتل "الجهورية القوية" "لن يحضر أيّ جلسة للتمديد للبلديات، انطلاقاً من رفضه التشريع في ظل الفراغ الرئاسي".
من جهته أكد النائب آلان عون أن "الحكومة غير جديّة في إجراء الانتخابات البلدية"، موضحاً أن تكتل "لبنان القوي" سيشارك في الجلسة التشريعية لإقرار قانون تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية.
وعندما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لاجتماع اللجان المشتركة لم يكن واضحاً ما إن كانت السرايا الحكومية وزّعت جدول اجتماعات أمس الذي أدرج فيه اجتماع بالغ الأهمية للجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الأزمة على القطاع العام.
ولعل التعبير الأدق لما جرى في اجتماع اللجان أمس جاء على لسان النائب مروان حمادة الذي وصف غياب مولوي وخليل بـ"قلة الجدية"، ودعا الى تأجيل الانتخابات على الأقل لشهر بعدما تبيّن أن الترشيحات لبلديات الشمال معدومة بحسب ما نقل نواب الشمال، مشيراً الى أن "اللقاء الديمووقراطي" مع التصويت على تمويل الانتخابات.
وأفادت كتلة "اللقاء الديموقراطي" في بيان أنها شاركت في جلسة اللجان النيابية المشتركة التي كان على جدول أعمالها ملف الانتخابات البلدية والاختيارية، وكان لها موقف واضح من هذا الاستحقاق. وأشار أمين سر الكتلة النائب هادي أبو الحسن الى "أن مقاربة استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية تحتاج الى وضوح والى مسؤولية عالية، فلنكن صريحين، المسألة ليست بالتمويل وحده، بل بالاقتناع أولاً بإجرائها وبالقرار. هذه هي المسألة الأساسية لأنه إذا توفّرت القناعة والقرار وتوفّر الإجماع، عندها تُذلّل كل العقبات وتتم عملية تسهيل إجرائها". وأضاف "عندما يتوفر الغطاء السياسي والاتفاق يمكن أن تلتئم الحكومة وتعالج العقبات وهي:
- توفير الإعتمادات من خلال حقوق السحب الخاصة الـSDR.
- إقرار الزيادة للقطاع العام مما يؤدي الى فك الإضراب والتحاق الموظفين والمعلمين والقضاة الذين من دونهم سوف تتعثر العملية الانتخابية، كل هذا يحصل بالقرار السياسي وعلينا أن لا نخفي هذا الأمر ونصارح الناس كي لا نصل الى أفق مسدود، ونصبح أمام خيارين إما الفراغ وتعطيل حياة الناس وإما التمديد، وهنا تبرز الشعبوية والمزايدات ويصبح الحريص على الدولة والاستحقاقات ومصالح الناس بالمنزلة نفسها مع المعطلين. لذلك نحن كلقاء ديموقراطي موقفنا واضح منذ البداية وعبّرنا عنه في أكثر من مناسبة ونجدّد موقفنا اليوم، حيث يجب اتخاذ قرار واضح من الجميع من خلال التئام مجلس الوزراء ومعالجة موضوع الرواتب لفك الإضراب وتوفير الاعتمادات من حساب صندوق السحب الخاص والسير بالعملية الانتخابية، خصوصاً أن التأجيل هو هروب الى الأمام وضرب الاستحقاقات الدستورية وتعطيل الإنماء لنعود ونواجه المشكلة نفسها بعد سنة".