أحيا حزب "الكتلة الوطنيّة" بالتعاون مع جامعة القدّيس يوسف الذكرى الـ23 لرحيل العميد ريمون إدّه، في مؤتمر تحت عنوان "بين السيادة والحداثة: ما هو المشروع الرئاسي المطلوب للبنان؟"
إفتتح المؤتمر رئيس معهد العلوم السياسيّة الدكتور سامي نادر باسم رئيس الجامعة فتحدّث عن ريمون إدّه "ضمير لبنان" وما تمثّله هذه الصفة من "التزام بالقواعد الأخلاقيّة" تفتقدها الطبقة السياسيّة اليوم. وأكّد أنّ إدّه استحق هذا اللقب لأنّه كان "رأس حربة في الدفاع عن الدستور".
وتحدّث في الافتتاح الأمين العام لـ"الكتلة الوطنيّة" ميشال حلو عن "الفكر الحديث والمتقدّم" الذي امتاز به العميد الراحل. وإذ أكّد أنّ "نضالنا طويل، ومعركتنا معركة جيل"، توجّه حلو إلى الشباب بأنّه رغم "تحديات الحاضر وإخفقات الماضي لا يمكن أن نفقد الأمل.. ولا أن نتخلى عن وطننا".
وتوزّع المؤتمر على ندوتين، الأولى بعنوان "هل يُنتخب الرئيس ديمقراطيًا في لبنان؟" أدارتها الزميلة ميشيل تويني، وشارك فيها الدكتور رزق زغيب، والزميل نقولا ناصيف، والدكتور غالب محمصاني؛ أما الثانية فكانت بعنوان "الحداثة السياسيّة بين الأمس واليوم: أيّ رؤية سياسيّة واقتصاديّة؟" أدارتها الإعلاميّة ديانا مقلّد وشارك فيها المحامية إيمان طبّارة، والإعلامي ألبير كوستنيان، والاقتصادي ميشال سماحة. وتخلّل الندوتين عرض مقتطف من الفيلم الوثائقي "عميد الجمهوريّة" مع كلمة لمعدّه الإعلامي ريكاردو كرم.
وقال الدكتور زغيب في كلمة تحت عنوان: "الإنتخابات الرئاسيّة بين الممارسة السياسيّة والنص الدستوري"، إنّ العميد إدّه اكتفى برفع الأخلاق في السياسة... وكره الكذب والكذّابين والمراوغين والوصوليّين وما أكثرهم فناصروه العداء وجعلوه يبتعد جسديًا عن لبنان بعد أن حاولوا إبعاده عن الحياة.
وقال نقولا ناصيف في مداخلة تحت عنوان: "التجارب الرئاسيّة: الانتخابات بين 1958 و1988" إنّ شروط ريمون إدّه لرئاسة الجمهوريّة القيم السياسية والأخلاقية، أما شروط الرئاسة فهي مقتضيات موازين القوى والتطبيع معها ومجاراة الطبقة السياسيّة وعدم المساءلة والمحاسبة عن الماضي واستكمال ما حصل في العهد السابق وهي كلّها لا تتطابق مع شروط ريمون إدّه.
وأشار إلى أنّ ريمون إدّه عام 1958 قدّم الدرس الأوّل في مقاربة الرئاسة بأخلاق وقيم سياسيّة، فترشّح بوجه قائد الجيش فؤاد شهاب لتقديم درس في الديمقراطيّة لرفضه انتخاب عسكري في الرئاسة.
وحملت مداخلة محمصاني عنوان: "ريمون إدّه العميد العنيد"، أكّد خلالها أنّ العميد لو كان حيًا لرفض كل البدع والهرطقات السياسيّة القائمة... ولاقى محمصاني الدكتور زغيب لجهة أنّ تفسير الدستور يعود للمجلس النيابي.
وحملت مداخلة المحامية إيمان طبّارة عنوان: "إتفاق الطائف: خريطة طريق للحداثة اليوم؟"، وقالت: المسألة المركزيّة المتعلّقة اليوم باتّفاق الطائف هي عدم رغبة السلطة الحاكمة والمتحكّمة التي وقّعت عليه على مضض بالانتقال إلى المرحلة الثانية منه عبر تطبيق الإصلاحات. وتشكيل الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة السياسيّة مدخلاً لتحقيق غايات الطائف؛
وسأل ألبير كوستانيان في مداخلته تحت عنوان: "هل مطلوب إصلاحات دستوريّة اليوم؟" "، عن أهمية انتاج نموذج "لبناني" للحداثة، غير مستورد ويتناسب مع واقع وتطلعات اللبنانيين.
وعرض كوستانيان رؤية متكاملة للإصلاحات الدستورية، تقوم على استرجاع البرلمان لدوره، تفعيل السلطة التنفيذية، تعزيز استقلالية القضاء، وأخيرا الخروج الجزئي والواقعي من الطائفية السياسية.
وتحت عنوان: "إعادة إنتاج الحداثة اللبنانيّة ضمن النظام العربي الجديد"، قال ميشال سماحه: كان هناك نموذج اقتصادي في لبنان منذ ما قبل اعلان دولة لبنان الكبير، قائم على الوساطة المالية والخدمات، وهذا النموذج انكسر مع الأزمة التي بدأت في تشرين الأول 2019. هذا يطرح على لبنان تحديات كبيرة لاعادة انتاج وظيفة اقتصادية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية. كما، لفت إلى أنّ للبنان ميزة واحدة استراتيجيّة وهي صغره ما يتيح له خلق ميزة تفاضليّة معيّنة إذا قرّر وهي تتوقّف على السياسة.