النهار

لبنان يودّع الوزير السابق والكاتب سجعان قزي (صور)
المصدر: "النهار"
لبنان يودّع الوزير السابق والكاتب سجعان قزي (صور)
نعش الوزير السابق والكاتب سجعان قزي في كاتدرائية سيدة العطايا - أدما (حسام شبارو).
A+   A-
ودّع لبنان الوزير السابق والكاتب الزميل في جريدة "النهار" سجعان قزي، "رجل الحوار" والكلمة العميقة والأنيقة، بالصلاة لراحة نفسه في كاتدرائية سيدة العطايا - أدما برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل أن ينقل جثمانه إلى مسقط رأسه في العقيبة.
 
وتحدث الراعي عن مميزات الراحل وقال: "اعتدنا في صباح كل خميس أن نبحث عفوياً في الصفحة الأولى عن افتتاحية سجعان قزي الوزير السابق المميزة عن جميع افتتاحيات الصحف، بما تحمل من غنى في التحليل السياسي الداخلي والخارجي، وفي سعة الاطلاع والثقافة، وفي المقدرة على ربط الأحداث التاريخية والخلاصات. ولكن هذا الخميس الأخير، كانت كلمة واحدة مؤلمة كنا نخشاها ونصلي لعدم الوصول إليها: سجعان قزي مات! أما هو فكان يلبي آخر دعوة له من الله رافقت جميع محطات حياته، هي كلمة أشعيا النبي: "ها أنذا، فأرسلني" ( أشعيا 6: 8). لقد كان في حالة إرسال دائم. فما إن أنهى دروسه التأسيسية في معهد الرسل بجونيه، ونال شهادة الفلسفة من جامعة الروح القدس- الكسليك، وشهادة العلوم السياسية والإدارية من جامعة القديس يوسف- بيروت، حتى انطلق في قطاعات الرسالة بفضل ما حباه الله من علم ونباهة ومنطق وتحليل. فتوزعت رسالته بين الصحافة، والتعليم الجامعي، والاستشارات، والعمل السياسي والتحليل، والتأليف والكتابة. مع اهتمام خاص بعائلته التي أحبها كثيراً وأحبته".

أضاف: "فإنا نبكيه بدمع العين والقلب مع زوجته السيدة دانيا حليم بارود وابنتيه Aude و Joyوصهره وشقيقيه وشقيقته وحماته وأولادها وعائلاتهم، وذويه وأنسبائه، والألوف من عارفيه والأصدقاء. لقد أحبهم جميعاً، بدءا ًمن العزيزة زوجته وقد عاشا معاً حياة زوجية سعيدة أربعاً وثلاثين سنة من دون أن تعكرها كلمة أو فعل، وكبر الحب بينهما بالإبنتين الكنزين اللتين وفرا لهما التربية والعلم الرفيع وضمانة المستقبل".

وتابع: "بوفاته جف قلم من أخصب الأقلام إنتاجاً سياسياً وتاريخياً وإعلامياً وعلمياً وأدبياً. ولئن لم يكتب افتتاحيته هذه المرة في جريدة النهار، فقد امتلأت الصحف بافتتاحياتها وصفحاتها الداخلية ووسائل التواصل الاجتماعي المكتوبة والمسموعة والمرئية بالكلمات عنه.

فهذا رأى فيه: رجل الكلمة والفكر والحوار والمنطق والانفتاح واللياقة؛ وآخر: سياسياً وحزبياً وصحافيًا ومفكراً استثنائيا؛ وآخر: قامة سياسية صريحة وجريئة؛ وآخر: مناضلاً صلباً في صفوف المقاومة اللبنانية من أجل سيادة لبنان وهويته؛ وآخر: مقاوماً مفكراً من أجل لبنان؛ وآخر: مثقفاً سياسياً عاقلاً ودوداً؛ وآخر: قمة في الحيوية السياسية والتألق الفكري والثقافي؛ وآخر: لبنانياً أصيلاً حمل على منكبيه هما حفره في وجدانه، هو همُ لبنان؛ وآخر: رجل الحوار والكلمة العميقة والأنيقة؛ وآخر: مؤمناً بالاعتدال، ومناضلاً في سبيل الحياد؛ وآخر: الصوت الصارخ الحريص على صيغة لبنان وتماسكه الوطني؛ وآخر: وزيراً نشيطاً وملتزماً قناعاته الأدبية والأخلاقية؛ وآخر: مناضلاً كرس حياته للدفاع عن القضية اللبنانية، وكاتباً حمل قضايا الوطن في قلمه؛ وآخر: رأس الحربة في نضاله السيادي بحكمته وحزمه وبخبرته السياسية والإعلامية الغنية؛ وآخر: ركناً أساسيا من أركان عالم السياسة في لبنان؛ وآخر لا الأخير: الكاتب السياسي ذا الانتماء الوطني، الملتزم القضية اللبنانية، واسع الفكر، سريع البديهة، تراتبي الأفكار".

وأردف: "قاعدة حياته الدائمة: "هاءنذا" بجهوزية تامة للعطاء حباً بالعطاء. هذه هي الروح التي أنعشت رسالته الصحافية في رئاسة تحرير وافتتاحيات الصحف أمثال "العمل" الكتائبية و"الجريدة" و"النهار" ومجلتي "Magazine" و "الجديد"؛ وفي رئاسة الأخبار في "إذاعة صوت لبنان"، وتأسيس وإدارة "إذاعة لبنان الحر". كما وفي رسالة التعليم محاضراً في جامعة القديس يوسف بيروت، وفي أكاديمية بشير الجميل بجامعة الروح القدس الكسليك.

بهذه الروح إياها قدم استشاراته عبر مؤسسته التي أنشأها في باريس للدراسات والاستشارات في مجال المخاطر السياسية والاقتصادية، وفي منشورته المختصة بالاستراتيجية السياسية في الشرق الأوسط. وقدم استشاراته لمؤسسات أجنبية عالمية تفوق الثمانية.

وبهذه الجهوزية التامة انخرط شاباً في حزب الكتائب اللبنانية على خطى المرحوم والده الذي أسس الكتائب في منطقة الفتوح. بفضل هذه الجهوزية أصبح نائباً لرئيس الحزب، ومستشاراً سياسياً للرئيس الشهيد بشير الجميل، وللرئيس الشيخ أمين الجميل. وفي بداية الحرب اللبنانية تولى رئاسة مصلحة الإعلام في المقاومة اللبنانية. أما نحن فنعمنا بمشوراته وآرائه وعمق تفكيره في لجان المركز البطريركي للتوثيق والأبحاث، وفي تنسيق لجنة الحياد والمؤتمر الدولي، وفي ما كنا شخصياً نطلب منه من آراء ودراسات وطنية وإقليمية. فغيابه يشكل لنا فراغاً كبيراً قلما يعوض".

أضاف: "ووجد متسعاً من الوقت للكتابة: فترك للأجيال إرثاً نفيساً ومرجعاً في مجالات السياسة والتاريخ والاستراتيجية بكتبه الخمسة باللغة العربية، وبافتتاحياته في جريدة النهار، وبدراساته الثمانية والعشرين بالفرنسية، بالإضافة إلى عشرات المحاضرات في جامعات لبنان وأوروبا وأميركا. ما يجعله حياً بيننا بفكره وعلمه، مجدداً ذاكرتنا، ومنعشاً محبة قلوبنا".

وختم الراعي: "سجعان قزي صنع الفرق حقاً. بقوة كلمته النابعة من شخصيته المميزة علماً وسياسة وشجاعة وخلقاً وأناقة وجهوزية للخدمة والعطاء من دون مقابل. أجل كلمة واحدة: "ها أنذا، فأرسلني" ( أشعيا 6: 8). وقالها آخر مرة صباح الخميس، بعد أن تهيأ روحياً بصلاتي الشخصية قرب سريره ومنحه غفران خطاياه وإنسانياً وعائلياً، قالها بصوت القلب النابض واللسان الصامت: "ها أنذا، ربي، فأرسلني إليك!". وكما أشركه المسيح الرب في آلام الفداء، فإنه يشركه في مجد القيامة، ليكون لأسرته الصغيرة والكبيرة خير شفيع".


 
(حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
ولد قزي في بلدة العقيبة - فتوح كسروان في 6 تشرين الثاني 1952. متزوج من دانيا حليم بارود ولهما بنتان توأمان أود وجوي.
 
انتسب فتيا إلى حزب الكتائب وناضل في صفوفه، وتدرج في المراتب الحزبية حتى تبوأ مركز نائب رئيس الحزب.
 
ترشح للانتخابات النيابية عن قضاء كسروان-جبيل عام 2009 ونال نسبة مرتفعة من الاصوات، لكنه لم ينجح في الوصول الى الندوة البرلمانية.
 
عين وزيراً للعمل عن الكتائب في حكومة الرئيس تمام سلام، من 15-02-2014 الى 18-12-2016 .
 
تابع دراسة العلوم السياسية والإدارية في جامعة القديس يوسف ـ اليسوعية، فيما كان يعمل صحافيا في عدد من المؤسسات الإعلامية، كجريدة "العمل" أساسا، إضافة إلى تلفزيون لبنان (القناة الفرنسية)، وجريدة "الجريدة" ومجلتي الـ "Magazine" و "الجديد".
 
تولى رئاسة قسم الأخبار في إذاعة "صوت لبنان" عام 1975، قبل أن يؤسس إذاعة "لبنان الحر" عام 1978 ويديرها حتى عام 1986.
 
أصدر في باريس منشورة MIB بالفرنسية والتي اختصت بالشؤون الاستراتيجية في الشرق الأوسط. ثم أسس عام 1986 في باريس "المؤسسة العامة للدراسات والاستشارات " "SOGETCOالعاملة في مجال المخاطر السياسية والاقتصادية.
 
له أربعة كتب: "فصول من تاريخ لبنان من الفينيقيين إلى الصليبيين"، "سياسة زائد تاريخ"، "لبنان والشرق الأوسط بين ولادة قيصرية وموت رحيم" و"تغيير الأنظمة والثورات". لديه تحت الطبع كتاب عن فخر الدين الثاني الكبير وآخر عن مرحلتي المماليك والعثمانيين. فضلاً عن عشرات المحاضرات في الجامعات والمنتديات في لبنان وأوروبا وأميركا.
 
انصرف في الأعوام الاخيرة الى الكتابة السياسية وكان له مقال اسبوعي في "النهار"، كما عمل مع عدد من وسائل الاعلام، وتولى العديد من المهمات الاستشارية، من الرئيس بشير الجميل الى الرئيس امين الجميل الى البطريرك الراعي.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium