لم يُكتب للخلاف الداخلي في الحزب السوري القومي الاجتماعي ان يظل ضمن البيانات والتراشق الاعلامي، بل اتسع امس من خلال اقتحامات متبادلة بين طرفَي النزاع، اي بين الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة ربيع بنات من جهة، والحزب الرافض نتائج الانتخابات برئاسة النائب السابق اسعد حردان من جهة أخرى.
وتطور الامر الى اقتحام مبنى جريدة "البناء" في منطقة الحمرا رداً على اقتحام عناصر تابعة لحردان اول من امس مراكز حزبية تابعة للقيادة التي يرأسها بنات، وهي مكتب منفذية المتن الشمالي في بولونيا ومكتب منفذية ضهور الشوير ومكتب منفذية بيت شباب.
مصدر في الحزب برئاسة بنات قال لـ"النهار" انه "منذ عام تقريبا دخل عدد من عناصر الحزب برئاسة حردان الى مركز في البترون، ويومها لم نردّ حتى لا نزيد الشرخ ، ومن ثم تكرر الامر اول من امس من خلال الدخول الى مكاتب حزبية في اكثر من منطقة، ونحن كنا حريصين على عدم تفاقم الامور الى ان قررنا الدخول الى مبنى جريدة "البناء"، والهدف هو المركز الحزبي وليس الجريدة التي لا تنطق باسم الحزب، والعناصر موجودة هناك في المركز وليس لاحتلال الجريدة، عدا ان امتياز الجريدة هو باسم قياديين وليس ملكاً للحزب".
وبحسب المصدر ان حردان لم يتوقع ان يقوم عناصر من الحزب بردة الفعل بعد سكوت لفترة طويلة افساحاً في المجال امام اعادة لمّ الشمل الحزبي .
من جهته، اوضح رئيس تحرير "البناء" ناصر قنديل لـ"النهار" ان "عناصر حزبية دخلت الى مبنى الجريدة فجر الاربعاء بعدما غادره الصحافيون والموظفون بحسب ما افادنا ناطور المبنى"، ولفت الى ان "الجريدة ليست طرفاً في النزاع الداخلي وانها تتعاطى مع القضايا الكبرى ولا تتطرق الى الخلافات الحزبية الداخلية".
دخول مبنى "البناء" لا يعني الحصول على امتياز الجريدة، وان مشاكل الحزب الداخلية يجب ان تجد طريقها الى الحل إما عبر التراضي وإما عبر التقاضي، بحسب قنديل الذي اكد ان "ما حصل في جريدة منتسبة الى نقابة الصحافة وترعى وزارة الاعلام عملها، ينتظر الاجراء القضائي".
بدوره، أكد عميد الاعلام في الحزب القومي برئاسة حردان، معن حمية لـ"النهار" ان "المكاتب التي يتم الحديث عنها (في ضهور الشوير وبولونيا وغيرهما) هي للقوميين وليست لغيرهم، وما ورد في البيانات لا لون له ولا طعم، والمشكل الاساسي هو الدخول الى جريدة "البناء" بشكل غير مقبول، ومن المؤسف ان القوى الامنية كانت تشاهد ولا تحرك ساكناً على رغم سرقة محتويات المبنى".
ودعا حمية الجميع الى "تحمّل المسؤولية ولا سيما ان الصحيفة هي يومية ولا يجوز التغاضي عما حصل".
وختم: "على القوى المعنية تحمّل مسؤولياتها، وان ما صدر من مواقف مع تقديرها الا انها غير كافية، ولا سيما ان عملية اخراج الحواسيب من مكاتب الجريدة مستمرة وسط ترويع السكان". (...)
بيان ضد حردان
ما جرى امس وقبله وضعه بيان للحزب برئاسة بنات ضمن ما سمّاها "الممارسات المخجلة" للنائب السابق حردان منذ سقوطه بالانتخابات الحزبية في 13 أيلول عام 2020. وتابع البيان ان الاخير "عاد إلى عادته القديمة الجديدة، في محاولة لإيقاع الفتنة بين القوميين وجرّ المؤسسات الحزبية إلى لعبة الدم". (...)
ولاحقاً صدر بيان عن الحزبيين الذين دخلوا الى مكاتب الحزب في المتن الشمالي اكد ان "ما جرى هو استرداد المكاتب الحزبية ممن وضع يده عليها"، معلنين ان هذه المراكز "هي لجميع السوريين القوميين الاجتماعيين وابوابها مفتوحة للجميع ولانشطتهم كافة". ولفت البيان الى التأكيد على "وحدة الحزب ودعوة الجميع للعودة الى كنف المؤسسات والعمل لاعادة الحزب الى ما كان عليه، وما جرى هو لاعادة اللحمة بين القوميين". (...)
وكان الخلاف الداخلي قد ظهر الى العلن قبل نحو عامين بعد التباينات بشأن نتائج الانتخابات الحزبية وتعذر اعادة التوافق خلال اجتماع المجلس الاعلى للحزب.
الخلاف ظهر بشكل اكثر وضوحا من خلال الانتخابات النيابية الاخيرة عندما خسر الحزب كتلته البرلمانية التي كانت من 3 اعضاء في المجلس السابق، ولعل نتائج الانتخابات في الكورة تحديداً كانت الاكثر تعبيراً عن الانقسام الحاد داخل صفوف الحزب الذي تأسس قبل 90 عاماً.
لكن ما هو مؤكد ان الحزب عاش فترات من الانقسامات قبل الحرب اللبنانية وخلالها وبعدها ولم تكن تلك الانقسامات لاسباب داخلية فقط وانما خارجية، وأرخت بظلالها على الواقع الحزبي ما ادى الى اضعاف الحزب برمته، وليس الواقع والنتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية الاخيرة سوى احد تجليات ذلك الانقسام.