على وقع تفاقم أزمة تراكم النفايات في صيدا وقراها المجاورة، والمخاوف الجدية من حصول أكبر مشكلة بيىئية خطيرة في حال أقدم أصحاب معمل معالجة النفايات الصلبة على إقفاله نهاية الشهر الحاليّ، إضافة الى توقّف الشركة المسؤولة عن جمع ونقل النفايات في حال عدم حصولهما، أي المعمل والشركة، على المستحقّات المالية المتأخرة نهاية هذا الشهر، جرى اليوم افتتاح "منتدى صيدا البيئي تحت عنوان: نحو مدينة مستدامة بيئياً – صيدا نموذجاً" برعاية وحضور وزير البيئة ناصر ياسين وبتنظيم مشترك بين بلدية صيدا وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - مكتب غرب آسيا ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة.
وتحدّث في افتتاح المنتدى الذي أقيم في قاعة مصباح البزري في القصر البلدي للمدينة رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي والوزير ياسين ونائبا المدينة الدكتور أسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري ورئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة السيدة بهية الحريري والمدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - مكتب غرب آسيا الأستاذ سامي الديماسي.
وحضر الافتتاح "مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان وممثل مطران صيدا للموارنة مارون العمار والخوري جان ماري شديد ومحافظ الجنوب الأستاذ منصور ضو ورؤساء عدد من بلديات اتّحاد صيدا – الزهراني وفاعليات رسمية واقتصادية واجتماعية وهيئات ومؤسسات صحية وبيئية وتربوية ونقابية وأهلية ونائب رئيس بلدية صيدا الأستاذ إبراهيم البساط وعدد من أعضاء المجلس البلدي وأعضاء في امانة سر ولجان "صيدا تواجه" وفريقا عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة الحريري .
بعد النشيد الوطني اللبناني كان تقديم من محمد إسماعيل ( فريق عمل مؤسسة الحريري)، ثمّ كانت عروض حول: "المسار التاريخي للعمل البيئي – لبنان بين قمم المناخ" قدّمه المهندس محمد الحريري (فريق عمل مؤسسة الحريري)، "المدن المستدامة والتنمية الحضرية" قدمه الخبير الأول الدكتور عبد المنعم محمد (المنسق الإقليمي لبرامج العلوم والسياسات في برنامج الأمم المتحدة للبيئة"، "الواقع البيئي في صيدا والجوار" قدّمه المهندس مصطفى حجازي (عضو المجلس البلدي لمدينة صيدا).
محمد السعودي
تحدّث بعد ذلك رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، فتناول مسألة النجاح في إزالة جبل النفايات العشوائي من جنوب المدينة، إضافة الى "كثير من مشاريع البنية التحتية التي وعدنا بها والتي استكملناها خلال السنوات اللاحقة".
وقال: "اليوم، نكرّر توجيه الدعوة الى كلّ فاعليات المدينة وابنائها لتحمل مسؤولياتهم أمام الواقع الصعب الذي يفرض نفسه، لتجاوز كل التحديات التي تواجهنا الآن او التي ستواجهنا في المستقبل، لاسيّما من خلال المساهمة في الصندوق الذي أطلقته البلدية لتمويل جمع النفايات او أي طريقة أخرى بجدونها أنسب، انما المهم أن تؤدي الى حلول إيجابية. هذا المنتدى سيكون بإذن الله مساحة لعرض الوقائع ومشاركة الأفكار والحلول المطروحة دون تسجيل نقاط هنا او هناك، لأنّ مصلحة المدينة فوق كل اعتبار، وأنا شخصيًّا سأكون من المشاركين الدائمين في هذا المنتدى بغضّ النظر عما ستؤول اليه الأمور في الأيام القادمة فيما خصّ استقالتي، لأنني كما تحملت المسؤولية وانا في موقع السلطة، سأبقى كواحد من أبناء هذه المدينة متحمّلًا للمسؤولية على قدر استطاعتي لو من خارج السلطة".
ناصر ياسين
وتحدث وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين فاعتبر أننا "امام تقدّم هائل في بناء مدن المستقبل، خاصة لدى الأشقاء العرب، يقابله تأخّر كبير في مدننا في لبنان حيث نغرق في إدارة الشؤون اليومية للناس، نصارع أبسط الأمور مثل إدارة النفايات وهي مكدّسة في شوارعنا، ونصارع المجاري الملوثة لشواطئنا، والانبعاثات القاتلة لهوائنا".
وقال: "إن المعضلة الأساس لتدهور الوضع البيئي في مدننا ( وفي كل لبنان ) هو ضعف وإستضعاف المؤسسات وسأتكلم عن 3 نقاط هنا : أولاً: غياب المحاسبة وسيادة القانون، ثانياً: إضعاف الإدارات المحلية، ثالثاً: توهن الثقة بالمؤسسات. هذه النقاط الثلاث وربما غيرها هي أسس أو مداميك بناء مدننا بشكل مستدام، فالمؤسسات والقوانين والثقة هي نقاط إنطلاق الحصول على تمويل وحسن التنفيذ ومهارة الإدارة لهذه المشاريع".
وأضاف" لكننا أمام فرصة للمدينة، وهذا المنتدى هو بداية الحوار حول الفرص المتاحة للمدينة وهي فرصة لإعادة بناء ثقة عامة مبنية على التعاون الحاصل في المدينة، يبدأ بتدعيم الإدارة المحلية في المدينة ومشاركة بلديتها والوقوف مع رئيسها ومجلسها البلدي للشروع في الإدارة المباشرة للكثير من القضايا واقصد هنا الملف الأبرز هذه الأيام وهو إدارة النفايات الصلبة فلنستفيذ من هذه الفرصة ونقف مع رئيس البلدية والمجلس البلدي والإدارة البلدية لادارة هذا المعمل بشكل مباشر ونحن مستعدون لأن نساعد تقنيا وفنيا .. وهذه قد تكون الخطوات الأولى لبداية المسار المستدام في المدينة وقد اذهب لاحقا الى تأسيس وإنتاج طاقة بديلة وغيرها من الخطوات نحو مدينة مستدامة وتكون صيدا نموذجاً".
وقال: "ان التمويل ليس المشكلة الأساس رغم ضعف مالية الدولة حاليا، إذ يمكننا الإستفادة من فرص التمويل المناخي والتي نعمل كوزارة على الإستفادة منها مع شركائنا في برامج الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حيث تولي وزارة البيئة هذا الموضوع إهتماما خاصا عبر إطلاق مرفق الإستثمار الأخضر. هذا المرفق لجذب استثمارات في هذه القطاعات المرتبكطة بالإستدامة والتعافي الأخضر وعبر الإستفادة من كل فرص التمويل المرتبطة بمكافحة المناخ وتركيز خاص ومبني عن قناعة تامة على المدن الساحلية كبيروت وطرابلس وصيدا وصور وجبيل وجونية"...
أسامة سعد
بعد ذلك ألقى النائب أسامة سعد كلمة قال فيها: "نحو مدينة مستدامة بيئياً، وصيدا نموذجاً"، هو حلم جميل لا بد أن نسعى إليه بكل طاقاتنا.
لكن، للأسف الشديد، الواقع مختلف تماماً. إذ بينما نلتقي هنا اليوم في بلدية صيدا، وفي إطار منتدى صيدا البيئي، نرى، بكل حزن وغضب، الأوضاع البيئية في هذه المدينة في أسوأ الأحوال. مئات الأطنان من النفايات المكدسة في الشوارع والأحياء وبين المنازل والمدارس والمستشفيات... تنشر الروائح الكريهة والأمراض... وتلحق أفدح الأضرار بالصحة العامة وبالحياة الاقتصادية والاجتماعية.كما نجد معمل معالجة النفايات وهو شبه متوقف عن العمل... يستقبل النفايات، لا ليعالجها، بل ليجعل من ألوف الأطنان منها سلاسل من التلال المتنامية داخله وفي جواره ... من إنجازات تلال النفايات تلويث الشاطئ والبحر وتشويه الطبيعة... ونشر الروائح النتنة في أجواء المدينة... وتغذية القوارض المؤذية ونشر العديد من الأمراض.إن مواجهة هذه الكارثة البيئية هي واجب على الجميع؛ من وزارة البيئة وسائر الوزارات المعنية إلى بلديات صيدا والجوار، إلى الجمعيات البيئية والهيئات والفاعليات وسائر المواطنين. ونشدد على ضرورة الإسراع في إتخاذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ مدينة صيدا والجوار من هذه الكارثة".
واقترح سعد توصيات طالب بلديات صيدا والجوار بتحويلها إلى قرارات تنفيذية من دون أي إبطاء. وهي، مصادرة معمل معالجة النفايات من قبل بلدية صيدا نظراً لعدم التزام إدارته بموجبات العقد الذي وقعته مع البلدية. مطالبة وزارة البيئة بتقديم المساعدة اللازمة إلى بلدية صيدا بهدف معالجة ألوف الأطنان من النفايات المتراكمة داخل المعمل وفي جواره. التوقف عن استقبال أي نفايات من خارج النطاق الإداري لمدينة صيدا بانتظار معالجة وضع المعمل وتحديد قدرته الاستيعابية، وإيجاد الحل المتكامل لمسألة النفايات، ولا سيما إيجاد مطمر للعوادم من خلال التعاون بين بلدية صيدا وبلديات الجوار. مبادرة البلدية الى الاهتمام بجمع النفايات وكنس الشوارع. مطالبة الحكومة بالإسراع في تسديد مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل.
عبد الرحمن البزري
وتحدث النائب الدكتور عبد الرحمن البزري، فشدد على ضرورة إجراء دراسة الأثر البيئي لأي مشروع قبل تنفيذه. وقال: "لكي نتمكن من الإستدامة بيئيا علينا ان نتمكن سريعا وعلميا ومنطقيا من حل المشاكل التي نعاني منها والتي دمرت بيئتنا لنعود نحن نموذجاً.
وأضاف: "نتوجه لوزارة البيئة لتكون مسؤولة وشريكة حقيقية في تحمل تبعات هذا الملف. فوجود وزير البيئة وممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الشرق الأوسط بيننا هو دليل على أن صيدا تحظى بدعم مركزي ودولي وليست متروكة. علينا أن نحوّل مشاكلنا البيئية وضعفنا البيئي إلى قوة لحل القضايا البيئية الخطيرة، وأقول نيابة عن نفسي وعن زميلي النائب اسامة سعد أننا سنتابع مع مختلف الإدارات المعنية القضايا البيئية المتعلقة بصيدا وسن القوانين والتشريعات الضرورية.
بهية الحريري
وتحدثت رئيسة مؤسسة الحريري السيدة بهية الحريري فقالت: "إنّنا نلتقي اليوم لنجدّد إرادة صيدا والجوار في مواجهة التّحديات.. بإيمان كبير بقدرة أجيالنا الصاعدة على تجاوز المحن والصعاب.. وبأنّنا قادرون بالتكامل والتوافق على صناعة الأمل .. وبناء مستقبل يليق بتضحيات أهلنا الصابرين الطيبين.. العازمين على النهوض بصيدا والجوار.
وختمت الحريري بالقول "إنّنا نرحّب ببرنامج الامم المتحدة للبيئة وبمشاركتهم في هذا المنتدى.. وإنّني أثني على المتابعة المكثفة مع فريق البرنامج الأمم في بيروت وعلى حسن متابعتهم وتعاونهم..
سامي الديماسي
والقى المدير الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الأستاذ سامي الديماسي كلمة في ختام الجلسة الافتتاحية فقال"ان اجتماعنا اليوم يمثلُ الخطوة التي نبدأ فيها رحلةَ العملِ الجاد والشراكات الفاعلة من اجل تحقيق رؤيةٍ مشتركة ومصلحة عامة وهي جعل مدينة صيدا، مدينةً مستدامةً بيئياً. وان محدودية الموارد وندرتها خاصة في بلد كلبنان يحتم علينا استخدامها بطريقة مستدامة تضمن استمرارها وتصون حق الأجيال القادمة فيها ".
توقيع مذكرة تفاهم
بعد ذلك جرى وبحضور الوزير ناصر ياسين والسيدة بهية الحريري توقيع مُذكرة تفاهم بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة – مكتب غرب آسيا ممثلاً بالأستاذ سامي الديماسي وبين مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المُستدامة ممثلة بمديرتها التنفيذية الدكتورة روبينا أبو زينب كخطوة أُولى تؤسس للعمل المشترك .