ثمة تحولٌ ما في عملية انتخاب المفتين المحليين في المناطق التي دعا إليها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في 18 كانون الأول الجاري في كل من طرابلس وعكار وزحلة-البقاع وبعلبك-الهرمل وراشيا وحاصبيا-مرجعيون.
فبعد عملية التسلل التي نفذها حزب الله من خلال "المساعدات الإجتماعية" والتي بدأت عن طريق بعض رؤساء البلديات وبعض أئمة المساجد بعدما أصبحت الدولة مقصّرة معها، يبدو أن تداعياتها على مستوى التأثير على خيارات الهيئة الناخبة بدأ يتقلص بحسب ما تفيد مصادر خاصة "المركزية" وتلفت إلى أن الموضوع دقيق وحساس والعمل يجري على ترتيب تسويات في مناطق وتزكية هنا وهناك.
بحسب الإجراءات التنظيمية فإن انتخابات المفتين ستجري في مراكز دوائر الأوقاف في المناطق المذكورة باستثناء انتخابات راشيا التي ستجرى في دائرة أوقاف زحلة-البقاع بسبب عدم وجود دائرة أوقاف في المنطقة. ويشرف عليها كما على عملية الفرز أعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ويكون كل منهم بمثابة ممثل مفتي الجمهورية إضافة إلى رئيس دائرة الأوقاف وبعد فرز النتائج يعلنها المفتي عبد اللطيف دريان.
المصادر تشرح لـ"المركزية" طبيعة عملية التحضير لانتخابات المفتين قبل ساعات من فتح صناديق الإقتراع في 18 الجاري وتلفت بداية إلى أن العامل الإيراني لا يزال يلعب دورا أساسيا في التأثير على جزء من أعضاء الهيئة الناخبة سواء في عكار أو طرابلس أو بعلبك-الهرمل، وتخف نسبته في كل من زحلة -البقاع وراشيا. أما في حاصبيا - مرجعيون فشبه مؤكد أنه معدوم بعد التوافق على تزكية المرشح الأقوى القاضي الشيخ حسن دلّي. وبحسب المصادر يملك الأخير نسبة حظوظ كبيرة كونه قاضيا مما يؤمن له الدعم من قبل غالبية الهيئة الإنتخابية.
أما وقد حسمت في دائرة مرجعيون-حاصبيا تبقى الترجيحات في باقي المناطق. وفي السياق، تقول المصادر بأن التنافس قوي وأساسي في راشيا بين الشيخ الدكتور وفيق حجازي والشيخ جمال حمود على رغم وجود مرشحين آخرين. أما في زحلة-البقاع فالتنافس قوي بين مجموعة مرشحين لتبوء منصب مفتي القضاء مكان المفتي الراحل خليل الميس، إلا أن أقواهم هما القاضي الشيخ طالب جمعة ومدير أزهر البقاع الشيخ علي الغزاوي.
التنافس في بعلبك-الهرمل شبه محسوم لصالح الشيخ أيمن الرفاعي المعروف بالشيخ بكر الرفاعي وترتكز هذه النتيجة على قناعة بأن باقي المرشحين ضعفاء بحسب المصادر الخاصة. وتضيف، في طرابلس التنافس قائم بين 7 مرشحين أبرزهما الشيخ محمد طارق، وشيخ القرّاء في طرابلس بلال بارودي والمرجح أن يكون المفتي واحدا منهما.
محاولات التسوية في عكار تجري على قدم وساق بحسب المصادر الخاصة، ويتولاها القاضي الشيخ خلدون عريمط لإيجاد مرشح توافقي. وعليه تتابع بأن التنافس سيكون بين ثلاثة مرشحين لمنصب مفتي عكار وهم القاضي الشيخ أسامة الرفاعي الصوفي حتى المغالاة والشيخ زيد بكار زكريا السلفي المعتدل وهذان الخطان لا يلتقيان أبدا، والحال نفسها لدى المرشح الشيخ ناجي علوش. أما الشيخ كيلاني فهو ليس صوفيا ولكنه ليس ضد الصوفية، وليس سلفيا كما أنه ليس ضد السلفية.
وتشير المصادر إلى أرجحية حصر التنافس في اللحظات الأخيرة بين الشيخ زكريا والشيخ الرفاعي. وفي حال التسوية فإن أرجحية الفوز تذهب للشيخ زيد كيلاني أو الشيخ محمد الحسن. وتشرح المصادر أن التسوية في هذا الإطار تفترض أن يتنازل المرشحان الأساسيان الشيخان زكريا والرفاعي عن خوض المعركة لصالح الشيخ كيلاني. "وهذا ما نسعى إليه".
بحسب الأصول تتولى الهيئة الناخبة التي تضم رؤساء البلديات والمجالس الإدارية للأوقاف في كل محافظة انتخاب الأئمة. وتلفت المصادر إلى أن "حزب الله" تمكن من خلال عملية التسلل وتبادل الخدمات أن "يمون" أقله على 10 أو 15 عضوا في هيئة عكار وربما أقل منها في باقي المحافظات. إلا أن النتيجة واحدة تحول الحزب إلى ناخب داخل الهيئات من خلال أعضاء يستفيدون من خدماته. ومن الطبيعي أن يبادلوه بالمثل عن طريق محاولة إيصال المرشح الذي يريده الحزب.
لكن التحول بدأ يتظهّر عشية الإنتخابات، إذ يبدو أن دور حزب الله في التأثيرعلى الهيئة الناخبة بدأ ينكفئ باستثناء بعض الأعضاء الذين ما زالوا يتأثرون، وهذا يعود إلى وعي الهيئة الناخبة على خلفيات التسلل والإختراقات التي بدأت منذ حوالى العامين من قبل مؤسسات إجتماعية تابعة للحزب، إضافة إلى الرفض الإسلامي لأي تدخل إيراني في اي منطقة من المناطق المذكورة وهذا ما أدى حتما إلى الإنكفاء الجزئي.
وافادت المصادر الخاصة أن الحزب أقرب إلى الشيخ أسامة الرفاعي منه إلى الشيخ زيد بكار زكريا، أما في بعلبك فيبدو التناغم بين الحزب والشيخ بكر الرفاعي قائما، وإلى المرشح القاضي الشيخ سمير كمال الدين المدعوم من النائب فيصل كرامي في طرابلس، وفي كل من زحلة-البقاع وراشيا متواضع جداً، أما في حاصبيا -مرجعيون فتشير المصادر بأن الحزب لا يعترض على الشيخ دلّي المحسوم فوزه ولا يعتبرونه خصماً أو محسوبا عليهم.
يبقى تأثير المفتين اللاحق، وتقول المصادر بأن تأثيرهم يقتصر على مناطقهم مما يؤثر حصرا على انتخابات البلديات والمخاتير والنيابية حتما. أما بالنسبة إلى دار الفتوى فلا شيء يؤثر عليها لأن المفتي يؤثر بقراراته عليهم ولا يؤثرون في قرارات مفتي الجمهورية، تختم المصادر.