يترقب الأفرقاء في لبنان تبعات الاتفاق السعودي - الإيراني على المجريات السياسية وخصوصاً أنه أتى في مرحلة سياسية حرجة يمر بها الجميع.
من دون شك إن الاتفاق أربك الجميع وخصوصاً أنه أتى مباغتاً، وغير متوقع من الجميع، وفي لحظة انتقال الاستحقاق الرئاسي في لبنان الى مرحلة جديدة بعد التبنّي الواضح والصريح لـ"حزب الله" ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وفي هذا الإطار يستبعد "التيار الوطني الحر" أن يؤثر الاتفاق على مسار انتخاب فرنجية أو يكون دافعاً وخصوصاً أنه لا يزال غامضاً وغير واضح من جهة، بالإضافة الى أن الملف اللبناني ليس أولوية أو ذا أهمية قصوى على أجندة البلدين.
يصر "التيار" على الترحيب بالاتفاق والتأكيد على أهميته وإيجابيته المحتمة على لبنان، مذكّراً بأن عهد العماد ميشال عون وما جرى فيه وتعثره كان نتيجة اشتداد الخلاف السعودي - الإيراني وهو دفع ثمن هذا الخلاف، مشيراً الى ضرورة الانتظار وعدم التسرّع في التقديرات عن هزيمة جهة فئة أو محور معيّن، أو حتى هدوء في مناطق وجود القوى المؤيدة لإيران، فهو حتى الساعة لم تظهر مؤشراته الأولى على تهدئة في التنافس الداخلي، سواء في لبنان أو العراق أو سوريا، وما زال يحتاج إلى الكثير من التبصّر في طبيعة العلاقات الداخلية والتوازنات.
وبرأي "التيار"، سيكون الملف اليمني هو الأهم في أجندة الاتفاق ثم العراقي وذلك لحاجة السعودية وإيران الى محيط هادئ، أما الملفان السوري واللبناني فيأتيان في مرتبة لاحقة وربما متأخرة.
وأضافت المصادر: "هناك أشهر أقلها ثلاثة ستكون بمثابة اختبار نوايا من قبل الطرفين ومن بعدها ستُفتح السفارات بين البلدين، وهناك مشوار طويل ينتظر الطرفين في ما يتعلق بحل الملفات الإقليمية، ويبقى السؤال: هل للسعودية رغبة في تحريك الملف اللبناني؟ وأصلاً هناك جزء من الاتفاق قائم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة".
وتعود المصادر الى التغريدة الأولى للنائب جبران باسيل عن معطّلي الاتفاق، مشيرة الى أن اتفاقاً بهذا الحجم والتأثير لن يكون بمنأى عن محاولات إفشال من المتضررين من إسرائيل الى دول عظمى، وهي تمتلك أدوات التعطيل والضغط.
من جهة ثانية، لا يبدي "التيار" تخوفاً من الانفتاح السعودي على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ليس جديداً بل كان دائما موجوداً فهو يتسع ويضيق بحسب الظروف السياسية، مستبعداً أن تؤدّي زيارة بري للسعودية إذا حصلت، إلى أيّ تغيير في الموقف السعودي الذي ما زال على الأقل حتى الساعة على حاله وصلباً وخصوصاً في ما خص النائب السابق فرنجية.
ويعيد "التيار" التذكير بأن علاقته بإيران جيدة جداً على الرغم من التباعد الحاصل في الوقت الراهن مع "حزب الله"، وهو أيضاً لطالما طالب بعلاقات متميزة مع السعودية ووجّه العماد عون عدة رسائل إيجابية للمملكة بدءاً من الزيارة الأولى التي قام بها في بداية عهده، وتدخله المباشر في قضيّة الوزيرين شربل وهبة وجورج قرداحي والسعي لإبعادهما عن الحكومة بعد ما اعتبرته المملكة إساءة لها، هذا عدا عن الرسائل الإيجابية التي وجّهها الوزير جبران باسيل بكلامه عن شخص الأمير محمد بن سلمان، واعتباره أنه أقرب الى أفكاره من آية الله الإمام الخميني.
وفي الختام تشدد المصادر على أن أي اتفاق مسيحي-مسيحي، مباشر او غير مباشر، على اسم أو أكثر، كفيل بقلب الطاولة الرئاسية وفرض معادلة لن يستطيع أحد أن يتجاوزها مهما علا شأنه، وهو ما يعمل عليه التيار منذ أشهر ويطالب به، وهو أيضاً ما تقوم به بكركي برضى ودعم كامل من التيار "لعلنا نستطيع أن نصل الى اتفاق تحت مظلتها".