تقدّم رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي، النائب تيمور جنبلاط، باقتراح قانون لإنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية.
واعتبر النائب جنبلاط أن هذه "خطوة باتجاه تطبيق الدستور وتطوير النظام على طريق قيام الدولة المدنية"، موجّهاً النداء لـ"كل الكتل النيابية أن تكون معنا لإقراره فتتحوّل الوعود إلى أفعال".
وحسب الحزب "التقدمي الاشتراكي"، اقتراح القانون ينبثق من أسباب موجبة تنطلق من اعتبار أنّ، "الطائفية السياسية، بما ترسيه من امتيازات متعاكسة مع المصالح الحقيقية للأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني، هي السمة الرئيسية للنظام السياسي المتخلّف، ومنها تنبع وعليها تترتب مختلف مظاهر الخلل الرئيسية التي بيّنها هذا النظام. وعلى قاعدة الامتيازات الطائفية الموروثة يؤدي هذا النظام السياسي اللبناني وظيفته في حماية الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المهيمنة".
يضاف إلى ذلك كلّه أنّ، "النظام الطائفي المتّبع، بما ينشره من عصبيّات ويكرّسه من علاقات عشائرية مختلفة، قد حجب الكفاءات عن الظهور، وعن تسلّم مقاليد الأمور، ويخفض باستمرار مستوى التمثيل والإنتاجية. كما أنّ قانون التمثيل السياسي بصيغته الراهنة قد أسهم بدوره في خفض مستوى الكفاءات، وفي حجبها عن الظهور. ولم تنحدر الدولة فقط إلى مستوى من العجز يهدّد مسيرة الديمقراطية ذاتها، بل أخذ (ذلك القانون) يهدّد وجود الكيان بذاته، فكان لا بدّ من إحداث تعديلات ديمقراطية أساسية في تركيب النظام السياسي اللبناني من خلال تحديث النظام السياسي القائم وتجاوز صيغة الطائفية، نحو نظام ديمقراطي عصري قادر على مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التطور الرأسمالي للبنان، وقادر أيضاً على الدفاع بالحد الأدنى عن موجبات انتماء لبنان العربي على الصعيدين الوطني والقومي".
وبالتالي، فإنّ "الخروج من مأزق النظام الطائفي، وإلغاء الطائفية السياسية، لعدم تكرار تجربة الحروب الأهلية، وإرساء صيَغ جديدة للعلاقات الاجتماعية والثقافية نبذاً للتفرقة والتعصب، وتعزيز الحياة الديمقراطية الحقيقية، كان بنداً أساسياً من بنود وثيقة الوفاق الوطني التي أكّدت أنّ إلغاء الطائفية السياسية هدفٌ وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية"، حسب "التقدمي".
ونظراً لأهمية هذا البند المتعلّق بإلغاء الطائفية السياسية، لم يكتفِ المشرّع بتكريسه في مقدمة الدستور، بل وضع الآلية اللّازمة له في المادة 95 من الدستور التي نصّت أنّه، "على مجلس النواب، المنتخَب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، اتّخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، وتضمّ بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية."
ويُذكر أن مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلس النواب والوزراء، ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.
وبما أنّ مجلس النواب المنتخَب من العام 1992، على قاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، لم يتقدّم بأي إجراء لإقرار الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، ومن منطلق المصلحة الوطنية العليا، والتزاماً بأحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، تقدّم اللقاء الديمقراطي من مجلس النواب باقتراح القانون الرامي إلى إنشاء "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية" آملاً مناقشته وإقراره، والبدء بمرحلة تطبيق إلغاء الطائفية السياسية، وإصلاح النظام السياسي اللبناني، ضماناً لمستقبلٍ أفضل لجميع المواطنين، وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
وقد نصّ اقتراح القانون على ما يلي:
المادة الأولى: تنشأ في لبنان هيئة لإلغاء الطائفية السياسية تعرف بـ"الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية".
المادة الثانية: تتألّف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية من اثني عشر عضواً ويرأسها رئيس الجمهورية، ويكون من بين أعضائها، حكماً، السيّدان رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.
ينتخب مجلس النواب الأعضاء التسعة المتبقين من بين شخصيات سياسية وفكرية وقانونية واجتماعية عملت في الشأن العام، ولها مواقف وآراء ودراسات في موضوع إلغاء الطائفية السياسية.
المادة الثالثة: يتقدّم مَن يرغب في الانضمام إلى "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية" بطلب ترشّحه إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، ويتم انتخاب المرشّحين من قِبل الهيئة العامة لمجلس النواب بأغلبية الثلثين في الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية، وإذا تساوت الأصوات يعتبر فائزاً الأكبر سناً.
المادة الرابعة: على مجلس النواب انتخاب أعضاء الهيئة في مهلةٍ أقصاها شهرين من تاريخ انتهاء مهلة تقديم الطلبات، والتي يبدأ سريانها خلال مهلة أربعة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية.
المادة الخامسة: تضع الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية نظامها الداخلي، وآلية عملها فور تشكيلها، وتبدأ العمل على وضع اقتراحات عملية لتنفّذ عبر مراحل زمنية تقترحها لإلغاء الطائفية السياسية على أن تشمل، خاصةً، الاقتراحات الآيلة إلى إلغاء الطائفية من النصوص الدستورية والتشريعية والنظامية، ووضع قانون موحّد للأحوال الشخصية، وتأكيد استقلالية السلطة القضائية والمؤسّسات الرقابية، وتعزيز الحقوق والحريات العامة، واعتبار قواعد حقوق الإنسان بمثابة قانون واجب التنفيذ، وتعديل القوانين غير المتلائمة مع بنودها، وإزالة كل أشكال التمييز بين فئات المجتمع، وإقرار هيكلية ديمقراطية للعمل النقابي، وتُعرض فوراً على مجلس النواب لإصدار القوانين التي تكفل الانتقال إلى مرحلة إلغاء الطائفية السياسية.
على مجلس الوزراء إصدار المراسيم اللّازمة في مهلةٍ أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
المادة السادسة: تشرف "الهئية الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية "على تنفيذ الخطة المرحلية الانتقالية بما يحقّق إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي، وتحرير التمثيل الشعبي من قيود الطائفية السياسية، واقتراح قانون جديد للانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي، واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسّسات العسكرية والأمنية والمؤسّسات العامة والمختلطة والمصالح المستقلة.
المادة السابعة: يُعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.