داود رمال
تتعدّد الجبهات والمهام التي ينخرط في خضمّها الجيش اللبناني، بحيث زادته الظروف الخطيرة التي يمر بها لبنان صلابة وعزيمة على أداء الواجب بالإمكانيات المتوافرة، وهو كما يستمر في معركته على آفة المخدّرات ويرتقي له في ساحتها شهداء، فإن عينه لا تغفل للحظة عن خطرين مستمرين وداهمين: العدو الإسرائيلي والإرهاب التكفيري، وكلما تحركت خليّة نائمة يكون لها بالمرصاد.
وفي سياق الحرب التي تخوضها مديرية المخابرات في الجيش ضد الإرهاب التكفيري داخل الأراضي اللبنانية، وضمن عملها الاستباقي الهادف الى رصد وكشف الخلايا الإرهابية والأشخاص المشتبه فيهم ولا سيما من يتواصل منهم مع كوادر من التنظيمات الارهابية الموجودة خارج الأراضي اللبنانية، كشف مصدر أمني لـ"النهار" عن أنه "تكوّنت لدى مديرية المخابرات شبهة أمنية حول نشاط شخصين داخل أحد المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، وبعد أشهر عدة من المتابعة الأمنية توافرت أدلة تثبت ارتباط المذكورين بأحد الكوادر الإرهابية في تنظيم داعش".
وأوضح المصدر أنه "يوم 3 آذار الحالي وفي مهمّة اتسمت بالدقة والحرفية تخللتها عملية استدراج ناجحة أوقفت قوة من مديرية المخابرات الفلسطينيين الحاملين للجنسية السورية مصطفى.خ و عبد الرحمن.خ اللذين كانا قد دخلا الأراضي اللبنانية سابقاً قادمين من سوريا، وبنتيجة التحقيقات تبيّن أنهما عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومنذ حوالي سنتين بدآ بتصفح عدد من المواقع الجهادية والإصدارات المرتبطة بتنظيم داعش، ليبدآ لاحقاً بالتواصل مع أحد كوادر التنظيم الإرهابي في الداخل السوري الذي حثّهما على الغوص في عقيدة التنظيم وإنجازاته، ليُقدم لاحقاً على تلقينهما دروساً دينية وجهادية، وبعد انتهاء مرحلة الإعداد العقائدي عرّفهما إلى قيادي آخر في التنظيم وبدآ بالتواصل معه عبر تطبيق التيليغرام وقدّما له البيعة ليطلب منهما إثر ذلك الاستعداد للانتقال الى مرحلة النشاط العملاني والتحضير لتنفيذ ما يُطلب منهما في لبنان أو تجهيز نفسيهما لدخول سوريا والالتحاق بأحد مراكز التنظيم في درعا لمتابعة التدريبات العسكرية اللازمة".
وأضاف المصدر أن الموقوفين "بدآ الاستعداد العملاني للانتقال الى سوريا، وعمدا الى توفير الغطاء الآمن لتحقيق غايتهما، من خلال الانتماء الكاذب الى أحد الفصائل الفلسطينية في لبنان، التي لا شبهة حول دورها، واستخدام هذا الفصيل كوسيلة سهلة لدخول الأراضي السورية، بحيث قضى المخطّط بانضمامهما إلى أحد أجنحة ذلك الفصيل في جنوب لبنان ومن ثم الانتقال إلى سوريا حيث سيتواصلان مع القيادي الداعشي ويلتحقان بمجموعته في درعا، غير أنّ عملية الاستدراج والتوقيف وضعت حدّاً لمخطّطهما".
وأشار المصدر الى أن "تواصل الموقوفين كان في البداية مع المسؤول الشرعي في تنظيم داعش الإرهابي في درعا الملقب بـ"أبو حفصة"، وآليّة التواصل عبر الواتساب والفايسبوك، وبعدما أنهيا الإعداد الشرعي، تطوّر عملهما الى الجانب العسكري من خلال التواصل مع الرجل الثاني في التنظيم في درعا وهو المسؤول العسكري، الملقب بـ"البتّار"، وآليّة التواصل كانت عبر تطبيق تلغرام، بحيث زوّدهما بالخبرات والتقنيّات العسكرية، تمهيداً للقيام بالمهام التي ستوكل إليهما".
ولفت المصدر إلى أن "خطورة هذه الخليّة الداعشية أنها كانت تنشط في أحد مخيمات الجنوب وتحديداً في منطقة صور، وغالباً ما كانت تشهد هذه المنطقة إطلاق صواريخ مجهولة المصدر باتجاه فلسطين المحتلة، بهدف توتير الوضع الأمني المستقر على طول الحدود الجنوبية، لذلك لا يزال التحقيق مستمراً بإشراف القضاء المختصّ، لتبيان الحقيقة الكاملة لهذه الخليّة وهل للموقوفين شركاء آخرون ولمعرفة كل التعليمات التي كانت تصلهما من مشغليهما في درعا السورية، كما أن ملف الخلية هو محلّ اهتمام ومتابعة من الجهات الرسمية الفلسطينية".