ليس سهلاً الحديث عن مغادرة اللاجئين السوريين لبنان أو حتى التخفيف من أعدادهم عبر تنفيذ خطة وزير المهجرين عصام شرف الدين التي تقتصر على ترحيل 15 ألف نازح سوري شهرياً كما يشير إليهم في الخطة، لغياب الثقة بالنظام السوري من جهة، وغياب الرعاية الدولية لهذا الملف وسط التباين المتوسّع بين الجانب اللبناني ومفوضية اللاجئين.
وفيما تكثر الشكوك بالوصول إلى حلول للسوريين الموجودين في لبنان، أكانوا معارضة أم موالاة، يشير شرف الدين لـ"النهار" إلى أنّ الضمانات من الجهة السورية مؤكدة 100%، وتم توثيقها في الاعلام. ويوضح أن لدى الجانب السوري نحو 480 مركز إيواء ينتشرون على الأراضي السورية، جاهزون لاستيعاب نحو 200 ألف نازح. وبالتالي، فإن سوريا تتحدث عن قدرة استيعابية تتخطى الـ15 ألف نازح شهرياً".
وفي السياق، قدّم الجانب السوري كحسن نيّة عدة مبادرات لتشجيع السوريين على العودة، منها مراسيم العفو الرئاسي، تأهيل البنى التحتية، تسهيل وتبسيط الإجراءات في المناطق الحدودية، تأمين الخدمات للعائدين من نقل وإغاثة ومساعدات إنسانية وطبابة وتعليم ووظائف وغيرها لتوفير إقامة آمنة ومريحة لهم. السماح بدخولهم بجوازات سفر سورية حتى وإن كانت منتهية الصلاحية أو أي وثيقة تثبت أنهم مواطنون سوريون، والسماح بدخول الأطفال المولودين خارج سوريا برفقة ذويهم بموجب شهادة ميلاد مصدقة وغيرها من التسهيلات...
وفي الإطار، كشف وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف عودة خمسة ملايين مهجر سوري من بينهم مليون مهجر من الخارج وأربعة ملايين من الداخل وباتوا مستقرين في مناطقهم مع توفير كامل الخدمات.
وبالتالي، يرى الجانب السوري أنه يقوم بواجبه تجاه شعبه ويقدم كل التسهيلات في سبيل العودة، محمّلا والجانب اللبناني مسؤولية العرقلة إلى الجهات الدولية، وفي طليعتها مفوضية اللاجئين، التي ترفض عودة السوريين لأسباب أمنية بالدرجة الأولى.
السوريون بحسب شرف الدين، "يمدّون يدهم للمنظمات الأممية ولمفوضية اللاجئين ويدعونهم للتعاون والتحاور، وعبر إنشاء لجنة ثلاثية لتغطية كل مستلزمات العودة، أو للحوار حول أي شكوك أمنية اذا كانت موجودة، والجانب السوري يبدي إيجابية في هذا الموضوع".
لا شك أن منطلقات مفوضية اللاجئين وغيرها من المنظمات الدولية سياسية أولا، وإنسانية ثانياً، خصوصاً ان عدّة حالات وثقتها هذه الهيئات الدولية عن تعذيب تعرّض له عائدون إلى بلدهم.
هذا التعقيد على مستوى ارتباطات الملف دولياً وحتى إقليمياً، لا ينبئ بانفراجات، في ظل غياب أي آلية واضحة لتثبيت عودة النازحين السوريين بين لبنان والجانب الأممي. ومن المقرر ان تعقد اجتماعات بين وزير المهجرين وعدد من الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، وفي طليعتهم وزير الداخلية، لتقديم كل الإحصاءات بالوجود السوري ومدى تطابقها مع مراكز الايواء الجاهزة في سوريا، وطرح الأفكار لكيفية تحريك الملف.
التطبيق العملي لخطة وزير المهجرين، تطرح بدورها معضلة المعابر الشرعية وغير الشرعية، لذلك، يشير شرف الدين إلى أن الآلية الأصلح في هذا الإطار هو عبر وجود تنسيق وتعاون بين الأجهزة الأمنية اللبنانية من امن عام وجيش إضافة إلى الوزارات المعنية مع نظرئاهم في سوريا لتنظيم الحركة على المعابر الشرعية، وضبطها على المعابر غير الشرعية قدر الإمكان لعدم السماح بدخول النازحين بطريقة غير شرعية.
من هنا، فإن إيجابية النظام السوري "المعلنة" لا تعني عودة مأمونة خصوصا أن الطريق الدولية ليست معبّدة، والرعاية الأممية مفقودة.