تتفاعل ردود الفعل على قرار مجلس نقابة المحامين في بيروت الذي اتخذه بالإجماع في آذار الماضي بتعديل تنظيم آداب المهنة الذي يوجب على المحامي الاستحصال على إذن قبل الظهور الإعلامي "لضبط الفوضى"، كما برّره.
هذا "الضبط " فتح معركة الحريات التي كان محامون في صلبها منذ انطلاقة انتفاضة 17 تشرين، وخلال العقود الماضية دفاعاً عن قضايا حقوقية مجتمعية ووضعها في واجهة النضال المدني.
المحامي نزار صاغية من "المفكرة القانونية"، هو أحد الوجوه المنظّرة لحرية التعبير والدفاع عن الحقوق المكرّسة، وقاد معارك في ملفات عدة في السنوات الماضية، أبرزها انفجار المرفأ مؤخراً.
أعلن صاغية جهاراً رفضه قرار مجلس النقابة، وانبرى الى إجراء مقابلات إعلامية من دون أخذ الإذن الذي يريد النقيب ناضر كسبار تكريسه. وعلى الأثر، جرى استدعاؤه إلى النقابة يوم الخميس المقبل، وتوازياً انطلقت حملة تضامن معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الرقمية.
وكذلك جرى استدعاء المحاميين حسين رمضان ويوسف الخطيب.
وتعقيباً على معلومات حول بدء التحقيقات في النقابة لاتخاذ قرار معاقبة المخالفين لقرار مجلس النقابة، اعتبر صاغية أن الأمر "يعني أن مجلس النقابة الذي استدعاني سيحاكمني أعضاؤه بصفتهم مقامات، وستكون تهمتي التجرؤ على المس بمقاماتهم داخل النقابة وخارجها وسيصدرون الحكم عليّ من عليائهم كمقامات. سادتي المقامات اعلموا أني قضيت عمري أعمل على تكسير أصنام المقامات إيماناً بالديمقراطية. اقتضى التوضيح".
وإن كان المحامي الكسندر نجار في مجلس النقابة من المؤيدين للقرار، فإن مطالبات صدرت لمعرفة حقيقة موقف "حزب الكتائب" من "تقييد الحريات".
وصباح اليوم، أوضح الحزب أنه "في ضوء الأبعاد التي بلغها قرار نقابة المحامين في بيروت المتعلق بتعديل بعض مواد نظام آداب المهنة"، ينأى "الكتائب" بنفسه عن "القضايا النقابية التي يعتبرها قضايا داخلية تُسوّى على طاولة مجلس النقابة وفي الجمعيات العمومية حفاظاً على استقلالية العمل النقابي وإبعاداً للسياسة عنه. وقد تجسد موقف الكتائب التاريخي هذا مع كل النقباء وأعضاء مجلس النقابة الكتائبيين".
ورفض "المسّ بالحريات العامة والشخصية والإعلامية وهي في دستوره مسألة وجودية كحرصه على احترام أسس مزاولة مهنة المحاماة وقواعد سلوكها".
أما وأن قرار النقابة لم يعد قراراً نقابياً محضاً، بل تحوّل إلى مادة رأي عام، دعا الحزب النقيب "والمحامين والسادة أعضاء مجلس النقابة الحريصين على صون الحريات والدفاع عنها إلى تجميد القرار الخلافي بانتظار فتح حوار نقابي عاجل مع كل الأفرقاء المعنيين".
ومن جهته، غرّد النائب في "تكتل الجمهورية القوية" جورج عقيص، كاتباً: "لن أصوّت في تشرين القادم إلا للمرشح إلى مركز نقيب المحامين في بيروت الذي يتعهد علناً بالرجوع عن التعديلات التي أقرها مجلس النقابة الحالي على النظام الداخلي، والمضيّقة لحرية التعبير، والذي يتعهد وفي الوقت نفسه بملاحقة المحامين المخلّين بآداب المهنة، فيطلق في آن معاً الحرية التامة للمحامين الملتزمين آداب المهنة والملاحقة الصارمة بوجه المخلّين".
وأضاف "إننا إذ اقرّينا للقاضي حق التعبير عن الرأي ضمن اقتراح القانون المتعلق باستقلالية القضاء، وهو الملقى عليه تاريخياً موجب التحفظ، لن نقبل بالتضييق على المحامين وفرض موجبات قاسية عليهم لا تنسجم مع رسالتهم".
وفي رأيه، "المطلوب من القضاء الناظر بالطعن المقدّم ضد قرارات النقابة الانتصار للحرية، وحماية نقابة المحامين كمعقل للحريات العامة. الحرية إرثنا ورأسمالنا، التعسف باستعمالها من قبل البعض ممجوج وقابل للتصحيح والتعويض، أما خنقها بالمطلق وربطها باستنساب النقيب، فأمر أخطر وأعمق وأدهى".
وغرّد الأمين العام لـ"الكتلة الوطنية" ميشال حلو عبر حسابه على "تويتر": "الدفاع عن نقابة المحامين والدفاع عن الحريات معركة واحدة لا تتجزأ. هيدي معركة مبادئ بتتخطى كل الخلافات السياسية. فليتراجع مجلس النقابة عن قراره الأخير وعن استدعاء المحامي نزار صاغية صوناً للنقابة وللمهنة وللحريات".