غيّب الموت نائب رئيس المجلس النيابي السابق فريد المكاري عن عمر يناهز الـ 75 عاماً، بعد صراع مع المرض.
ولد المكاري في بلدة أنفه في 24 تشرين الأول سنة 1947، وتلقّى علومه حتى البكالوريا في المدرسة الإنجيلية في طرابلس. ونال البكالوريا القسم الثاني في مدرسة برمانا العالية.
سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية، ودرس في جامعة تكساس أوستن، فحصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية، وعلى إجازة في إدارة المشاريع الهندسية. وشغل قبل النيابة منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة "سعودي أوجيه المحدودة"، ثم مدير المشاريع فيها. كما انتخب عضواً في مجلس إدارة "أوجيه لبنان".
انتُخب نائباً عن محافظة الشمال، قضاء الكورة، في دورة سنة 1992، ودورة سنة 1996. كما أعيد انتخابه نائباً عن قضاء الكورة، دائرة لبنان الشمالي سنة 2000 وسنة 2005 و2009 وساهم في أعمال اللجان النيابية، فانتخب عضواً في لجان: الأشغال العامة، الخارجية والمغتربين، البيئة، والمهجرين. كما انتُخف نائباً لرئيس مجلس النواب.
عُيّن المكاري وزيراً للإعلام، في أيار سنة 1995، في حكومة الرئيس رفيق الحريري. وانتخب نائباً لرئيس مجلس النواب، في حزيران سنة 2005، وانتمى إلى كتلة "تيار المستقبل" النيابية في العام نفسه.
متأهّل من مهى إميل بواري ولهما ابن هو نبيل المكاري.
الرجل السيادي
بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان فريد مكاري أحد الوجوه البارزة في "ثورة الأرز"، وفاز في الانتخابات النيابية في العام 2005 من ضمن لائحة تحالف قوى 14 اذار. وكانت له، من موقعه هذا، مواقف بارزة ومهمة، وخصوصاً ضد الوجود السوري في لبنان والسلاح غير الشرعي و"حزب الله" وضد المثالثة والمشروع الإيراني.
من أقواله: "تحالف 14 آذار ليس حلفاً انتخابياً، بل هو يجمع أشخاصاً وأحزاباً وتيارات لا يحلفون إلا بلبنان، ويجمع شعباً اقسم مع جبران تويني في ساحة الحرية، وردد بصوت هادر قسمه الشهير كنا مطمئنين لأننا، يوم نزلنا مليوناً الى ساحة الحرية، التقينا هناك في لحظة ثورة، ولم نجتمع بصفقة، التقينا على الحق، ووحدنا الحلم، وحركنا التوق الى الاستقلال والسيادة والحرية".
"وثيقة البريستول، ليست مكتوبة بالحبر، بل بدماء أبطال ثورة الأرز، بدماء رفيق الحريري ومن تبعه على طريق الاستشهاد".
"في البريستول، وضعنا شلحات العلم اللبناني على أعناقنا، كما فعلنا في 14 آذار 2005، لنؤكد أن لبنان، وأن ثورة الأرز، أمانة في أعناقنا ولا يمكن أن نفرط بهذه الأمانة".
"وفق صيغة المناصفة، يشكل الأرثوذوكس ثلث النصف المسيحي، أما في صيغة المثالثة، فيشكل الأرثوذوكس ربع الثلث المسيحي، وبالتالي يتراجع دور المسيحيين ككل، والأرثوذوكس خصوصاً".
في السياق، نعى الرئيس سعد #الحريري "ببالغ الحزن والأسى نائب رئيس مجلس النواب السابق وعضو كتلة المستقبل النيابة سابقاً، ورفيق درب الرئيس الشهيد رفيق الحريري فريد #مكاري"، قائلاً: "رحل اليوم أبو نبيل، أعز الرجال وأوفى الأصدقاء، رفيق درب الوالد الشهيد رفيق الحريري، ورفيقي في المشقّات والأحلام".
وأضاف: "فريد مكاري في ذمة الله. أنعيه ببالغ الحزن بإسمي وإسم عائلتي وإسم تيار المستقبل إلى اللبنانيين عموماً وإلى جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وتابع: "برحيله يسقط غصن كبير من شجرة الرئيس رفيق الحريري، وتنطوي رحلة أخ حبيب، لازمنا في المصاعب وأعطانا من حكمته وطيبته وحلاوة روحه ذكريات لن تنسى".
وأشار إلى أنه "دخل السياسة نظيف الروح والكف والسيرة وخرج منها بالمواصفات ذاتها، تاركاً لأهله وأحبّته في الكورة الأثر الطيب والتجربة السياسية النبيلة".
وختم: "أّحر التعازي للعزيزة مها والعزيز نبيل، ولشقيقه مكارم رفيقه في كل المراحل، وعموم آل مكاري وأهل أنفة والكورة الأعزاء. نسأل الله أن يتغمده برحمته وأن يسبغ علينا وعلى محبيه نعمة الصبر".
ونعت الوزيرة السابقة مي شدياق مكاري، قائلةً: "ليس سهلاً أن تستفيق على خبر رحيل صديق وفيّ ورجل وطني وفارس من فرسان ثورة الأرز. دولة الرئيس فريد مكاري سقطت اليوم عن صهوة جوادك فيما لا يليق بك إلا وقفة العنفوان! عائلتك الصغيرة، مهى ونبيل وكل محبّيك سيشتاقون إليك. أنت من الرجال الذين ندر وجودهم في هذه الأيام العجاف! بكّرت كتير!".
من جهته، غرّد النائب فادي كرم عبر "تويتر"، قائلاً: "غادرت باكراً دولة الرئيس، الشيخ فريد خسرك لبنان في أصعب الأوقات، وخسرك أهلك في الكورة الذين كنت دائماً إلى جانبهم. الله يرحمك شيخ، فليكن ذكرك مؤبداً".
امّا فارس سعيد، فكتب: رحل آخر فارس انيق و شجاع في المجلس النيابي. رحل الشيخ فريد مكاري رجل المواقف. نبكيك في 14 آذار مثلما بكينا كبارنا".
كما اعتبر الرئيس ميشال سليمان أنه "برحيل دولة الرئيس فريد مكاري، يخسر "لقاء الجمهورية" "عضوًا مؤسسًا راقيًا، ويخسر لبنان شخصية محبّة للوطن، شجاعة في الدفاع عنه في الأوقات الصعبة".
وقال سليمان فرنجيه ناعياً فريد مكاري: "خسرتُه صديقاً عزيزاً وخسرتْه الكورة وفياً لها ولناسها وخسرته السياسة اللبنانية ساعياً لتقريب وجهات النظر برلمانياً وحكومياً وعلاقات. الله يرحمك أبو نبيل كل التعازي لعائلتك للكورة وللبنان".
من جهته، كتب الرئيس تمام سلام عبر "تويتر ": رحم الله الصديق الصدوق فريد مكاري. لقد رحل عنا وعن الحياة السياسية والعامة وجه مشرق من لبنان عرف باستقامته ووفائه ووطنيته الخالصة. ذكراه ستبقى في عقول وقلوب معارفه ومحبيه، العزاء والصبر والسلوان إلى زوجته العزيزة مهى ونجله نبيل وآل مكاري الكرام".
أماّ الوزير السابق ناظم الخوري، فكتب: "حبيبي" هكذا كان يناديني صديقي فريد منذ أيام الدراسة وبقيت صداقتنا حتى الفراق الجسدي. حقاً كان "فريداً" بكل مسيرته المهنية والسياسية مميزاً بأخلاقه العالية بظرفه بوفائه لأصدقائه ولحلفاءه وصاحب مواقف وطنية لم يساوم عليها أبداً. ففي هذه الظلامية الشاملة سيفتقد لبنان لأمثالك".
بدوره، نعى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الراحل مكاري، كاتباً: "بمزيد من الحزن والأسى نائب رئيس مجلس النواب الأسبق فريد مكاري الذي غادرنا عن عمر يناهز الـ75 عاماً".
وقال: "لقد فقد لبنان رجلاً سياسياً وطنياً ونبيلاً كان مؤمناً بضرورة قيام الدولة المدنية كمدخل للإصلاح الحقيقي، هو الذي أعطى من وقته وسخر جهده وماله لمساعدة أبناء الوطن دون مقابل"، مضيفاً "لروحك الطيبة دولة الرئيس، تحية إجلال واحترام، فالتاريخ سيذكرك من كبار رجال هذا الوطن".
أمّا النائب غسان حاصباني فغرّد عبر "تويتر"، كاتباً: "برحيل دولة الرئيس فريد مكاري خسر لبنان رجلاً عصامياً قارب السياسة من منطلقات وطنية وبرقي ومسؤولية وخسرنا صديقاً بقي ضنينا على روحية 14 آذار".
بدوره، أبرق عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن إلى عائلة نائب رئيس مجلس النواب السابق المرحوم فريد مكاري معزياً. وقال في برقيته:
"لشد ما آلمنا أن نسمع خبراً صاعقاً محزناً كالذي بلغنا بوفاة ركن من أركان السياسة في لبنان هو النائب والوزير السابق الصديق فريد مكاري، الذي اتسمت شخصيته بالوفاء في السياسة، والعزة في النفس والدفاع عن لبنان بشراسة المدافع عن الكرامة التي تجسد ذروة المعايير الإنسانية والوطنية، على أن ما يعزينا هو الأثر الطيب الذي تركه الراحل الكبير في عارفيه وقادريه والإنجازات التي حققها لوطنه ولمنطقته. بغيابه سيفتقد عالم السياسة في لبنان ركنا أساسيا من أركانه. أتقدّم منكم بأحر التعازي راجياً أن يلهمكم الله الصبر والسلوان وأن يسكن الفقيد الغالي فسيح جناته".
من جانبه، أسِفَ الرئيس فؤاد السنيورة لوفاة مكاري، معتبراً وفاته "تشكّل خسارة كبيرة للبنان وللحياة السياسية والوطنية باعتباره كان رمزاً أساسياً للعيش المشترك الإسلامي - المسيحي، وصديقاً صدوقاً للرئيس الراحل رفيق الحريري، وركناً بارزاً من أركان وأصدقاء الحريرية الوطنية والعروبية العابرة للطوائف والمناطق".
وقال في بيان: "وفاة الأخ والصديق العزيز دولة الرئيس فريد مكاري خسارة وطنية كبيرة، إذ لعب دوراً داعماً للتلاقي الوثيق بين اللبنانيين ولعيشهم المشترك. ومع غيابه يفقد لبنان نكهة مميزة وقوية طبعت العمل السياسي في لبنان من شماله الى جنوبه".
وأضاف: "كان دولة الرئيس فريد مكاري الرفيق المخلص والصادق والمحب للرئيس الشهيد رفيق الحريري وعائلته، وهو لم يتخل ولم يبتعد أبداً عن خطّه الوطني، وبقي وفياً وصادقاً ومحباً ودمثاً وصاحب ابتسامة لا تفارقه، تعكس سمو روحه وطيبة قلبه الكبير الذي توقف عن الخفقان وشكّل بالنسبة للكثيرين دمعة حزينة على فراقه".
وتوجه السنيورة إلى عائلة الراحل بالقول: "أتوجه إلى العائلة الكريمة لأخي أبو نبيل، وإلى زوجته الصابرة مهى، وابنه الطيب والمحب نبيل، وإلى جميع أفراد أسرته، وإلى جميع أهالي منطقة الشمال والكورة وإلى اللبنانيين عامة، بأحر التعازي لهذا الفقد الأليم والمؤثر. رحمه الله وأسكنه الفسيح من جناته. وإنا لله وإنا إليه راجعون".
وغرّد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري عبر "تويتر"، كاتباً: "بقلب مليء بالحزن، أنعي الصديق فريد مكاري، الذي تطوى برحيله صفحة مضيئة من العمل السياسي قوامها حسن الخلق والصدق والشفافية".
وأضاف: "إننا في وزارة الإعلام، التي تولّى الراحل إدارة شؤونها، نشارك العائلة فداحة هذه الخسارة الوطنية، سائلين الله للفقيد الرحمة ولمحبيه العزاء".