لم تأتِ جلسة مجلس النواب الثلثاء بأيّ جديد، فكما كان متوقعاً مرّ قانون التمديد للبلديات والمخاتير بإجماع الحاضرين، على الرغم من المناوشات التي وقعت بين رئيس الحكومة والنواب المؤيدين له من جهة ونواب "التيار الوطني الحر" من جهة أخرى، ناقلين لعبة رمي المسؤوليات بين الحكومة ومجلس النواب من الإعلام والتسريبات إلى داخل قاعة البرلمان، وفي النتيجة وقع التأجيل.
بدا منذ بداية الجلسة أن هناك قراراً من رئيس مجلس النواب نبيه بري بتهدئة الأمور، وعدم السماح بتطور السجالات، لإمرار التمديد، وهو أمر جاراه فيه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي تعاطى بهدوء واستيعاب على الرغم من توتر نوابه ودخولهم في سجالات غلب عليها طابع الحدّة أحياناً.
في الشكل شارك 73 نائباً من كتل "حزب الله" و حركة أمل، و"التيار الوطني الحر" و"اللقاء الديموقراطي" وعدد من النواب الذين يدورون في فلك "الممانعة"، مع مشاركة لافتة للنواب السنّة من عكار وطرابلس وبيروت كـ"تكتل الاعتدال الوطني" ونائب الجماعة الاسلامية، وعبد الكريم كبارة وإيهاب مطر، بما يؤمّن النصاب للجلسة فيما غاب عنها نواب "القوات" و"الكتائب" والتغييريين و"تجدد" وبعض النواب المستقلين كنعمة افرام وجان طالوزيان وميشال ضاهر وجميل عبود.
الجلسة التي بدأت بكلام لأمين سر "اللقاء الديموقراطي" النائب هادي أبو الحسن، طالب فيه باحترام تلك الاستحقاقات بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية، قال: "أما وقد داهمنا الوقت وأصبح إجراء الانتخابات البلدية متعذراً وفق المواعيد التي حددتها وزارة الداخلية فلماذا لا نذهب الى الاقتراح الأقرب مدى ونؤجل تقنياً فقط 4 أشهر". ليردّ الرئيس بري: "نتحدث عن تمديد تقني قد يكون أقل من 4 أشهر، فاللحظة التي تقول الحكومة إنها جاهزة تسير الانتخابات!".
ليرد بعدها أبو الحسن متسائلاً: "ماذا لو قبل الطعن ماذا نفعل؟ ندخل عندها بالفراغ والشلل؟ بدوره بري يجيبه: "أقول تمديد تقني".
وعند انتقال الحديث للنائب أسامة سعد، وجه اتهاماً مباشراً للحكومة واتهمها بالكذب، قائلاً "الحكومة كذبت على اللبنانيين وقالت أنا جاهزة، وهي لا تريد انتخابات"، ليرد رئيس حكومة تصريف الأعمال عليه: "إنتو كلكن عم تكذبوا عاللبنانيين"، ويعلو الصراخ من بعدها في القاعة وسط امتعاض النواب. وعلا صوت النائب غسان عطالله معترضاً على كلام ميقاتي.
السجالات لم تتوقف عند هذا الحد، فقد حصل سجالٌ عنيف بين النائب أحمد الخير والنائب جورج عطالله، بعد اتهام الخير لنواب "التيار" بالاستقواء على رئاسة الحكومة واتهام عطالله بالكذب ليتدخل النواب بين الطرفين وحلّه قبل تطوره.
واللافت في السجال بين الخير وعطالله انه كشف عن تحوّل بأداء نواب الشمال وبعض نواب بيروت نحو ما يشبه كتلة رئيس الحكومة بعدما اتخذوا منذ انتخابهم موقفاً وسطياً، بحيث كان الخير واضحاً بقوله "اذا هاجمتم رئاسة الحكومة سنهاجمكم ولن نسكت لكم بعد اليوم".
اكتمل رمي المسؤوليات بعد كلام ميقاتي الذي استمر بهجومه على النواب وخصوصاً على "التيار الوطني الحر" وقال: "تعلمون أننا اجتمعنا مع وزير الداخلية وقررنا فتح اعتماد إضافي من أجل إنجاز الاستحقاق البلدي، وفي مجلس الوزراء أعددنا مشروع قانون لفتح اعتمادات اضافية، لكنكم طلبتم أن يتم تقديم مشروع القانون كاقتراح قانون".
وأضاف: "تحضرون اليوم تحت عنوان تشريع الضرورة فيما الأكثر ضرورة هو النظر بالقوانين الإصلاحية الخاصة بالمصارف، بدل ترك أموال اللبنانيين محتجزة في المصارف".
وختم ميقاتي بالقول: "لو كنتم فعلاً لا تريدون تأجيل الانتخابات البلدية لمَ حضرتم اليوم وأمّنتم النصاب للجلسة الحالية؟. من لا يريد التأجيل لا يحضر".
ورداً على اعتراضات نواب" التيار الوطني الحر "قال: "أنا لم أُسمِّكم، ولكن الواضح أن اللي في مسلّة تحت باطو بتنعرو".
التصعيد من ميقاتي لم يقابله النائب جبران باسيل بتصعيد، انما أكد ان مشاركتهم أتت من باب المسؤولية وبهدف منع الفراغ في المواقع البلدية والاختيارية، فهذا الفراغ لا يمكن ان يُملأ عملياً من خلال حلول القائمقام محل البلدية كما أن المخاتير لا يمكن لأحد أن يحلّ محلهم".
أضاف: "السبب الوحيد لحضورنا هو عدم مراكمة فراغ بلدي واختياري على الفراغ الرئاسي والحكومي ومنذ البداية قلنا إننا ضد التشريع الاعتيادي لكن إذا كان هناك قوة قاهرة وضرورة قصوى نحضر وهذا ما حصل. كنا جاهزين للانتخابات وشكلنا آلياتنا الداخلية لكن ثبت أن الحكومة ووزارة الداخلية غير جاهزتين".
واعتبر أن "وزير الداخلية يتحدث خارج الجلسة في الإعلام لكن في الداخل يصمت ولا يقول أي كلمة". وقال: "كيف كان وزير الداخلية سيقيم الانتخابات وهو لم يتحدث بعد إلى أي محافظ، وحتى الذين راسلوه بالكتابة، كما لم يتحدث الى القائمقامين ودوائر النفوس والسجل العدلي والقضاة والمعلمين. محافظة كعكار ترشح فيها 5200 شخص عام 2016 واليوم يفصلنا عن آخر مهلة 5 أو 6 أيام عمل ولم يترشح أحد".
تابع: "طالبت رئيس الحكومة بأن يحدد منذ الآن موعد الانتخابات خلال مهلة السنة من التمديد وهذا لم يتم والـ SDR لا يحتاج إلى قرار حكومي، ومزحة جلسة الحكومة اليوم لا معنى لها لأنهم يصرفون شهريا 50 أو 60 مليون دولار بلا قرارات".
وكان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قد صرحّ "قد أسحب اقتراحي اليوم لتأجيل الانتخابات، لأنّ رئيس الحكومة قد يأتي ويقول لنا "أنا جاهز لإجرائها".
من جهته، قال النائب ملحم خلف: "نحن اليوم أمام جلسة تشريع الفراغ وأمام مثال صارخ على تقويض الديمقراطية في لبنان. نكرّر موقفنا الدستوري الذي ينصّ على أنّه متى تخلو سدّة الرئاسة يجتمع مجلس النواب فوراً وحصراً من أجل انتخاب رئيس الدولة بدورات متتالية ورهاننا على صحوة الضّمير".
أضاف: "نشدّد على أنّ الدستور ينصّ بوضوح على أنّ المجلس في ظلّ شغور الرئاسة هو هيئة انتخابيّة لا هيئة اشتراعيّة. وبالتالي، يُمنع التشريع قبل انتخاب رئيس. وهذا النصّ لا يسمح بأيّ توسّع في تفسيره ولا يحتمل أيّ استثناء". وختم خلف: "مشاركة النواب في جلسة اليوم انتهاك لأحكام الدستور، وكلّ القوانين التي ستُقرّها تُعتبر باطلة. وسنُمارس تجاهها أيّ حقّ يمنحنا إيّاه الدستور".