مع ان معظم الأوساط الرسمية والسياسية باتت تستبعد إمكانات تجاوز التعقيدات والشروط التي حالت حتى الان دون تاليف حكومة جديدة، خصوصا مع تنامي الاهتمامات الداخلية والخارجية بالاستحقاق الرئاسي الذي صار الأولوية الأساسية بما يخفف التركيز على الملف الحكومي، فان الأسبوع الطالع سيشكل واقعيا اختبارا حساسا وجديا للغاية، وربما فرصة نهائية لاعادة تعويم الجهود من اجل تأليف حكومة جديدة من دون أوهام كبيرة في إمكانات نجاح هذه الفرصة. فمع عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اليوم الى مزاولة نشاطه في السرايا، باجتماع للبحث في مخارج لفك اضراب موظفي القطاع العام الذي يشل كل القطاعات والمؤسسات، وبعد أسبوعين تقريبا من الجمود الذي أصاب التحركات المتصلة بالملف الحكومي، ترصد القوى الداخلية مسار الاتصالات التي يفترض ان تتحرك على خط بعبدا - السرايا لكسر قطيعة غير معلنة سادت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي ولعبت دورا في تطويل الجمود الذي شل عملية تاليف الحكومة حتى الان. وفيما تنتظر هذه القوى لقاء حاسما بين عون وميقاتي في أي لحظة، من شأنه اما ان يعيد تحريك المشاورات بينهما سعيا الى التوصل الى توافق على التشكيلة الحكومية العتيدة، او يبرز صعوبة تجاوز التباينات القائمة بينهما بما يزيد احتمالات عدم تشكيل حكومة جديدة واستمرار حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد الحالي.
من الواضح ان الامين العام لـ"#حزب الله" السيد حسن #نصرالله، الذي يفاخر بأنه ومقاومته قوة للبنان، لا يرتدّ عن تنفيذ أجندة ايران في موطنه، اذ ان تهديداته لم تصدر في زمن المفاوضات الاميركية - الايرانية، بل ارتفعت وتيرتها بعد تعثّر الاتفاق النووي.
واذا كان له على البلد تضحيات من جراء مقاومته الاحتلال الاسرائيلي، مع غيره طبعاً، فان التضحيات الوطنية غالبا، أو يجب، ان تكون مجانية، لا لقاء خنق البلد وأسره وجعله رهينة حسابات اقليمية تحددها طهران ووليّها الفقيه، فيتدخل حزبه، تارة في سوريا، وتارة في العراق، وصولا الى السعودية والكويت واليمن.
اليوم يهدد السيد نصرالله بحرب لتحرير "الغاز اللبناني" والمساحة البحرية، متجاوزا من جديد الدولة بكل مؤسساتها، وهو الذي اعلن انه في موضوع الترسيم يقف خلف القرار الرسمي، فإذ به يجعل القرار والسلطة الرسميَّين في خلف الخلف، ليتقدم المشهد من جديد ملوّحاً بافتعال حرب مع اسرائيل.
في كتّاب "النهار":
ليس في تاريخ الاستحقاقات الرئاسية اللبنانية تجربة يمكن الاستناد اليها لمطابقتها بالكثير من ظروفها مع الاستحقاق المقبل . على رغم كل "الجهد" السياسي والمعنوي والتعبوي والإعلامي الراهن لتصوير فريق 8 اذار المقطور برافعته "#حزب الله" في موقع متفوق يطل فيه على التحكم الاستباقي لانجاح خياره الرئاسي والامعان في اضعاف جبهات الخصوم غير الموحدين وراء استراتيجية معركة موحدة ، فان ذلك لا يترجم واقعيا اختصار الاستحقاق من الان بهذه الخفة وهذا التبسيط وهذه الألاعيب الدعائية . حتى في سياق الخط البياني الذي صار يهزج فيه انصار "حزب الله" لمقولة السيطرة على رئاسة الجمهورية سيطرة لا مرد لها بعد عهد ميشال عون تتسم هذه الظاهرة بالكثير من روح المفاخرة الفارغة لان ما ينطبق على بعض الشعارات والمعادلات التعبوية "الحربية " التي تشكل جزءا أساسيا من استراتيجية الحزب "الجماهيرية" غالبا ما يسقط امام وقائع السياسة المعقدة في الداخل ، وهو امر لا يحتاج الى اثبات . لذلك ، بمثل ما يواجه خصوم "حزب الله" او المستقلون المحايدون ، اذا صح انه سيكون من مستقلين في المعركة الرئاسية ، تحديهم الرئيسي في التوحد وراء مرشح يفترض ان يجمع المعايير التغييرية الجوهرية كما يسقط سمة "المرشح الفئوي" لاي اتجاه كان ، يواجه "حزب الله" ما دام أي حزب او فريق من تحالف 8 اذار لا يجرؤ على رفع صوت التمايز عنه تبعات الامعان في شرذمة البلاد ووضعها على صفيح ملتهب متفجر ان هو شاء تحويل الاستحقاق الرئاسي الى "عرض حربي" بفرض خياره الأحادي عبر تحكيم أجواء مماثلة للتهويل باشعال حرب مع إسرائيل.
تم اختراع معادلتين في #لبنان في اسبوع واحد تزامنا مع زيارة الرئيس #جو بايدن الى اسرائيل حيث تم توقيع " اعلان القدس " والى المملكة السعودية حيث انعقدت قمة جدة التي جمعت الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن والعراق . المعادلة الاولى وردت على لسان الامين العام لـ"#حزب الله" السيد حسين نصرالله في تهديده بالحرب الى "ما بعد بعد كاريش" كما قال. والمعادلة الاخرى التي تم اختراعها على نحو مفاجىء وردت على لسان وزير الاشغال علي حميه المحسوب من ضمن حصة الحزب في الحكومة والذي توجه خصيصا الى الجنوب على نحو متعمد لغاية الاعلان عما اعلن عنه لجهة المطالبة بنفق يمتد الى ما وراء الحدود في استعادة لاستحضار مزارع شبعا في العام 2000 من اجل ابقاء ذريعة الابقاء على سلاح الحزب وعدم ترك سوريا وحدها حتى استعادتها الجولان . وفي المقابل ورد اسم لبنان ثلاث مرات خلال جولة للرئيس الاميركي جو بايدن في المنطقة التي استمرت اربعة ايام قادته الى اسرائيل والمملكة العربية السعودية .
يتقدم ملف #ترسيم الحدود على كل الملفات اللبنانية، من الحكومة إلى استحقاق الرئاسة وبينهما خطة التعافي الاقتصادي والعلاقة مع المجتمع الدولي. وبات الحل اللبناني أو التسوية الداخلية معلقان بالترسيم وسط التصعيد الذي أطلقه الأمين العام لـ"#حزب الله" #حسن نصرالله وإعطائه مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق وكرّس من خلاله وضع الحزب المقرر في المجال العسكري والسياسي لبنانياً نظراً لارتباط الملف بالاستحقاقات الأخرى وما يمكن أن يفتحه من احتمالات حول الوضع اللبناني. والواقع أن ملف ترسيم الحدود بات صلة الوصل الوحيدة مع المجتمع الدولي، ومنها لا يمكن فصله عما يجري من تطورات إقليمية ودولية، فالنفط والغاز عنصران أساسيان في المعركة الدائرة عالمياً، وبالتالي هناك تركيز من الولايات المتحدة على حل هذا الملف وتمكين #إسرائيل من انتاج الغاز في حقل كاريش لتصديره إلى أوروبا بديلاً من الغاز الروسي.
ري منذ فترة ليست بالقصيرة اعتقاد فحواه ان الرأي العام ال#لبناني يجنح الى تقبّل فكرة ان ثمة تسوية آتية قريبا من شأنها أن تضع حداً للنزاع القائم بين لبنان وإسرائيل حول حقول نفطية مخزونة في عرض البحر قبالة الساحلين اللبناني والاسرائيلي. ولقد صار اللبنانيون يتصرفون على اساس ان هذه التسوية المنتظرة لن تلبث ان ترى النور. وما زاد منسوب اليقين هو الكلام الواثق الذي يرد على لسان مسؤولين وقيادات حزبية، كما يرد في طوايا مقالات وتحليلات اعلامية.
وعلى بلاغة ذلك كله فان الكلام النوعي والمفاجئ الذي اطلقه خلال الساعات القليلة الماضية المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، عزز الارتياح والتوقع بدنوّ الحل، اذ قال بصريح العبارة: "نحن امام فرصة كبيرة لاستعادة لبنان غناه"، لافتا الى "اننا على مسافة اسابيع وليس اكثر من تحقيق هذا الهدف".
في قسم "السياسة"، كتب رضوان عقيل: بدء الجولة الرئاسية الأولى... برّي يراقب "وكل شيء في أوانه"
دخلت القوى السياسية والكتل النيابية في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي تتمثل في لعبة جس النبض عند الافرقاء المعنيين. ولم يعلن أيّ من المرشحين من نواب ورؤساء احزاب فاعلة انهم خارج سباق الترشيح بمن فيهم رئيس حزب "#القوات اللبنانية" سمير جعجع، ولا رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وصولا الى نواب حاليين ووزراء سابقين. ولا يغيب حلم الوصول الى قصر بعبدا عن دغدغة مشاعر الكثيرين من وجوه الموارنة ولو من المغمورين منهم. وفات هؤلاء ان شخصيات راحلة واكثر منهم شعبية وقدرة وتأثيرا لم تستطع بلوغ هذا الحلم. وأبلغ مثل على ذلك "مشوار" العميد ريمون اده حيث لم تسمح له المعطيات الداخلية وظروف الاقليم والعواصم المؤثرة بتحقيق هذه الامنية التي راودته الى يوم وفاته.
وبعد شبه تسليم بعدم قدرة لاعبين من الصف الاول على الفوز بالرئاسة، يطمح كثيرون من الدرجة الثانية او "الاحتياط" الى الحلول في بعبدا اذا سنحت لهم هذه الفرصة الذهبية. وأي رئيس سيصل ومن اي درجة كان سيتسلم دولة منهارة على كل الصعد، في وقت يبدو اللبنانيون اكثر من قلقين على مستقبلهم في غياب اي ضمانات بامكان حصولهم ولو على ودائعهم في المصارف وغيرها من الملفات التي تقضّ مضاجعهم حيث لا كهرباء ولا خبز ولا دواء ولا ماء...
شكّلت زيارة الرئيس الأميركي #جو بايدن الى المملكة العربية #السعودية، علامة فارقة ولا سيما لناحية المواضيع التي أثيرت، بحيث أسست لمرحلة جديدة إن على صعيد العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض، أو على مستوى المنطقة في ظل ما تشهده من متغيرات وتحولات وأزمات وحروب. ونظراً الى دور المملكة ومكانتها كلاعب أساسي خليجياً وعربياً في خضم ما يجري، فالتعويل على ما حققته محادثات بايدن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ستظهر معالمه ونتائجه في وقت ليس ببعيد. ويقول سفير #لبناني سابق في واشنطن لـ"النهار"، إن دور ولي العهد السعودي بدءاً من جولاته الأخيرة على مصر والأردن وتركيا ولقائه في جدّة الرئيس الأميركي وصولاً الى القمة الخليجية، سيؤدي الى محطات يجب التوقف عندها من حرب اليمن الى وضع الخليج، ومن ثمّ ما يحدث في سوريا والعراق وفلسطين من خلال الدور الريادي الذي تضطلع به الرياض، اذ تمكنت من إقامة أفضل العلاقات مع مصر والعراق، الى الالتفاف الخليجي حول مواقفها في ظل معلومات مفادها أنه خلال اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي قبل بضعة أشهر، كان هناك توافق من سائر المشاركين على تبنّي موقف المملكة ودعمه في شأن كل ما يحيط بالملف اللبناني.
أما في قسم "الاقتصاد"، فجاء اليوم بقلم سلوى بعلبكي: تعديلات على "السرية المصرفية" وربطها بالإثراء غير المشروع... الشامي لـ"النهار": نأمل أن لا تمسّ التعديلات الجوهر
تتدافع الإستحقاقات المصيرية في #لبنان الواحد تلو الآخر، فمن الانتخابات النيابية، وما تلاها من تصريف اعمال حكومي فرمل الجهود المطلوبة لبناء ركائز للإنقاذ الموعود، وما بينهما من الصراع الملتبس على "كاريش" و"قانا" والـ29، والرسائل السياسية والأمنية الساخنة والمتبادلة بين "حزب الله" والحكم من جهة، والعدو الاسرائيلي من جهة أخرى، اضافة الى أزمة الكهرباء التي تحشر الجميع في زوايا الحرج والخوف من العتمة الشاملة، ناهيك عن فقدان الخبز وانقطاع الماء والدواء، وشلل مؤسسات الدولة بعد توقفها عن العمل بسبب الإضراب المستمر للقطاع العام.
لكن الإستحقاق الأهم والمصيري الذي يدهم حياة اللبنانيين اليوم، هو الاتفاق المرتجى مع #صندوق النقد الدولي، الذي يعاني مثل غيره من الاتفاقات أو المشاريع الحكومية، من تشتت المواقف الرسمية حياله، وضبابية مندرجاته، والصراع على أبوّته، أو التنكر لها، اضافة الى تعدد الرؤى حول جدوى السير به، أو إقراره بصيغته الحالية، وما هو الهامش المتاح أمام ممثلي الأمة لتغييره أو تعديل بعض فقراته.
يبدو أن الاضراب المفتوح في القطاع العام بات قاب قوسين من الحل، وإن كان موقتا، في انتظار اقرار الموازنة ليبنى على الشيء مقتضاه. إذ يعقد اليوم اجتماع في السرايا الحكومية برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وبحضور وزير المال يوسف الخليل، يجري خلاله البحث في مجموعة من الاقتراحات المتصلة بإنهاء إضراب موظفي القطاع العام، فيما علمت "النهار" أنه تم التوافق على اعطاء الموظفين راتب شهر اضافي لكل موظف و150 ألف ليرة بدل النقل، على أن يكون الحضور يومين على الاقل في الاسبوع. لكن هذه التسريبات لم ترضِ بعض موظفي القطاع العام، بدليل أن مصادرهم اكدت أن "كل تصور للمعالجة يدور خارج فلك مطالب رابطة موظفي الادارة العامة باحتساب الراتب على أساس سعر 8 آلاف ليرة، لا يعوّل عليه". وسبق للرابطة ان اتهمت وزير العمل مصطفى بيرم الذي كان وسيطا بين الطرفين بأنه رضي بسلة حلول تجحفهم بما أثار غضب الوزير فتنحّى عن الوساطة.
ومنذ تنحّيه عن دوره كوسيط بين الموظفين والحكومة، يتحفظ الوزير بيرم عن قرار الإضراب المفتوح في هذا التوقيت تحديدا "لما له من تداعيات على الحركة الاقتصادية في البلاد، فلا يحق للموظف ضرب مصالح الناس فيما البلاد ذاهبة الى إهتراء كبير جدا".
في قسم "المجتمع"، كتبت روزيت فاضل: منح مالية تصل إلى 80% لطلابESA Business School... كاتري لـ"النهار": لإعطاء فرص التعلم بجودة عالية
في سابقة مهمة جداً: #المعهد العالي للأعمال ESA BUSINESS SCHOOL يرصد #منحاً جامعية تغطي 80 في المئة من الرسوم الدراسية لتحصيل شهادات الباشلور، الماستر والدكتوراه في تخصصاتها المتتنوعة، مع معلومة مهمة أيضا هي أن 40 في المئة من الرسوم الدراسية تسدد بالعملة المحلية في السنة الأكاديمية المقبلة 2022-2023.
وأوضح المدير العام للتطوير في المعهد غريغوار كاتري في حديث الى "النهار" أن "عدد طلبات المنح وصل الى 100 ملف حتى الآن"، مشيراً الى أنه "سيصار الى دراسة كل منها من لجنة متخصصة ليبنى على الشيء مقتضاه..."
وعدّد كاتري أنواع المنح وبرامج المساعدات المالية المحددة، لافتاً الى "أن منح التضامن تتوجه الى الطلاب الأكثر حاجة للدعم من أجل توفير فرصة الدراسة في معهدنا وتحريرهم من القيود الاجتماعية الضاغطة لتحصيل شهاداتنا المتمايزة بجودة عالية، مع الاشارة الى أن الطالب ينال شهادة من المعهد وشهادة أخرى من المعاهد العليا الرائدة في أوروبا والتي لها مكانتها في التعليم العالي العالمي ومنها على سبيل المثال لا الحصر المعاهد العريقة (ESSEC)
HEC-PARIS و (ESCP Europe) وسواها، والهدف منها إعداد نخب لبنانية وخلق قيمة مضافة لهم في مسيرتهم المهنية تلبية لسوق العمل ..."
كان لجمهور #بيت الدين لقاءان مع #غي مانوكيان وفرقته الموسيقية في ختام برنامج مجاني أرادته لجنة المهرجانات فرصة حميمة ترشد الى دروب الفرح وقدسية الموسيقى، الغناء والرقص كمقاومة فعلية في وجه التخلف والتهديد الوجودي للبنان وتنوعه الثقافي...
اوحى الحفل، الذي حملنا فيه مانوكيان الى أغنيات رائعة للرحابنة، لزكي ناصيف، لماجدة الرومي، لوردة الجزائرية ولداليدا، وموسيقى مميزة لجذور مانوكيان الارمنية، الى حلاوة الحياة.
هذا الحفل، الذي غصّ بمحبي مانوكيان وموسيقاه الآتية مع مجموعة كورال رافقت الناس بتلك الأغاني من الزمن الجميل، رقصوا على حكايات موسيقية وغنّوا للسيدة فيروز صارخين بأصوات فِرحة "كان عنَا طاحون عَنبع المي/ قدامو ساحات مزروعة فَيْ/وجدّي كان يطحن للحي/ قمح وسهريات".
العودة إلى كارلوفي فاري بعد ثلاث سنوات غياباً يرافقها إحساس بالنوستالجيا إلى زمن قريب جداً، زمن جعله الوباء يبدو بعيداً في الذاكرة الخصبة. كنت لاحظتُ أخيراً ان الكثير من الناس شاخوا عشرات السنوات خلال عامين كوفيديين. علامات الشيب والتجاعيد وملامح التعب كست وجوههم ورؤوسهم، خلافاً للكثير من العمارات التاريخية في مدينة الينابيع التي ضخت فيها أعمال الترميم روحاً جديدة تجعلها مستعدة لمواجهة السنوات المئة المقبلة من دون ان تهتم كثيراً بمصير البشرية.
أكتب هذه السطور بعد اسبوع على اختتام الدورة السادسة والخمسين من مهرجان كارلوفي فاري (1 - 9 الجاري)، وأنا لا أزال تحت الانطباع الإيجابي الذي تركته فيّ حشود كانت ملأت الشوارع والأرصفة والميادين خلال ليلة الافتتاح في محيط فندق ترمال الذي هو أيضاً مقر المهرجان خلال تسعة أيام. هذه الحشود المزهوة المنتفضة، ذواقة فنّ وجمال، أخذت بالتزايد بشكل ملحوظ في السنوات الماضية، بعدما استلم دفّة المهرجان فريق أدخل بعض التعديلات على هذا الحدث، ممّا جعل عموم الشعب يشعرون بأنهم معنيون به، وليس مجرد "منفعة ثقافية" تُعقد في عالم موازٍ لعالمهم. والحق ان كارلوفي فاري لطالما أبدى اهتماماً بالجمهور المحلي وحمله على الراحات، فاستراتيجيته الثقافية بعيدة من الادعاءات التي غرقت فيها الكثير من التظاهرات ال#سينمائية التي تتباهى بعروض عالمية ودولية أولى وبضيوف من أصحاب البرستيج، كلّ ما يفعلونه هو عبور السجادة الحمراء بلا أي تفاعل مع المشاهدين.