في تقرير لـ"وكالة الأنباء المركزية" إن "التخبيص ثم التخبيص"، يطبع المقاربة الرسمية لملفّ النزوح السوري. فبعد الجدل الوزاري الذي انفجر في الاجتماع التشاوري الذي دعا إليه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في السرايا الأربعاء، "ضاعت الطاسة"، ولم يفهم اللبنانيون مَن على حق، ولا "الحق على مين". وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار قال إنه مكلف من مجلس الوزراء بالقضيّة، أما وزير المهجرين عصام شرف الدين، فأعلن أنه زار سوريا بتكليف ومباركة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ووسط هذا الضياع، تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، أتت مواقف رئيس الجمهورية أول من أمس لتفاقم الضوضاء والتخبّط. لماذا؟ لأنه رفع الصوت ضدّ مساعٍ دولية لدمج النازحين، وذلك غداة تأكيد شرف الدين من دمشق استعدادها للتعاون ولاستقبال أكثر من ١٥ ألف نازح يومياً.
وقد اعتبر رئيس الجمهورية انّ "سعي بعض الدول لدمج النازحين السوريين الموجودين في لبنان بالمجتمع اللبناني، جريمة لن يقبل لبنان بها مهما كلّف الأمر، فضلاً عن أنّ القوانين المحلية والإقليمية والدولية ترفض إبعاد شعب عن أرضه لأيّ سبب كان". وأبلغ الرئيس عون وزير التنمية الدولية في كندا هارجيت ساجان خلال استقباله في قصر بعبدا، أن "لبنان في طور إعداد دراسة قانونية سيرفعها الى الأمم المتحدة حول مسألة النزوح السوري، ونأمل من الدول الصديقة دعمنا ولا سيما أن الأوضاع الحالية في سوريا تساعد على تحقيق عودة النازحين الى بلادهم، خصوصاً أن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والصحّية والأمنية المترتبة على وجود نحو مليون و500 ألف نازح سوري على أراضيه". وشدد الرئيس عون أمام الوزير الكندي على أن "لا صحّة لما تتذرّع به دول ومنظمات دولية بأن السوريين العائدين سوف يتعرّضون للاضطهاد والسجن وغير ذلك من العقوبات، لأن نحو 500 ألف سوري عادوا من لبنان الى سوريا ضمن مجموعات نظّم عودتها على دفعات خلال السنوات الماضية الأمن العام اللبناني، لم يبلغوا عن أيّ مضايقات تعرّضوا لها بعد عودتهم، فضلاً عن أن المسؤولين السوريين يعلنون رسمياً أنهم يريدون عودة أبناء بلدهم الراغبين في العودة". وقال الرئيس عون: "حيال هذه الوقائع، بتنا نشك في المواقف التي تتخذها بعض الدول والمنظمات، فإن كان الهدف توطين النازحين السوريين في لبنان، فإننا نرفض ذلك رفضاً قاطعاً كما رفضنا سابقاً توطين الفلسطينيين على أرضنا". وأكد أن "لبنان طالب مراراً المنظمات الدولية بتقديم المساعدات المخصّصة للنازحين السوريين في الأراضي السورية لا في لبنان، لأن هذه الخطوة تشجّع النازحين على العودة، إلا أن طلبات لبنان في هذا الصدد لم تلق تجاوباً، وهو أمر يثير قلقنا لما يمكن أن يحاك في الخفاء ضد لبنان واللبنانيين".
فلماذا كل هذا القلق إن كان التوافق اللبناني – السوري على إعادتهم الى بلادهم، كما قال شرف الدين، موجوداً فعلاً؟! تسأل المصادر، وتضيف "حديث عون عن وثيقة ستُرسل الى الأمم المتحدة، يزيد أداة رسمية جديدة الى أدوات لبنان الرسمي للتعاطي مع أزمة النزوح، علماً بأنها كلها لم تؤدِّ حتى الساعة، الى إعادة نازح واحد الى سوريا، فيما خريطة طريق العودة بالغة السهولة إن كانت النيّات صافية والمواقف حقيقية، وتكمن في استدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي وإبلاغه خطة وآلية تنفيذ عودة مواطنيه الى بلادهم ليبلغها بدوره الى سلطاته المختصة والشروح في التنفيذ... لكنّ الخوف كبير من أن تحرق كثرة المكوّنات، "طبخة بحص العودة"، تختم المصادر.