ميشال حلاق
تراجع الحديث على نحو لافت في مختلف المناطق الشاطئية اللبنانية، الشمالية منها بشكل أساسي، عن مراكب الموت، والهجرة غير الشرعيّة نحو أوروبا، خاصّة ايطاليا، وعن مسلسل الضحايا والمنكوبين جراء هذا النشاط الذي تمادى خلال السنوات الـ6 الماضية.
كثيرون ذهبوا ضحيّة سماسرة وتجار جنوا أموالاً طائلة من مئات العائلات اللبنانية والسورية والفلسطينية، الذين ضاقت بهم سبل الحياة، فلجأوا مرغمين إلى ركوب البحر بحثاً عن ملاذات آمنة، وحياة كريمة، علماً بأن القسم الأكبر من اللبنانيين ألمّ بهم اليأس في بلد أحبّوه وافتدوه بأرواحهم، إلا أنّ سياسييه "باعوا الجمل بما حمل"، وعاثوا في الأرض فساداً.
صحيح أن الحديث تراجع عن مراكب الموت، لكن هل تراجع السماسرة عن أفعالهم؟
تقول مصادر متابعة لهذا الموضوع إن الجهد الأمنيّ الاستباقيّ، الذي حصل عقب تفاقم هذه الهجرات، قلّص إلى حدّ كبير من رحلات الموت، كما أن الاحوال المناخية غير المواتية للإبحار، طوال فصل الشتاء شكّلت عاملاً معطّلاً لحركة المراكب والهجرة، لا سيما أن المراكب التي تُعدّ لنقلهم لا تتوافر فيها شروط الأمان والسلامة العامة كي تبلغ بهم شواطئ الأحلام والآمال المرجوّة.
وتشير بعض المعلومات المستقاة من مصادر عدّة إلى أن عدداً كبيراً من السوريين، تحديداً، الذين عبروا أخيراً إلى الداخل اللبنانيّ من معابر بريّة شرعية وغير شرعيّة، بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا، لا يزالون على دأبهم لمغادرة لبنان، ويتحيّنون الفرصة لذلك.
وتلفت المصادر إلى أن الجهات الأمنية المعنيّة بالمتابعة تقوم برصد كلّ الأماكن التي شكّلت في أغلب الأحيان نقطة انطلاق الهجرات السابقة، وهي تحت أعين المراقبة التي تمدّدت أيضاً إلى القرى والبلدات الشمالية من العريضة حتى الشيخ زناد وببنين- العبدة ومخيم نهر البارد والمنية والبداوي والميناء في طرابلس وصولاً إلى القلمون والهري وشكا والبترون وحتى بلاد جبيل.
وأضافت المصادر أن مشاغل صناعة المراكب وصيانتها تخضع للمراقبة أيضاً، وكذلك يجري رصد حركة السماسرة الذين تحوم حولهم الشبهات، وهم معروفون بالأسماء، وتتمّ مراقبة حركة اتصالاتهم، تحوّطاً لإمكانية عودة نشاطات الهجرة البحرية غير الشرعيّة فور توفّر ظروف مثاليّة للملاحة البحرية.
فهل ستنجح هذه التدابير الاستباقية في تقليص إمكانيّات انطلاق مراكب جديدة؟
بالتأكيد، تشير المصادر إلى أن إمكانيات لجم هذه الحركة متوافرة، لكن إمكانية استفادة السماسرة من بعض الثغرات قائمة، وهذا ما يجبّ التنبه له.
يُشار إلى أنّ بحريّة الجيش اللبناني أحبطت مطلع الأسبوع عملية تهريب قبالة شاطئ العبدة، وتمّ ضبط المركب وتوقيف أصحابه وكلّ من كان على متنه؛ والتحقيقات مستمرة.