بعد صمت استمر نحو شهر، إستانفت القاضية غادة عون تحركاتها ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فعمدت أمس الى مداهمة مصرف لبنان بحثا عن الحاكم. فبعد ان داهمت عناصر أمن الدولة صباحا منزل الحاكم في الرابية اثر معلومات عن وجوده فيه، من دون ان تجده، انتقلت القوة الى مصرف لبنان لتنفيذ مداهمة بحثا عنه، غير ان القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش وفق ما ذكرت "المركزية" رفض اعطاء الإشارة لدخول عناصر امن الدولة الى مصرف لبنان. وبعد وصول القاضية عون الى المكان، دخلت الى المصرف وبحثت عن سلامة ولم تجده، وخرجت معلنة: أتت إشارة من القاضي رجا حاموش لإخلاء المكان... "قيل لنا بأن حاكم مصرف لبنان ليس هنا، ومدعي عام التمييز لم يعطِ جواباً ولم يرد علينا، كما أن القاضي حاموش كان قد سمح بالدخول لكن من دون تصادم".
وسألت مصادر متابعة لماذا لم يتوجه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات شخصيا مع الشرطة القضائية التابعة له بصفته الرئيس التسلسلي الهرمي المباشر للقاضية غادة عون، لإيقاف هذه المهزلة.
وإذ اعتبرت أن ما قامت به القاضية عون خطير جدا، إذ أن قوى امن الدولة التي كانت برفقتها كان يمكن ان تتواجه بالأسلحة مع قوى الأمن الداخلي المتواجدة في المصرف المركزي، ذكرت بحادثة سابقة عندما قام الوزير السابق شربل نحاس بمداهمة الطابق الخامس لوزارة الإتصالات في مبنى العدلية تواكبه قوى أمن الدولة لفك الشبكة الخليوية الثالثة، حينها تواجهت بالأسلحة قوى أمن الدولة مع قوى شعبة المعلومات. وكاد أن يقع ضحايا بين الطرفين، على نحو أدى الأمر إلى إستقالة وزير الداخلية في حينه زياد بارود.
واعتبرت المصادر ان "مصرف لبنان هو مؤسسة مستقلة لها شخصيتها المعنوية. وهي الحاكمية المستقلة الوحيدة في لبنان، وفيها لجنة التحقيق الخاصة القضائية دائمة الإنعقاد يرأس الأمانة العامة فيها عبد الحفيظ منصور (الذي التقى أول من أمس في السراي الكبير رئيس الحكومة في إطار إجتماعات مجموعة "غافي" الدولية)، ويتواجد في عضويتها بشكل دائم ممثلا القضاء العدلي المدعي العام المالي بصفته رأس هرم القضاء الجنائي المالي في لبنان... فكيف تدخل المدعي العام لجبل لبنان بهذه الطريقة وما هو الموجب القانوني؟.
أما من الناحية الاقتصادية، فرأت المصادر أن هذا "التعدي من النيابة العامة في جبل لبنان على حرمة المركز الرئيسي للمصرف المركزي له إرتدادات سلبية كبيرة ستزيد من تهشيم صورة المركز المصرفي للبنان وإضعافه، وإضعاف العملة المحلية والإضرار بالإقتصاد وصدقية المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية، خصوصا في هذا الوقت تحديدا حيث المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في أشد أوقاتها قسوة وحدة.
وسألت "كيف تتلائم إجراءات القاضية عون مع أعمال شركة التحقيق الجنائي؟، أليس من المحتمل أن يشكل "اعتداؤها" اليوم، وبهذه الطريقة، ضربا لأعمال التحقيق الجنائي وإجهاضها؟.
اضراب موظفي "المركزي" وتوقف صيرفة
على الاثر، اتخذ مجلس نقابة موظفي مصرف لبنان بالاجماع، قراراً "باعلان الاضراب والإقفال التام لمدة 3 ايام بدءا من اليوم، إتاحة للعقلاء للتدخل حمايةً للمؤسسة. واعلن في بيان "إذ نعود ونذكر باننا تحت سقف القانون، نناشد كافة المعنيين سيمّا وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز التدخل لوضع حد لهذه التصرفات غير اللائقة من قبل القاضية غادة عون، والتي تخرج عن كل الاصول القانونية في سابقة لا مثيل لها، حتى لا نضطر آسفين لإعلان الإضراب المفتوح".
ما قامت به القاضية عون وما تبعه من قرار لموظفي مصرف لبنان سيكون له تداعياته السلبية على سوق القطع، إذ ستتوقف منصة صيرفة عن العمل وما سينتج عنه من قطع مصل الدولارات الفريش عن السوق التي يضخها مصرف لبنان للسيطرة على سعر الصرف خصوصا وان االقفال سيمتد عمليا لفترة 5 أيام اذا ما احتسبنا عطلة نهاية الاسبوع وهذا ما سيشكل ضغط كبير على السوق الموازية بما قد يؤدي الى ارتفاع مؤذ لسعر الدولار.
ميقاتي يأسف!
وقد أبدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أسفه للطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، مما يعرّض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه. وقال "إن مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الاجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. قلت وأكرر لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن احد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيدا عن الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان المالية دوليا. والمطلوب ان تتم معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك".