أكّد مجلس نقابة المحامين في بيروت أنّ "النقابة التي عمرها من عمر لبنان الكبير، كانت وستظل نقابة الحريات العامة وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، التي صانتها المواثيق الدولية والدستور اللبناني"، مُعلناً "تمسّكه التام بالحفاظ على حرية تعبير جميع اللبنانيين والدفاع عنها، فكيف بالأحرى فيما يخص المحامين المنتسبين إلى النقابة!".
وشدّد نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار على أنّ "حرية تعبير المحامين ليست بدون حدود والاجتهاد اللبناني والفرنسي والأوروبي ثابت في هذا المجال. وتحد هذه الحرية بشكل خاص موجبات الاحترام والتآخي التي أقسم المحامون على احترامها".
وأضاف: "اتخذ المجلس مؤخراً قراراً هدفه الحد من الخروقات المتكررة لهذه الموجبات، وقد طعن به بعض الزملاء أمام محكمة الاستئناف الناظرة بالشؤون النقابية. ونعلن مجدداً أننا تحت سقف القانون ونلتزم بحكم المحكمة، ولن نناقش هذا القرار طالما لم تبت المحكمة بالطعن لعدم التأثير على مجرى القضية، إلا أننا نؤكد فقط أنه لا يتعلق إطلاقاً بأي إطلالة إعلامية للمحامي تتعلق بقضايا سياسية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية. كما أن الأمر لا يتعلّق بمن يود من الزملاء إلقاء محاضرة في أي مكان وفي أي موضوع قانوني أو غير قانوني".
وتابع: "أما أن تتلطى بعض الجهات وراء هذه الحرية للتنمر أو التحقير، أو للدعاية غير المباحة أو لشتم نقيب محامين سابق ونائب حالي، أو للتحريض على مجلس النقابة نقيباً وأعضاء ومحاولة تأليب الرأي العام ضدهم عبر القدح والذم والتشهير واجتزاء أقوالهم والكذب المفرط وتحوير الحقيقة والافتراء المتمادي، واستدراج قادة الرأي والفعاليات للضغط على النقابة، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه تحت أية حجة كانت. ويعود القرار للمجلس لاتخاذ التدابير المسلكية المناسبة في معرض أية مخالفة للقانون أو الانظمة وهو لن يرضخ لأية ضغوط كانت سياسية أو إعلامية".
وأكّد أنّ "نقابة المحامين في بيروت هي أم الحريات وأصلها وفصلها، كانت وما تزال رأس الحربة في قضية تفجير مرفأ بيروت، وقضية المودعين، واستقلالية القضاء، ومحاربة الفساد".
وأضاف: "إن الحملة البائسة بما تضمنته من افتراءات وتضليل للرأي العام وتزوير للحقيقة وقدح وذم وتشهير وتجريح بكرامة نقابة المحامين في بيروت، نقيباً وأعضاء، أثبتت أنها بعيدة كل البعد عن احترام القانون واحترام الحريات:
باستدراج السلطات السياسية للتدخل في قرارات مجلس النقابة،
عندما تناولت اعلامياً ملفاً عالقاً أمام القضاء، لا يزال في طور المحاكمة وذلك بهدف الضغط والتأثير المعنوي،
بالايحاء للرأي العام أن الموضوع هو كم للافواه وتقييد للحريات فيما هو مجرد تعديل في نظام آداب المهنة هدفه الحدّ من الدعاية التي يمارسها بعض المحامين عبر الاعلام لاكتساب الموكلين بطريقة غير مشروعة،
واكثر من ذلك لان النقابة تدرك جيداً ان للحريات قواعد واصول يؤدي سوء استعمالها واستغلالها الى الفوضى التي يعيشها لبناننا اليوم، لم تفرض نقابة المحامين يوماً قيوداً على الحريات، انما بقيت منبراً مفتوحاً لكل محامٍ يريد محاورة الاعلام في القضايا الوطنية أو السياسية، والدستورية والقضايا العامة والإجتماعية، وكذلك قضايا ومكافحة الفساد، واستقلالية القضاء".
وتابع: "نعم نحن نقابة تحترم القانون وتقدس الحريات، وما رأيناه مؤخراً من بعض الزملاء يشكل تجاوزاً للقانون تحت مسمى "معركة حريات" اذ لا يمكن القبول بتناول ملفات قضائية ما تزال قيد النظر أمام المحاكم بما يشكل ضغوطاً معينة على القضاء وينال من استقلاليته".
وكرّر المجلس أن "الإطلالات الإعلامية المتعلّقة بالقضايا السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية غير مشمولة أصلاً بالتدبير الجديد. فالتعديل يتعلّق بالمسائل القانونية فقط ويرمي إلى تفادي التجاوزات التالية:
أ- إطلالات دورية لعدد من المحامين، البعض منها مدفوع، مما يشكّل دعاية مباشرة أو غير مباشرة لجلب الزبائن يحظرّها قانون تنظيم مهنة المحاماة، علماً أن هذه الممارسات تضرب عرض الحائط بمبدأ المساواة بين المحامين.
ب- قيام بعض المحامين بإعطاء إستشارات خاطئة عبر وسائل الإعلام مما يلحق ضرراً بالمواطنين ويسيء إلى المهنة.
ج- الحديث علناً في ملفات مطروحة أمام القضاء وشتم الجسم القضائي مما يشكّل مخالفة لقسَم المحامي ولمبدأ المساواة بين المحامين، علماً أن هذه الممارسات قد تؤثّر على الرأي العام وعلى القاضي الناظر في الملف فيما وكيل الفريق الآخر محروم من الظهور دفاعاً عن موكلّه.
لذلك كله، نقول لكل من تناول موضوع "تعديل نظام آداب المهنة" والتعرض للنقابة، ولكل الجهات غير الحقوقية، والسياسية، والجهات التي تحاول استثمار هذا الموضوع في الانتخابات القادمة للنقابة، نقول لهم إن نقابة المحامين لم تتدخل يوماً في شؤونكم فارفعوا ايديكم عنها ودعوها تعالج امورها الداخلية مع المحامين المنتسبين اليها بالطرق القانونية ووفقاً للاصول، وهي الأدرى والأولى بذلك".
وأردف: "يا ليتكم بدل التدخل في شؤون النقابة، توحدون الجهود في القضايا الوطنية والمصيرية، كالفراغ الرئاسي والإنتخابات البلدية، وأدوية الأمراض المزمنة، ومخاطر النزوح، وخطة التعافي وقانون إعادة هيكلة المصارف، ومحاسبة من بدد وسرق أموال الشعب اللبناني، وملاحقة المتسببين بجريمة المرفأ".
في قضية المصارف والمرفأ
أشار المجلس إلى أنّ "من أكثر ما كتب وقيل إجحافا بحقه هو أننا نتخذ قراراتنا لحماية السلطة في ملف المرفأ ولحماية المصارف في ملف المودعين. والصحيح أن مجلس النقابة هو أول المبادرين في هذين الملفين الحيويين. فمكتب الادعاء في قضية المرفأ الذي يرأسه النقيب قد أحرز ويحرز فرقاً ملحوظاً في متابعة هذا الملف محققاً نقاطاً ايجابية في الداخل والخارج، هذا فضلاً عن المواقف المتقدمة والعالية السقف في مواجهة محاولات طمس الحقيقة".
وأضاف: "أما في قضية المودعين، فقد بادرنا مع لجنة الدفاع عن حقوق المودعين إلى صياغة مشروعي قانونين الأول يتعلق بالكابيتال كونترول والثاني بإعادة هيكلة المصارف. كما وأننا أعددنا عقداً نموذجياً للمصارف. وبعكس ما يدعي البعض، فقد تقدمنا بدعوى قضائية ضد مصارف بسبب التوقف عن الدفع. كما تقدمنا بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة".
وختم: "إن المزايدات والإفتراء في هذه المواضيع وغيرها لم تعد تطاق. لقد هجر حكام لبنان نصف شعبه، وتعمل بعض المجموعات ووسائل إعلام ممولة داخلياً وخارجياً على تهجير النصف الأخر".