النهار

اشتقن إلى شهدائهنّ... أمّهات شهداء المرفأ في عيدهنّ: حزن وغصّة... ووردتان
المصدر: "النهار"
اشتقن إلى شهدائهنّ... أمّهات شهداء المرفأ في عيدهنّ: حزن وغصّة... ووردتان
والدة الشهيد جو نون.
A+   A-
ليس بعد 3 سنوات إنّما بعد 30 سنة، سيبقى نزيف دموع قلوبهنّ وعيونهنّ. أمّهات شهداء المرفأ، أمّهاتنا من دون مزايدة، هنّ الروح الكليّة الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والألم في آن، وبالمحبة أيضاً. نعم، بالمحبة، لأنهنّ قدّمن أغلى ما لديهنّ على مذبح الوطن. هل كان يمكن تفادي ما حصل؟ ممكن، لو لم تتحوّل مؤسسات دولتنا إلى أوكار يحوك فيها ثعالب الحكم مصيرنا الأسود.
 
كنّا اعتقدنا أنّ الشهداء لا يرحلون إلّا في الحرب، فأخطأنا. بكينا ودفنّا موتانا في 2005، واعتقدنا أنّها صفحة عابرة سوداء لغد أبيض مشرق، لكنّ مسيرة الدم لم تتوقّف، عادت بأبشع تفجير شهده العالم، فسالت الدماء، وعلت تأوّهات الناس في الشوارع، وصرخات وبكاء مرّ وعويل ونحيب ملأ "الرامة". أطفال رحلوا في الشوارع وأبطال واجهوا الموت بالموت.
 
 
بكلّ صراحة، ليتهم كانوا جبناء، لما رحلوا ربّما. ليتهم هربوا وتهرّبوا واخترعوا الحجج، ربما لما سقطوا شهداء. كانوا بقوا. أقلّه كان رالف ملاحي سيدخل حاملاً وردة لوردة قلبه، ويغمرها ويقبّلها ويقول "الله يخليلي ياكي يا إمّي"، كذلك جو نون وجو بوصعب وسحر فارس، وكل الشهداء، لكن لا، هم حرموا من قبلات أمّهاتهم، وهنّ حُرمن من شغف أبنائهنّ. واستمرّ نزيف الوطن، ذاك الـ"لبنان" الذي لا يشبع دماءً وشهداء.
 
اليوم، في أعظم ذكرى بالتاريخ، كلمات ليست كالكلمات. إنّما بكاء على شكل كلمات، يطرق القلب، ويدفع بنا إلى رفع التعزية، وبكِبر نطلب من الله أن يمدّكم بأقوى الإيمان والرجاء لنعبر معاً إلى الحياة الأبدية. هناك لا أوكار ولا ثعالب، هناك بيت أولادكنّ، هناك العدل والمحبة وبخور مريم يملأ فناء السماء.
اليوم أنتم المناسبة كلّها، وفيها الكثير الكثير ليُقال عن جرح لم يندمل. والدة الشهيد جو نون تقول بأسى "بالنسبة إليّ لم يعد هناك عيد بكلّ معنى الكلمة، لكنّي، لا شكّ، سعيدة بوجود نانسي وويليام في حياتي. لكن في داخلي، بتّ أكره هذا العيد لأنّ هناك مثلاً يقول "اولادك هنّي قلبك" وأنا خسرت قطعة من قلبي، وفي داخلي حزن وغصة".
 
لا تنسى من تبقّى لها، نانسي ووليم، وتتمنّى في هذا العيد أن يحميهما الله ويمنحهما الإيمان والأمان في مسيرتهما.
أمّا عن قضية المرفأ، فتقول: "صرخنا كثيراً ولم يسمعنا أحد من المسؤولين السياسيين".
 
 
بدورها، تتساءل والدة الشهيد رالف ملاحي، رولا: "كيف أستطيع أن أحتفل بهذا العيد وأنا لدي ولد غير موجود و"إخواتو مضيعينو". وتتذكّر أنّه في كلّ عام كانت تصلها ثلاث ورود، فيما بعد رحيل رالف وباتت تصلها وردتان. وتقول: "شعور بشع حينما يمرّ هذا العيد والأم قد خسرت ابناً من أبنائها".
انطلاقاً من إيمانها المسيحي، لا تتمنى رولا الأذى لأحد، لكن أحياناً تتمنّى لو يصيبهم ما أصابنا علّهم يشعرون قليلاً بما نشعر، معربة عن أسفها لأن تمرّ 3 سنوات على الانفجار والحقيقة لم تنجلِ بعد".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium