بما يشبه سكب المياه الباردة على الرؤوس الحامية، جاء النفي الفرنسي المفاجئ لدعم باريس ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ليثير مزيداً من التخبط واللغط اللذين يطغيان على المشهد الداخلي واللذين كانت "النهار" أشارت إليهما أمس كعلامة فارقة تواكب تصاعد "صراع الرهانات" في لبنان عقب الهجوم الارتدادي الذي تتولاه الجهات الداعمة لترشيح فرنجية منذ زيارته الأخيرة لبكركي وإعلانه منها بيانه الترشيحي.
منذ الصباح النقابي لم تبدُ الأجواء في مبنى المحامين في بيروت أنها تتجه إلى التصعيد في موضوع استدعاء المحامي نزار صاغية إلى مجلس النقابة خلال اجتماعه الدوري لاستيضاحه في الموضوع الذي استدعي من أجله إلى النقابة. وجلّ ما حصل أن مفوض قصر العدل في النقابة اتصل به طالباً منه الحضور إلى مجلس النقابة. وبالفعل حضر صاغية إلى مبنى المحامين في الوقت المحدد، بمواكبة عدد من المحامين المتعاضدين معه وفي مقدمهم المحامي واصف الحركة، قادماً من تجمع أمام المدخل الخارجي لقصر العدل حيث رفع عدد من المتجمعين رايات ضد قمع الحريات العامة ومنها لافتة عُلقت على السور الحديدي الخارجي لقصر العدل مكتوب عليها "لا عدالة دون حرية" وأخرى "قمع حرية المحامي يا للعار"، وانتظروه خارجاً لحين ارفضاض الاستماع إليه من مجلس النقابة برئاسة النقيب ناضر كسبار وحضور النقيب السابق للمحامين النائب ملحم خلف وجميع الأعضاء.
قد يظن البعض أن السعي لإجراء مصالحة في حدث يمسّ السلم الأهلي يعني تعطيل القانون، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن الهدف هو عدم استجرار الدماء بالدماء، الأمر الذي يتطلب التعقل والحكمة والاعتبار مما حصل لعدم الوقوع في الخطيئة مجدداً، وهذا ما حصل في المعالجة التي تولّاها الجيش عبر مديرية المخابرات لملف حادثة خلدة التي كادت تشعل فتنة مذهبية.
تأكد المؤكد، وبادرت وزارة المال برضى من الحكومة ومصرف لبنان إلى رفع الدولار الجمركي من 45 ألف ليرة إلى 60 ألف ليرة مع تسريبات عن إمكان ربطه بدولار منصة صيرفة، لحاجة الدولة إلى إيرادات تغطي بها حاجاتها وفواتير الرواتب والأجور وتشغيل مرافق الدولة.
أعلنت عائلة الفنان المغربي سعد لمجرّد، خروج ابنها اليوم الخميس من السجن بإطلاق سراح موقّت، في قضية اعتدائه جنسياً على الشابة الفرنسية لورا بريول.
وأوضحت الفنانة نزهة الركراكي في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنّ المحاميَين، تييري هرزوغ ومارك فيديدا، تقدّما بطلب للقضاء الفرنسي من أجل إخلاء سبيل لمجرّد منذ أيام قليلة.
كما كشف والد لمجرّد، الفنان البشير عبدو، أنّ ابنه سيكون في أحضانه قبل عيد الفطر، معرباً في حديث لموقع "هسبريس" المغربي عن سعادته البالغة وشكره الكبير للجمهور المغربي والعربي على رسائل الحبّ والدعم التي كان يتلقاها منه طيلة الفترة الماضية، بمواساة في أزمته وحزنه على نجله.
أن تطلب الإدارة الفرنسية من المرشح الرئاسي، سواء كان سليمان فرنجية أم غيره من الأسماء المتداولة، ضمانات للولاية الرئاسية المقبلة، لأمرٌ يستحق الوقوف عنده لأسباب عدة.
أولاً: أن تطلب دولة أجنبية، ولو صديقة، ضمانات من المرشح الرئاسي، كأنها تجري له امتحان كفاءة وصدق، لا يعزز منطق السيادة والاستقلال. وأن تبارك أطراف الداخل الخطوة، فذلك يناقض ما تعلنه على الدوام.
قد يكون أسوأ ما يواكب الموجة الصاعدة بقوة لافتة في وصفة تسويق ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية كـ"المرشح المتقدم" الأول للرئاسة أن تستعاد معه ظروف مخيفة صاحبت فرض مرشحين حصريين وإيصالهم قسراً إلى بعبدا أيام الوصاية السورية. لا فرنجية سيفيد من هذه المعادلة، إذ صح أن "انقلابًا" سعوديا طرأ او سيطرأ ويوصله إلى بعبدا، ولا ثمة أي ضمانات لمرور انتخاب صدامي مفترض كهذا من دون تداعيات قد تكون الأخطر من فرضه.
فيما المسار السياسي نحو إنجاز الاستحقاق الرئاسي يترنح بين من يجزم بأن الموضوع قد حُسم، والمرشح سليمان فرنجية بات على مسافة خطوات من دخول قصر بعبدا رئيساً منتخباً بتسوية إقليمية ورعاية دولية، وبين من يؤكد على النقيض الآخر، استحالة هذا الخيار، في ظل الرفض القاطع للوسط المسيحي وعدم استعداده لركب قطار التسوية عبرتأمين الأصوات المسيحية اللازمة لتوفير الغطاء الميثاقي لهكذا انتخاب، تبدو الصورة من الخارج قريبة جداً من مشهد التناقض المحلي.
غرقت الساحة اللبنانية بالبيانات والتنديدات منذ أيام "العمل الفدائي" في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، عندما كانت القوى السياسية تستنكر الممارسات المخلّة بالأمن والتعدّي على الناس، ليستمر هذا المسلسل إلى يومنا هذا بفعل ما مرّ على البلد من فصائل مسلّحة، أكانت فلسطينية أم أصولية، ومن "فتح لاند" إلى "حزب الله لاند" والآن "حماس لاند"، والسبحة تكرّ إلى "الجهاد الإسلامي"، ما يبقي الساحة اللبنانية منصّة لتبادل الرسائل الإقليمية والدولية، وأرضاً خصبة وهشّة قابلة لاستيعاب كل التنظيمات والحركات، ولا سيما في غياب الدولة القوية القادرة، فكيف الحال اليوم حيث هناك دويلات بالجملة والمفرّق؟
إذا كان الاتفاق السعودي الايراني الذي أعلن عنه برعاية الصين في 10 آذار المنصرم سيلفح لبنان بطريقة من الطرق كما يتوقع أن يلفح سائر الملفات الإشكالية بين الطرفين الإقليميين المؤثرين ، فلماذا بقيت وتبقى المقاربة الفرنسية لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان وفق معطيات ووقائع لا تأخذ بالاعتبار أو تستبق هذا الاتجاه؟