يحتلّ ملفّ التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم حيّزاً من الاهتمام الداخلي، ورجل المهمات الصعبة سيكون للمرة الاولى في انتظار مهمة لا يشارك فيها على خلاف ما دأب عليه منذ توليه مسؤوليته قبل 12 عاماً. فما الآلية التي ستُعتمد، وماذا عن كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أن البدائل موجودة؟
في الثاني من آذار المقبل تنتهي ولاية اللواء إبراهيم بعد سنوات أمضاها في مديرية الأمن العام، وحجز خلالها مكانة متقدّمة، نسج علاقات وطيدة مع مختلف الأفرقاء الداخليين وأسهم في تذليل الكثير من الصعاب سواء في ملفات حكومية أو في مهام خارج الحدود.
ولم تنجح هيئة مكتب مجلس النواب في تحديد موعد للجلسة التشريعية التي كان على جدول أعمالها إضافة الى مشاريع القوانين الضرورية، اقتراح قانون معجّل لتمديد ولاية المديرين العامين الذين تنتهي ولايتهم قبل 31 كانون الأول المقبل. وفي ظلّ التباين الكبير مع بعض الكتل وخصوصاً تكتل "لبنان القوي"، لم يُصر الى اتفاق على جدول الأعمال بما يضمن تأمين النصاب القانوني للجلسة، أي في حضور 65 نائباً.
ومع أن النصاب كان سيتأمّن، لكن التغيير المفاجئ في قرار كتل وازنة أطاح إمكان عقد الجلسة ما دفع المؤيّدين للتمديد الى البحث عن صيغة أخرى لتبصر النور قبل نهاية الشهر الحالي.
تلك الصيغة درسها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية مع اللجنة القانونية في المديرية العامّة للأمن العام، ومن ثم ستتابعها لجنة مؤلفة من 5 قضاة بينهم وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسّام المولوي. وتستند الصيغة الى قوانين تعليق المهل على اعتبار أن اللواء إبراهيم لم يعد عسكرياً منذ عام 2017 وأضحى في الاحتياط، وبما أن مهلة بقائه في الاحتياط أي 5 سنوات قد استنفدت، عندها المخرج في قانون تعليق المهل المعمول به بعد تفشّي جائحة كورونا، وعندها يصار لاستدعاء إبراهيم على اعتباره الضابط الأعلى رتبة بعد أن تكون مدّة الاحتياط بموجب قانون تعليق المهل قد امتدّت الى مطلع آب المقبل. تلك الصيغة سيمشي بها الرئيس ميقاتي ما لم تكن قابلة للطعن من أيّ صاحب صفة أو مصلحة.
أما إذا تعذر ذلك على الرغم من علم أكثر من مرجعية سياسية أن بقاء إبراهيم في منصبه ليس لأسباب داخلية وحسب بل لضرورات أمنية تتخطى الساحة المحلية، واللافت أنها المرة الأولى التي يحظى فيها مدير للأمن العام بتلك الهالة الداخلية والخارجية ما يدفع في اتّجاه السعي الجدّي لتمديد ولايته.
ويلفت أستاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية عصام إسماعيل الى أن استخدام قوانين تعليق المهل من أجل تمديد ولاية القائمين بمهام عامة هي ليست أول مرة يثار مسألة تطبيقها، فلقد كانت الجامعة اللبنانية السبّاقة في إعلان تطبيق قانون تعليق المهل على ولاية المراكز الأكاديمية.
ومن الأمثلة على الإفادة من تعليق المهل ما اتُّبع لتمديد ولاية رئيس مركز الدراسات القانونية في الجامعة اللبنانية وذلك عن كامل فترة تعليق المهل المحدّدة في القوانين ذات الصلة.
ويوضح إسماعيل أن "هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل عمدت الى اعتبار أن قوانين تعليق المهل تطبّق أيضاً على الانتداب، ورأت أنه يجب تمديد ولاية المدير العام للشؤون الاجتماعية القاضي عبد الله أحمد مديراً عاماً لوزارة الشؤون الاجتماعية وهو مستشار في مجلس شورى الدولة انتدب بموجب مرسوم ليتولى مركز مدير عام للشؤون الاجتماعية، حيث رأت الهيئة في استشارتها رقم 620/2022 في 24 تشرين الاول 2022 أن مدة الانتداب المحددة بست سنوات هي من المهل المشمولة بأحكام قوانين تعليق المهل وبالتالي فإن فترتي التعليق يجب أن تضاف إلى مدّة الست سنوات المحدّدة للانتداب.
ويخلص أستاذ القانون الدستوري الى أن "العمل على تطبيق قانون تعليق المهل على وضعية المدير العام للأمن العام ليس الحالة الأولى بل هناك تطبيقات سابقة لها، ومن الممكن أن لا تكون الأخيرة".