عاد إلى بيروت وزير التربية والتعلم العالي عباس الحلبي بعدما أنهى زيارة عمل مكثّفة إلى مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل والمفوضية الأوروبية تمحورت حول خطة التعافي التربوي وتوفير مقومات التعليم في المدارس الرسمية.
ورافق الوزير في زيارته مديرة مكتبه رمزه جابر، منسق عام المناهج التربوية جهاد صليبا، والمستشار للشؤون التكنولوجية ماهر الحسينية، وانضم إلى الوفد سفير لبنان في بلجيكا فادي الحاج علي وطاقم السفارة.
المحطة الأولى كانت مع مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية البلجيكية هوبير كورمان حيث تم عرض الوضع التربوي وتأثره بالوضع العام في البلاد وازمات الداخل والخارج وخطة الحل .
ثم اجتمع مع رئيس حكومة إقليم والونيا بروكسيل بيار جيهوليت في حضور وزيرة التربية في الإقليم كارولين ديزير، ووزيرة التعليم العالي فاليري غلاتينيي، وتم في خلاله عرض التعاون على المستوى الفرنكوفوني، والعلاقات التربوية على المستويات كافة في التعليم العام والتعليم العالي، كما تطرق المجتمعون إلى حاجة لبنان إلى مساعدات عينية ومنح دراسية ودعم تقني للوزارة ومؤسساتها.
وعبّر الجانب البلجيكي عن الاستعداد لدعم لبنان في المجالات المذكورة، وتم التوافق على متابعة الملفات بين الجانبين.
ثم اجتمع الحلبي والوفد المرالفق مع رئيس لجنة التنمية في البرلمان الأوروبي توماس توبيه، وهذه اللجنة مسؤولة عن العلاقات وقضايا التنمية في دول الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي وبينها لبنان، وتضع التوصيات المتعلقة بتمويل القطاع التربوي.وطلب الوفد اللبناني المساعدة والدعم لتنفيذ خطة الوزارة.
كما أكد الحلبي للمجتمعين التزام لبنان بتوفير حق الوصول إلى التعليم لجميع الأولاد الموجودين على الأراضي اللبنانية، وعرض الواقع التربوي ومسار الإصلاحات التي بدأها الوزير في الوزارة.
وأبدى الجانب الأوروبي الاستعداد لمتابعة الملف وتوفير الدعم اللازم.
ثم شارك الحلبي والوفد بجلسة للجنة المشرق في البرلمان الأوروبي برئاسة النائبة الإسبانية إيزابيل سانتوس، وألقى الوزير الحلبي كلمته في الإجتماع البرلماني ركز فيها على عرض الوضع اللبناني من جوانبه كافة والتزام الوزارة بمسار الإصلاح الذي بدأه الوزير، ويتابعه مع الإدارة ترسيخاً للشفافية والتطوير وتعزيز الحوكمة وزيادة الفعالية للنظام التربوي.
وأشار الوزير في كلمته إلى توفير التعليم للجميع من دون تمييز بين لبنانيين وغير لبنانيي من لاجئين ونازحين ومقيمين، مشدّداً على حاجة لبنان الملحة إلى الدعم الدولي والأوروبي بصورة خاصة.
إلى ذلك، لفت الحلبي إلى الحالة الطارئة التي تعانيها التربية في لبنان والحاجة إلى الدعم الملح للتعليم الرسمي، شارحاً معاناة المدرسة الرسمية والحلول المطروحة، ومشيراً إلى أنّ "الاحتلالات المتكررة للبنان وخرق سيادته، وانعكاس الأوضاع الإقليمية على أوضاعه الداخلية، أدّى إلى ضعف مؤسساته، فلم يبقَ أمامه إلّا التربية والتعليم ليتحدى بهما الزمن".
وأكد أنّ "إعداد الأجيال الشابة بصورة جيدة هي الجواب والأمل بالنهوض والتطور"، لافتاً إلى أنّنا "في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخنا لا يطلب لبنان الأسلحة بل يطلب إنقاذ التربية لأنها تشكل سلاحه".
وذكّر بأنّ "لبنان قد احترم دائماً الحقوق التي نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وقد أكدنا دائماً حق اللاجئين والنازحين الفلسطينيين والسوريين والأولاد من كل الجنسيات، بالوصول إلى التعليم. وإنّنا في ظل الأوضاع التي تعيق التعليم في لبنان، نكرر حق اللبنانيين أنفسهم أيضاً بالتعليم، خشية انهيار النظام التربوي اللبناني".
وأضاف: "لقد فرغت المدارس في لبنان من التلاميذ بسبب إضرابات المعلمين على مدى نحو سبعة أسابيع، مطالبين بتصحيح رواتبهم، وقد اقفلت العديد من المدارس أبوابها لعدم توافر مقومات التشغيل. لقد ألقت نتائج هذه الأوضاع بثقلها على المجتمع اللبناني من الفقر والجهل والاغتصاب، والتعدي على حقوق الأطفال، والزواج المبكر وانتشار السلاح غير الشرعي وغيرها الكثير مما يهدد بانفجار اجتماعي إذا لم يكن هناك تدخل لإنقاذ التربية . إنّ أي بلد لن يتمكن من مواجهة التحديات الاجتماعية الإقتصادية والأزمات من دون أن يضع في مقدمة اهتماماته حاجات التلامذة وتأمين الإصلاح لنظامه التربوي الذي يضمن تكافؤ الفرص في التعليم".
وتابع قائلاً: "لقد انطلقنا في مسار الجودة، وأطلقنا الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام بعد تأخر ناهز الخمسة وعشرين عاماً. وباشرنا وضع عشرة أوراق مساندة للمنهاج تحدد سياسات تربوية منطلقة من الإطار الوطني وتشمل اللغات والثقافات واحترام البيئة وتتآلف مع سرعة التطوير والتحول الرقمي، ومن المقرّر أن تصدر في خلال مهلة شهرين. كذلك تم اتباع نظام للإعتماد التربوي وتمهين مهنة التعليم، آخذين في الإعتبار الطفوفة المبكرة والمدارس الدامجة المؤهلة "، معتبراً أنّ "هذه الإصلاحات التربوية يمكن ان تزود المتعلمين بمهارات وكفايات تجعلهم قادرين على خوض تحديات القرن الحالي".
وتابع الوزير الحلبي:"إنّنا نؤكد أننا في وزارة التربية نطبق راهناً مبادئ الشفافية في كل ملفاتنا وفي التواصل مع المانحين . كما أنّ الوزارة تحترم مقتضيات قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وقد نشرت على موقعها الرسمي كل الأخبار وتطور تنفيذ المشاريع".
ثم اجتمع الوزير والوفد المرافق مع النائب في البرلمان الأوروبي غيورغي هولفيني وهو العضو المقرر للجنة التنمية البرلمانية في الإتحاد الأوروبي، وتمحور الحديث حول مشروع قرار في البرلمان الأوروبي يتعلق بتمويل الإتحاد الأوروبي قطاع التربية في دول الجوار ومن ضمنها لبنان، وهو كان زار لبنان وترأس بعثة الإتحاد الأوروبي لمراقبة الإنتخابات وبالتالي كان على معرفة تامة بالوضع اللبناني.
كما اجتمع مع المفوض الأوروبي لتوسيع السياسة الأوروبية للجوار أوليفيه فارهيلي، حيث تم عرض الواقع اللبناني، مطالباً الوزير بتوفير "العدالة في التمويل ما بين في دوام قبل الظهر ودوام بعد الظهر. وقد وافق المفوض على تحقيق العدالة في هذا المجال".
وأكد المفوّض للوزير الحلبي أنّ لبنان يعيش وضعاً اقتصادياً واجتماعياً متدهوراً وكرّر وقوف الإتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان، ودعم الإصلاحات التي بدأت في هذا المجال. ووعد بزيارة لبنان للتأكد من تنفيذ الوعود التي قطعها.
إلى ذلك، عقد الوزير والوفد اجتماع عمل مع أعضاء مجموعة الصداقة اللبنانية البلجيكية في البرلمان الفدرالي البلجيكي برئاسة ناديا اليوسفي، وهي نائبة في مجلس الشيوخ ورئيسة لجنة الصداقة البرلمانية بين لبنان وبلجيكا، وذلك في حضور وزير الدفاع البلجيكي والنائب مالك بن عاشور. وتم التطرق إلى الأوضاع السياسية السائدة وانعكاسها على الوضع التربوي.