الجمعة - 20 أيلول 2024
close menu

إعلان

أيّ رسائل لتقلّب سعر الصرف وأيّ احتياطات استُغلت لتثبيته قبل الانتخابات!

المصدر: "النهار"
صورة تعبيرية.
صورة تعبيرية.
A+ A-
تتداول مواقع التواصل الاجتماعي صورة عن مجلة "الأحرار المصورة" وهي مجلة أدبية انتقادية فكاهية روائية أصدرها الشهيد جبران تويني لمدة سنتين عام 1926 كملحق أسبوعي مستقل ليومية الأحرار، وتحمل على غلافها عناوين شبيهة بأحداث اليوم، أي الانتخابات وجدال حول ديكتاتورية المجلس، والبحث في إلغاء الطائفية السياسية، وسقوط سعر صرف الليرة، وقانون الإيجارات ومشكلة التجنيس ونقاش حول الحدود... والخلاصة أن شيئاً لم يتغيّر، بين الأمس واليوم.
 
على أبواب الاستحقاقات المرتقبة، بدءاً بانتخاب رئيس المجلس ونائبه، والاستحقاق الحكومي ومن ثم الرئاسي، هناك من أراد أن يحوّل مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية إلى صفيح ساخن ومنع استثمار الجانب الإيجابي لنتائج هذه الانتخابات. فبدأت فجأة تكرّ سبحة الانهيارات وتأخذ منحى تصاعدياً من القمح والخبز إلى الكهرباء والمياه إلى الحديث عن ودائع تبخّرت، وليس انتهاء بحالة الهستيريا لسعر صرف الدولار، ما يطرح عدة أسئلة، أولها، لماذا هذا التدهور المفاجئ في سعر صرف الدولار الذي انعكس سلباً وبطريقة سريعة على كل القطاعات؟ وهل ما يجري عمل منظّم قبل رفع الدعم بالكامل؟ وهل من يمتلك "المركزي البديل" أو "السوق السوداء" يشعل سعر الصرف في بازارات السياسة أو الاستحقاقات المرتقبة؟ وأيَ غد ينتظر اللبنانيين؟
 
النائب غسان حاصباني، يشير لـ"النهار" إلى أنّ التدهور الذي حصل بالأمس أكد وجود تفاهم على تثبيت سعر صرف الدولار لفترة ما قبل الانتخابات، خصوصاً أنه لم يطرأ أيُّ عامل اقتصادي أو مالي بعد الانتخابات سلبياً أو ايجابياً ليحرك العرض والطلب، وبالتالي، الواضح أنّ هناك من حاول إيهام الناس في فترة معيّنة أن الأزمة انتهت واستقر سعر صرف الدولار، كي تتفادى السلطة الممثلة في الحكومة اليوم اللوم نتيجة ما يمكن ان يحصل من تدهور.
 
ولفت إلى أنّ "ما حصل أنه تم استخدام للاحتياطات لتثبيت سعر الدولار في الفترة التي سبقت الانتخابات إلى ان تم الانتهاء من هذا الاستحقاق"، مشدداً على أن "هذا الاتفاق لا يمكن ان يكون قد حصل إلا بين السلطة ومصرف لبنان، وبمباركة بعض الجهات السياسية التي لها تأثير كبير في السوق السوداء".
 
وسأل حاصباني: "من أي احتياطات تم تثبيت سعر الصرف وعلى حساب من وماذا"؟.
 
ويذكّر بأنّ مدفوعات الادوية قبل الانتخابات كانت شبه متوقفة والمتأخرات بين المستوردين والشركات المصنّعة في الخارج وصلت الى حدود 400 مليون دولار. والفضيحة الأكبر أن هناك مواطنين حُرموا من أدويتهم، ما أدى إلى وفاتهم، وخصوصاً مرضى السرطان. وبالتالي، هناك مواطنون قتلوا جراء تصرف السلطة في فترة ما قبل الانتخابات وهذا يستوجب تحقيقاً مستقلاً للكشف عن عدد وفيات مرضى السرطان جراء عدم توافر الادوية"، محمّلا "السلطة السياسية القائمة مسؤولية قتل المواطنين لأنها لم تؤمّن الاعتمادات الكافية والدعم المالي والسياسة الدوائية والنقدية اللازمة لتأمين ابسط مقومات الحياة للناس".
 
من هنا، يرى حاصباني ترابطاً بين ما جرى في فترة ما قبل الانتخابات وما بدأ يجري الآن. ويشير إلى أن الحكومة في جلستها الأخيرة ما قبل تصريف الأعمال، أقرّت لنفسها مبلغ 35 مليون دولار بشكل دوري لمدة 4 أشهر من حقوق السحب الخاصة لتأمين الدواء بعد انقطاع طويل عن هذا الموضوع.
 
لذلك، السؤال الأهم الذي يُطرح، أي أموال استخدمت السلطة لتثبيت سعر صرف الدولار لفترة ما قبل الانتخابات؟ وعلى حساب من؟ وهل تم استخدام جزء من حقوق السحب الخاصة لتثبيت سعر الصرف علما ان الحكومة كانت قد وعدت انه لن يتم المسّ بهذه الحقوق قبل ان يكون هناك برنامج متكامل من صندوق النقد وخطة إصلاحية؟ لذا المطلوب اليوم بحسب حاصباني، تطمينات من الحكومة ومن البنك المركزي ان أموال حقوق السحب الخاصة بلبنان التي أعطيت من قبل صندوق النقد الدولي بسبب جائحة كورونا لا تزال موجودة. علماً أن تقديرات غير رسمية صادرة عن بعض الخبراء تقول إن كلفة تثبيت سعر الصرف طوال هذه الفترة كلّف نحو 600 مليون دولار.
 
ويرى حاصباني أنّ "عدم وجود مقاربة متكاملة للحل المالي يؤدي الى خلل أكبر في السياسات المتفرقة التي تطرحها الحكومة من دون تخطيط او أطر عامة لإدارة الملف النقدي والمالي".
 
وينبّه إلى أن "هناك شبه نفاد للأموال الموجودة لتثبيت سعر الصرف في الوقت الحاضر والتخوف من أن تطول فترة تصريف الأعمال، وعدم الوصول إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة العتيدة. إذ إن هناك بوادر عدم استقرار في الأفق، نتيجة شكل مجلس النواب الحالي وعدم وجود أكثرية متراصة بل مجموعات مختلفة تشكل الأكثرية الجديدة، المؤلفة من القوى السيادية والتغييرية، وهذا يؤشر أيضاً إلى أننا ذاهبون إمّا إلى فراغ حكومي، أو إلى تشكيل حكومة أكثرية من قبل فريق السلطة الحالية ولو لم يكونوا أكثرية، وهذا سيزعزع الثقة عند الناس ويساهم بعدم استقرار العملة. فأيّ حكومة سياسية من طرف السلطة الحالية سينذر بحالة تدهور أكبر".
 
من هنا، يدعو حاصباني القوى السيادية والتغييرية إلى أن ترص الصفوف وتشكل أكثرية وتتصرف بحسب هذه الأكثرية لتغيّر بالفعل إلا سينسحب ذلك عدم استقرار في المرحلة المقبلة.
 
من جهته، يقول الباحث في الشؤون الماليّة والاقتصاديّة البروفسور مارون خاطر لـ"النهار"، إن سوق القطع شهد منذ اليوم الأوَّل الذي تلا الانتخابات النيابيَّة تقلبات حادَّة، وارتفاع متسارع لسعر الصرف وهذا يُعَد سابقة خطيرة.
 
وبحسب خاطر، تتعدد الأسباب التي تؤدّي الى ارتفاع سعر الصَّرف، إذ يُعتبر هذا الارتفاع نتيجة مباشرة لشحّ الدولار الناتج عن استمرار الأزمة الاقتصاديَّة ولانسداد أفق الحلول.
 
اقتصاديًّا، يساهم استمرار ارتفاع التضخُّم العالمي الناتج عن الحرب الرّوسيَّة على اوكرانيا بزيادة الطلب على الدولار مما يجعل سعره يرتفع. وسط الإرباك الذي يحيط بمنصَّة صيرفة التي بدأ دورها يتقلَّص وينحصر بعدد محدَّد من السلع.
 
وفي سياق متَّصل، يشير خاطر الى أنّ السوق الموازية متفلّتة تماماً وتشهد احتدامًا في المضاربة بين التجّار والصرّافين من جهة وتلاعبًا مقصودًا بسعر الصرف تُتيحه الظروف الاقتصاديَّة والسياسية البالغة السوء من جهة ثانية.
 
وقد يكون أيضاً سبب الارتفاع سياسيًا ويحمِلُ رسائل متعلقة بالاستحقاقات المقبلة أو حتى بنتائج الانتخابات التي شكلت حدثًا مشرقًا بين زَمَنَين عصيبين. فالأيام المقبلة مليئة بالمحطات المفصلية دستوريًا وسياسيًا في بلد بات مكشوفًا على جميع الاحتمالات.
 
وسط هذا التخبط، يضيف خاطر، تبرز عدم قدرة المصرف المركزي على التدخل دفاعًا عن سعر الصَّرف بسبب انخفاض الاحتياطات من جهة وزيادة الطلب من جهة ثانية. إلا أن ما يثير الاستغراب، لا بل الريبة، هو دخول المصرف المركزي والمصارف على خط المضاربة عبر شرائهم للدولار على السوق الموازية مما يساهم بتأجيجها بدلا من تبريدها وضبطها.
 
ويشدد على أهمَّية ودقَّة المهمَّة الملقاة على عاتق المجلس النيابي الجديد لناحية تأمين إطلاق عجلة المؤسسات وتمرير الاستحقاقات من أجل تلافي وصول سعر الدولار الى سقوف تنذر بكارثة اجتماعيَّة بدأ لبنان يعيش بوادرها بشكل رسميّ ومؤلم.
 
الدولار يواصل ارتفاعه
واليوم، يواصل دولار السوق السوداء ارتفاعه الكبير، وسجّل في التعاملات الصباحية 34 ألفاً و100 ليرة لبنانية بيعاً للصرّاف، و34 ألفاً و200 ليرة لبنانية شراء للدولار الواحد.
 
وكان متوسط سعر الصرف في التعاملات بعد ظهر أمس 33 ألفاً و900 ليرة لبنانية.
 
وارتفع دولار منصة "صيرفة" أمس وسجّل 24 ألفاً و600 ليرة لبنانية، وجاء في بيان مصرف لبنان أمس أنّ "حجم التداول على منصة "صيرفة" بلغ 60 مليون دولار أميركي، بمعدل 24600 ليرة لبنانية للدولار الواحد وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة".
 
ولدى "OMT" سجّل الدولار في تمام الساعة 9:50 اليوم، 31 ألفاً و500 ليرة لبنانية.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم