كفّت المحكمة العسكرية الدائمة التعقبات عن العميد المتقاعد في الجيش جورج نادر ورفيقه يونس الفليطي في حكم اصدرته مساء أمس بعد جلسة محاكمة عقدتها قبل الظهر برئاسة العقيد الركن خليل جابر، في حضور ممثلة النيابة العامة العسكرية القاضية مايا كنعان بدعوى الحق العام عليهما وأربعة آخرين بجرم إقدامهم بتاريخ 9/8/2020 في الأشرفية على ارتداء سراويل مرقطة وقبعات عسكرية و"تي شيرت" تحمل شعار الجيش.
بدأت الجلسة التي لم تخلُ من التصفيق بكلمة لرئيس المحكمة العسكرية توجه فيها الى العسكريين المتقاعدين من خلال العميد المتقاعد، وقال: "نحن اليوم هنا وغداً سنصبح مثلكم متقاعدين ولن نحاكمكم"، مبادراً نادر بـ"سيدي العميد" كونه يحمل رتبة عسكرية اعلى منه. ورد العميد نادر: "اعتبركم يا حضرة الرئيس كرفيق سلاح وليس رئيسا للمحكمة العسكرية فحسب. لقد خدمت 35 عاما حاميا للبزة العسكرية التي ارتديها خلال الخدمة العسكرية. وهذه البزة لبستني وستبقى كذلك وسترافقني الى القبر"، نافيا ان يكون ارتدى لباسا مرقطا في ذلك التاريخ. واضاف: "ألم يلفت نظره من ادعى علينا الإستعراضات العسكرية التي حصلت على بُعد امتار من (مبنى) المحكمة العسكرية؟"، وقاطعه العقيد الركن جابر: "لا نريد تصنيف أحد امام المحكمة العسكرية". وتابع نادر: "عندما سأغادر قاعة المحكمة سأدلي بأن رئيس المحكمة رجل محترم وكل من في المحكمة محترم وقام بواجبه".
وختمت المحاكمة واعلن عن إفهام الحكم بعد انتهاء الجلسات المقررة على الجدول وفاق عددها المئة. وغادر العميد المتقاعد مبنى المحكمة متوجها الى رفاقه الذين رافقوه وانتظروه على مسافة من مقر المحكمة حيث حُمل على الأكتاف على اصداء اغانٍ وطنية وعسكرية.
ونوّه نادر في حضور وكيله العميد المتقاعد المحامي حبيب كيروز، الذي واكبه خلال الجلسة، بالكلمة "المكتوبة" الراقية والموزونة التي خاطب بها العسكريين المتقاعدين. واضاف: "هؤلاء اولادنا في المواطنة والاخلاق والقيم والشرف العسكري". ليستطرد نادر "ان بوصلتنا موجهة اليوم على التدخل السياسي في القضاء حيث لا يزال قضاة شرفاء وعلى رأسهم قضاة المحكمة العسكرية وتحديدا رئيسها". وقال: "للمرة الاولى تطأ قدماي المحكمة العسكرية حيث سمعت قاضيا يتمتع بكل هذه الرصانة والوفاء لرفاقه ولانتمائه العسكري. وسررت برؤية قضاة هيئة المحكمة على مقدار ما هم عليه من هذا الاحترام الكبير"، آملا في ان "تتصرف المحاكم المدنية على النحو الذي عوملنا به".
واتهم نادر جهة سياسية من دون ان يسميها بالوقوف وراء إدعاء النيابة العامة العسكرية عليه وعلى رفاقه "لأنّو كان المطلوب هيك"، مضيفاً: "اريد أن أسأل المدعي العام العسكري الذي حرك الدعوى العامة في حقنا: ألم ترَ من كل ما هو حواليك من سلاح ولباس عسكري، في إشارة الى الاستعراضات الحزبية، إلا نحن الذين لم نكن نرتدي اللباس العسكري. هوذا الدليل وراءك".
ويشار الى ان ارتداء اللباس العسكري من غير العسكريين العاملين سواء من المدنيين او من العسكريين المتقاعدين يعاقَب عليه بالحبس من شهرين حتى سنتين تحت بند انتحال الالبسة والاوسمة والشارات العسكرية. وفي المقابل ينتشر بيع ألبسة عسكرية في السوق اللبنانية. وتشير مصادر قانونية الى ان هذا الصنف يختلف عن الزي العسكري من حيث الترقيط وتوزيعه وحجمه ، إلا ان ارتداءه يصبح فوق القانون عندما يحمل رصيعة او شارة من الاوسمة.
وكانت المحكمة العسكرية الدائمة قررت فصل ملف نادر والفليطي عن الاربعة الآخرين المدعى عليهم الذين تغيبوا عن الجلسة وقررت إبلاغهم لصقاً، وعيّنت موعدا جديدا لمحاكمتهم في 23 كانون الاول المقبل.