في لبنان لا قيمة للوقت. الانهيار المالي والاقتصادي وقع في العام 2019، وبفعل فاعل. وانفجار مرفأ بيروت حدث في 2020، وايضا بفعل فاعل. لم يحاسب احد حتى الساعة. وربما لن يحاسب. الحق على الضحايا، وعلى المصابين، وعلى المودعين. لم تحصل اي خطوة مفيدة، رغم كل المطالبات الدولية باقرار قوانين اصلاحية، وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، واعادة ترميم علاقات لبنان الخارجية، ووضع خطة للتعافي المالي، واعادة هيكلة المصارف، واقرار قانون الكابيتال كونترول. بعد اربع سنوات، لم يتحقق اي تقدم. حتى النسخة النهائية للكابيتال كونترول لم ترض الصندوق الدولي.
في المرفأ، تم توقيف عدد من المشتبه بمسؤوليتهم، لكنهم اطلقوا. والتحقيق معطل، من سياسيين وامنيين تواطؤوا معا لمنع الوصول الى الحقيقة. هذا يتذرع بحصانة نيابية ووزارية، واخر يتلطى بموافقة لم تأت من وزير الوصاية.
الزمن يمضي، ولا يشهد البلد اي تقدم، بل يرجع الى الوراء بسرعة الضوء. فراغ رئاسي، حكومة تصريف اعمال، ومجلس نيابي معطل على كل المستويات. النافعة والعقارية واوجيرو وغيرها من المؤسسات متوقفة عن العمل.
بعد كل هذا، هل يجوز الاختلاف على ساعة بالزايد او ساعة بالناقص؟ ظاهر الخلاف مضحك. باطنه قلوب مليانة. في غياب رئيس البلاد، محاولة للاستئثار بالقرار، واخراج مذل لقرار تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي. رئيسان يجتمعان على ساعة، ويهملان الساعات، ويضيعانها، بدل الافادة منها لتوفير حاجات اللبنانيين.
اخراج مذل، لانه يظهر عمل رئيسين لسلطتين اساسيتين في البلاد، بطريقة عشائرية، من دون اي اعتبار للقانون وللاصول. فقرار التوقيت يقرره مجلس الوزراء، ويعدله المجلس نفسه، وليس صبحية ضاحكة بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، غير مدركين التداعيات على مجمل الحياة المالية والاقتصادية في علاقة لبنان مع العالم، ضاربين بعرض الحائط كل المعايير الدولية لقرارات مماثلة.
قالتها بكركي صراحة. لا التزام بقرار اتخذ من دون تشاور. على الاقل مع الوزراء في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية. سأل وزير الشؤون الاجتماعية عبر مجموعة "واتسابية" لمجلس الوزراء، عن النفع المحقق من القرار، او الضرر الذي ينتجه؟ واعتبر ان السؤال حق، وسماع الاجابة الواضحة عليه حق ايضا. لكنه لم يتلق اي جواب. حتى الوزراء باتوا مهملين في المجموعة التي تخصهم. فكيف لوزير ان يدافع عن قرار رئيس حكومة لم يشارك فيه، ولا استشير به، ولا تم تقديم الجواب عن سؤاله.
ليست المشكلة في اعطاء الصائمين فرصة توفير ساعة صيام مساء. فليأخذ هؤلاء ساعات. صحتين على قلبهم. مراعاتهم لا تضر احدا. بل ان راحتهم تنعكس ايجابا على علاقتهم بسائر شركائهم في الوطن والمجتمع.
وتحويل المشكلة من سياسية ادارية الى طائفية تخدم الرئيسين صاحبي القرار، لانه يعيد تجميع المتشددين من حولهما، ويشد عصب جمهوريهما، ويدفع الى اقفال ابواب الحوار، ويباعد في ما بين اللبنانيين. وبدل درس تداعيات القرار، والعودة عن الخطأ، طغت سياسة النكايات، وتم تأجيل مجلس الوزراء لمعاقبة الاكثر فقرا وحاجة، وتكريس الانقسام وتأجيج الصراعات.
هكذا تحكم البلاد المتخلفة، وهكذا تدار الامور في دولة المزرعة، وهكذا تنتفض المؤسسات على السلطة التنفيذية وتخرج عن سلطتها. انه بلد العجايب، يختلف على ساعة بالزايد وساعة بالناقص، ولا يأبه لزمن ضائع.