في الاستحقاق الدستوري الثاني بعد رئاسة مجلس النواب، توجّهت الأنظار إلى نواب الطائفة السنيّة، في ظلّ ارتباط الاستحقاق بالموقع الأوّل للطائفة ضمن هرميّة السلطة اللبنانية، فضلاً عن ابتعاد الاستحقاق - للمرّة الأولى - منذ العام 2005 عن التدخّل المباشر للرئيس سعد الحريري، الذي لن يكون لاعباً رئيسياً في الظاهر على الأقلّ.
وبغياب "تيار المستقبل" الذي كان الجامع الأول لنواب الطائفة السنيّة تشتَّتَ هؤلاء بين عدد من الكتل الصغرى، وظهر الآخرون نوّاباً فرادى، بالرغم من عدم استبعاد طيف "المستقبل" عن العدد الأكبر منهم.
والخميس، أُنجز تأسيس أوّل كتلة تتّسم بالطابع السنيّ، بالرغم من نكهتها "الوطنيّة - المناطقيّة" تحت اسم "الاعتدال الوطنيّ"، وضمّت النواب: وليد البعريني، محمد سليمان، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، عبد الكريم كبارة، أحمد رستم وسجيع عطية، فكانت شمالية في الواقع، وتتّجه نحو "المستقبل" بشكل واضح.
لكن الكتلة – بحسب مصادرها – لا تقصر نفسها على الشمال دون سائر أنحاء الوطن، بل هي على تواصل مع عدد من نواب بيروت، خصوصاً نبيل بدر ومحمد الحوت (الجماعة الإسلاميّة)، بالإضافة إلى نائب زحلة بلال الحشيمي؛ مما يُبرز دوراناً في الفلك السياسي نفسه. لكن المصادر تُشير إلى أنّ الجهود لم تتوصّل بعدُ إلى إنشاء كتلة أو تكتّل، إنّما سيبقى التنسيق كاملاً في جميع الاستحقاقات، وهذا بدا واضحاَ خلال الاستشارات النيابية من خلال الاتفاق على اسم موحّد هو الرئيس نجيب ميقاتي.
أمّا التكتّلات الباقية فتتمثّل بكتلة النواب التغييريين في المرتبة الثانية بفعل ضمّها خمسة نواب من السنّة (إبراهيم منيمنة، ياسين ياسين، رامي فنج، وضّاح صادق، حليمة القعقور)، ويُمكن اعتبار نائبين في خانة المقرّبين منهم، هما: أسامة سعد، وعبد الرحمن البزري.
وفيما يتوزّع النّواب الباقون بين كتل الثنائيّ الشيعيّ، نائبان في كتلة "الوفاء للمقاومة (حزب الله) وآخر في كتلة "التنمية والتحرير" (حركة أمل)، وحلفاء لهم كحسن مراد وجهاد الصمد، ونائبا جمعية المشاريع طه ناجي وعدنان طرابلسي، ومحمد يحيى، أنشأ النائبان أشرف ريفي وفؤاد مخزومي كتلة جديدة.
ويبقى من النوّاب السنّة بلال عبدالله المنتمي إلى الحزب التقدميّ الاشتراكيّ، وإيهاب مطر الذي يُحافظ على استقلاليّته.
ووفق هذا التعداد، يُمكن تقسيم الكتل بين مقرّبين من المستقبل و14 آذار، وآخرين في جعبة "المحور"، إضافة إلى معارضين وتغييريين. ولكن بعد مرور استحقاقين أساسيين بدا واضحاً أن الكتلة السنيّة الكبرى كانت الأقرب إلى نواب 8 آذار، فسمّى نوابها الشخصيّة نفسها لرئاسة الحكومة، إضافة إلى انتخابهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، فبدوا ذوي توجّه تسوويّ واضح ضمن لعبة أحزاب السّلطة التي كانت سائدة منذ سنوات عدّة، وعليه أضحى أيّ تحالف بين هذه الكتلة ونواب "المحور" يُعطي أكثريّة طائفيّة؛ وهذا ما حصل مع ميقاتي عندما نال 15 صوتاً سنيّاً، أمّنت له غطاءً، حمته من الأصوات الهزيلة التي نالها في باقي الطوائف.
وإذا كان من الطبيعي ألا يكون هناك تعاون بين هؤلاء والنواب التغييريين الذين يعتبرونهم من صلب المنظومة، بدا أيضاً أن التباعد كبير بينهم وبين نواب المعارضة، كريفي ومخزومي.
كذلك، فإنّ انتهاج هذه الكتلة خطاً مماثلاً يُنهي بشكل كبير الكلام على أكثريّة جديدة ظهرت، ويخلق ستاتيكو جديداً يُشبه مجلس النواب السّابق.