أطلقت رابطة "كاريتاس لبنان" اليوبيل الذهبي لتأسيسها تحت شعار "خمسين ومكملين"، خلال قداس إلهي في بازيليك سيدة لبنان- حريصا، وترأس الذبيحة الإلهية رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وقال الراعي في عظته: "بفعل إيمان بطرس بشخص يسوع وبكلمته، ألقى الشبكة بعد ليلٍ مضنٍ حرم التلاميذ من إمكانيّة صيد أيّ شيئ، وقد طلعت الشمس والوقت غير مؤآت للصيد، قبِل بطرس تحدّي الإيمان، وقال ليسوع: "من أجل كلمتك أرمي الشبكة" (لو 5: 5). ولـمّا فعلوا كان الصيد العجيب. فلنلتمس نحن هبة هذا الإيمان ليكون نورًا وهداية لحياتنا وأفعالنا ومواقفنا. على هدي الإيمان وبقوّته، مشت وحقّقت المعجزات رابطة كاريتاس لبنان التي نفتتح اليوم بهذه الليتورجيا الإلهيّة يوبيلها الذهبيّ. وبقوّة هذا الإيمان حقّق ما تعجز عنه الدول الطوباويّ "أبونا يعقوب" حدّاد الكبّوشي الذي نحتفل بعيده، وقد أعلنه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر ليكون في 26 حزيران من كلّ سنة، وهو تاريخ وفاته سنة 1954".
وتابع: "على شاطئ بحيرة جنّاشر سمع بطرس مع رفيقيه يعقوب ويوحنّا بني زبدى كلام الربّ يسوع الموجّه للجمع المحتشد لهذه الغاية. وكانوا أنهوا غسيل شباكهم الفارغة من أيّ سمكة. فكان التحدّي الذي وجّهه يسوع لسمعان-بطرس بأن "يتقدّموا إلى العمق ويرموا شبكتهم للصيد". قبل سمعان التحدّي وفعل. "فكان الصيد العجيب، إذ ضبطوا سمكًا كثيرًا جدًّا، وكادت شباكهم تتمزّق، وملأوا السفينتين حتى كادتا تغرقان"، مؤكداً أنّ " كاريتاس لبنان قبلت تحدّي الإيمان منذ خمسين سنة واختبرت ثماره غير المتوقّعة، وها هي تكبر وتّتسع في برامجها وخدمتها وسع لبنان، فلنرفع معها ذبيحة الشكر هذه، والتماس مزيدًا من الإيمان".
وأضاف الراعي: "تأسست كاريتاس في صيدا سنة 1972 وحملت تسمية كاريتاس لبنان الجنوبي، وذلك بمبادرة من اساقفة الجنوب، وهمة الاخ اليسوعي ايلي معماري الذي تعرف الى كاريتاس في المانيا.مع ازدياد الحاجات، ولا سيما اثر الاحداث التي تخطت منطقة الجنوب لتشمل كل لبنان ابتداء من 1975 ، تمدد عمل كاريتاس الى بيروت ثم إلى مختلف المناطق اللبنانية ، في محاولة لمواجهة نتيجة الحروب المحلية التي راحت تتمدد كالنار في الهشيم، وتعبث بالوطن والمجتمع، وتخلف وراءها اضرارا كارثية في البشر والحجر. واتخذت اسم كاريتاس لبنان، وأصبحت في عِهدة مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، وجهاز الكنيسة الرعوي-الاجتماعي"، وقال: "على مدى نصف قرن، اتخذت كاريتاس لبنان موقعها على خريطة العمل الاجتماعي في لبنان، فكانت الكنيسة الحاضرة والشاهدة، التي حقّقت تعليم الكنيسة الاجتماعي في ما يختصّ باحترام كرامة الانسان، وحقّه بحياة كريمة، حرة. فعلت ذلك من دون أيّ تمييز، مع ودعوتها الدائمة إلى التضامن والتعاون من أجل الانسان، المخلوق على صورة الله".
كما أكد أنّ "مسيرة كاريتاس تميّزت بروح الشركة والمحبة التي طبعت اجيالها، فكانت على مستوى انتظارات الكنيسة والمواطن، وعلى مستوى الثقة التي اكتسبتها بصدقيّتها وشفافيّتها من المانحين المحليين والاجانب، ومن الحكومات، والمنظمات الدولية، الرسمية والاهلية، ومن الافراد على اختلاف انتماءاتهم. وهكذا راحت كاريتاس تختبر الصيد العجيب بقوّة الإيمان والمحبّة ما جعلها تضاعف تصميمها على بذل المزيد، يحركها الوعي لمتطلبات كلّ مرحلة، فتتكيّف مع الحاجات، من دون ان تنسى ان الفقراء معها كل حين".
وفي الشأن السياسي، قال الراعي: "كم كنّا نتمنّى لو أنّ المسؤولين المدنيّين والسياسيّين عندنا يتمتّعون بذرّة من الإيمان وشجاعة التحدّي الذي يقتضيه، لَما كنّا نعيش في حالة الإنهيار الكامل سياسيًّا واقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا واجتماعيًّا.كنّا نتمنّى لو شاركَت في تسميةِ الرئيسِ المكلَّفِ، أيًّا يكن المسَمّى، شرائحُ نيابيّةٌ أوسَع لتُترجِمَ، بفعلٍ إيجابيٍّ ودستوريٍّ وميثاقيٍّ، الوَكالةَ التي مَنحها إيّاها الشعبُ منذ أسابيع قليلة، لاسيّما أنَّ الاستشاراتِ هي إلزاميّةٌ. هكذا تَشُعرُ جميعُ المكوِّناتِ اللبنانيّةِ أنّها تَتشاركُ في كلِّ الاستحقاقاتِ الدستوريّةِ والوطنيّة. في كلّ حال نَتوجّهُ بالتهنئةِ لدولةِ الرئيسِ نجيب ميقاتي على إعادةِ تكليفِه. وندعو له بالتوفيق".