النهار

جعجع لـ"النهار": انتخاب الرئيس يكون بالتواصل الذي لم يحصل... اسم قائد الجيش لم يُطرَح جديّاً وباسيل يمنع الممانعة من الترشيح (فيديو)
المصدر: "النهار"
جعجع لـ"النهار": انتخاب الرئيس يكون بالتواصل الذي لم يحصل... اسم قائد الجيش لم يُطرَح جديّاً وباسيل يمنع الممانعة من الترشيح (فيديو)
سمير جعجع ونايلة تويني (تصوير نبيل اسماعيل).
A+   A-
حاورته نايلة تويني      

من معراب، كان البحث في السؤال الأول عن فسحة آمال ممكنة بالبلاد في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يشهدها لبنان على مشارف أيام قليلة من 31 تشرين الأول موعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. فماذا في قراءة رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع حول قابل الأيام و"الأفق الرئاسي" في إطار المقابلات التي تجريها رئيسة مجموعة "النهار" نايلة تويني حول الاستحقاق الذي تقترب مهلته الدستورية من عتبة الانقضاء. وهل لا يزال لدى جعجع رؤية تفاؤلية ومتأمّلة بالغد اللبناني في عقده السبعيني وبعد كلّ ما رآه على امتداد حقبات سابقة؟ لا يتردّد رئيس "القوات" في الإجابة بـ"دائماً، وعلينا التذكّر أن التاريخ لا يقف عند أحد، أو عمره أو إنجازاته، بل يكمل وباتجاه معيّن. وهو لا يعود أي يومٍ إلى الخلف بل يصحّح نفسه بنفسه".
 
يؤكد جعجع ردا على أسئلة "النهار"، حول أسباب عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية، أن "لدي كلّ الثقة بنفسي وبقدرتي على تغيير مسار البلاد، لكن ثمة ما يبدأ بلحظة أو لا يبدأ. أولاً، لأنني لا أناسب كلّ جماعة "الممانعة" و"التيار الوطني الحر" وحلفائهم على الإطلاق، لأنّ مشروعنا السياسي كحزب "قوات لبنانية" إلى جانب كلّ حلفائنا لا يتناسب مع مشروع "حزب الله" ولا مع مصالح "التيار". 61 صوتاً ليسوا واردين خصوصاً أنه في لبنان، من يترشح لرئاسة الجمهورية يصبح كالحرباء ويتلوّن من دون خطة واضحة، بعكسي تماماً. كلّ هذه التفاصيل واضحة لديّ من المسار السياسي إلى الطرح السياسي ونقاط الارتكاز الفكرية وما يمكن القيام به في الدولة". ويشير إلى أن "ما تبقى من أصوات، فهناك 45 إلى 50 صوتاً يمكن أن يعطوا سمير جعجع؛ وهؤلاء هم الذين يصوّتون لميشال معوّض بطبيعة الأحوال. أما النواب الجدد فيتخذون موقفاً إيديولوجياً من كلّ من هو موجود في السياسة من قَبل، ولا استعداد لديهم للتصويت لأحد. ومن جهتهم، لم يتخذ نواب تكتل "الاعتدال الوطني" وبعض النواب معه موقفاً حتى اللحظة ولا زالوا متريّثين. فلماذا أترشّح؟ لتسجيل موقف؟، لا".
 


وما الذي يمكن أن يغيّر المعادلة ليترشّح للرئاسة؟ يقول: "أتمنى إذا كان هؤلاء النواب يغيّرون رأيهم، لأن الآخرين الذي يصوّتون لمعوّض على تواصل دائم ولا مشكلة معهم. إذا بدّل البقية رأيهم لا مشكلة، لكن طالما أنهم على موقفهم ويبتعدون أكثر ولا يرون الحقيقة كما هي، فهذا ما يجعلني لا أترشح بكلّ صراحة".

عن التنسيق الرئاسي مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وفي حال قرّر تغيير دعمه لمعوض، يروي جعجع أن "التواصل في هذه الأيام سريع ومستمرّ ولم ألمس أي نيّة للتغيير إلا في حالة واحدة نغيّر كلنا خلالها إذا استطعنا الوصول إلى مرشّح يحصل على 65 صوتاً وميشال معوّض أول واحد يمشي فينا وليس متمسّكاً بشيء. لا أعتقد أنّ وليد جنبلاط يفكّر غير ذلك. نعم، إذا كان هناك حلّ جديّ بحدٍّ مقبول من المواصفات التي تتمثل بميشال معوّض أو القليل بالزائد أو بالناقص. نحن نوافق إذا كثير بالزائد أو قليل بالناقص، لكنني لا أرى أن الفريق الآخر في وارد ذلك. ويمكن أن وليد جنبلاط كان يعتقد ذلك، فقام بالاجتماع مع "حزب الله" الذي لم يكن بهذا الوارد لأنه مرتبط في الانتخابات الرئاسية بشكل وثيق بجبران باسيل الذي لا يقبل سواه رئيساً للجمهورية. وإذا لم يكن هو سيذهب إلى سكرتير لديه ليستطيع التحكم برئاسة الجمهورية".

وهل يصوّت لسيمان فرنجية رئيساً؟ يؤكّد رئيس"القوات" أنه "لا شيء شخصياً في القصة. مضى عليّ مئة سنة في الخطّ الذي أنتهجه وفرنجية نفس الشيء في الخط الذي يؤيّده. وهذا خطان لا يلتقيان وكلّ شيء يفرّقهما، من العلاقة مع النظام السوري الذي هو نظام مجرم قاتل بما فعله في سوريا ولبنان، وصولاً إلى وضعية "حزب الله" ومصادرته لقرار الدولة وتصرّفه بمصير الشعب اللبناني كما يريد خارج إطار الدولة. أما بالنسبة إلى سليمان فرنجية فيعتبر أن هذا واقع لا بدّ من التعامل معه وبالنسبة لنا نرفضه". وعن احتمال دعمه قائد الجيش العماد جوزف عون، يوضح جعجع أن "قائد الجيش لم يطرح نفسه في أي يوم من الأيام، بل يُطرَح إسمه هنا وهنا.. لكن لم يكن هناك شيء جديّ حتى الآن. اذا استجدّ ما هو جديّ سيكون للبحث لأن جوزف عون حتى اللحظة على رأس المؤسسة العسكرية كانت ممارساته من أفضل الممارسات ووجدته تصرّف بموضوعية وحاول بناء مؤسسة على قدر ما سمحت له الظروف وفعل كلّ شيء للحفاظ على المؤسسة واستطاع الحفاظ عليها. وإذا قارّنا مؤسسة الجيش بغيرها من المؤسسات فإن وضع الجيش أفضل بكثير. وكما يظهر فإن قائد الجيش لا يصرّح ولا أعلم شخصياً ما هو في السياسة، وما يتبيّن أن توجهاته وطنية وسيادية بالحدّ المقبول جداً. إسمٌ يُطرح؛ لكنه حتى الساعة لم يُطرح جدياً".

وعن إمكان تحضير محور "الممانعة" لإسم رئاسي في وجه المرشّح معوّض في الأسابيع المقبلة، يجيب جعجع: "لا أعتقد، لأنه اذا كان هناك من يمنع "الممانعة" هو جبران باسيل، فإذا انتُزِع "التيار الوطني الحرّ" من "الممانعة" أين تصبح؟ جماعة "حزب الله" هكذا يفكّرون ليس محبّةً بباسيل، فهو يضايق أخصامه قليلاً لكن يضايق أصدقاءه أكثر بكثير وهناك حاجة كبيرة له. إذا خسر الحزب "التيار الحرّ" ماذا يبقى لديه؟ لا شيء. وتالياً هو يدرك ذلك". وفي ما يخصّ طرح أسماء للرئاسة كسليم إده وزياد بارود وناصيف حتي، يوضح "إنني علمت بطرحها عندما كان النواب الجدد يقترحون أسماء وهم أشخاص فيهم الخير والبركة ومنهم ناجحون كسليم إده، لكن علينا السؤال إذا كان الشخص يريد الترشح؛ وهذا شيء ومواصفات رئيس الجمهورية شيء آخر. لا بدّ من رئيس للجمهورية يتخذ يومياً قرارات صعبة ومهمة وعلينا النظر إلى المسألة من هذه الزاوية وليس إذا كان جيداً أم لا، وإلا الجميع فيهم الخير والبركة". وعن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى حوار بعد انتهاء المهلة الدستورية، يكشف جعجع أن "اجتماعاً سيعقده تكتل "الجمهورية القوية" في اليومين المقبلين للبحث في هذه الدعوة وهدف الحوار وعلاقته بالاستحقاق الرئاسي"، مضيفاً أن "انتخاب الرئيس لا يكون بالحوار بل بالتواصل والاتصالات التي لم تحصل الى الآن، ورغم كل الاحاديث عن التوافق إلا اننا لم نسمع أي طرح جدي لاسم فعلي حول هذا الموضوع".

وإذ يؤكد جعجع "ألا امكانية لأي نهوض اقتصادي فعلي من دون البدء بوقف التهرب الضريبي والتهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية وكل مرافق الدولة، ليصار بعدها الى تطبيق الخطة المناسبة، على خلفية ان هذه التصرفات كسرت البلد وافقرت شعبه"، يذكّر بالفترة التي انتخب فيها الشهيد بشير الجميل رئيسا للجمهورية، قائلاً إنه "حينها أدرك الشعب ان رئيسا جديا تبوّأ سدة الرئاسة ولمسنا فورا انتظاما في الادارة، ما يعني انه يكفي ان يكون الرئيس قويا بالمعني الفعلي ليتخذ القرارت الصائبة ويمارس صلاحياته كاملة وفق الدستور، اذ تؤازره كل الشرعية ومجلس الوزراء والجيش والاجهزة الامنية كافة التي بدورها يمكنها مواجهة كل من يتعدّى على الدولة".

وحكومياً، يضيء على أن "جهود تشكيل الحكومة مستمرة الى اللحظة الأخيرة، والطريقة القائمة في التشكيل لن تأتي بحكومة مغايرة للحالية باستثناء اننا سنشهد وضوحا في الوضعية الدستورية"، لافتاً إلى أنه "في حال لم ننتخب رئيساً قبل 31 تشرين الأول، فإن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل الى الحكومة الموجودة مهما كان شكلها لأن المؤسسات لا تحتمل اي فراغ، ما يعني ان الصلاحيات ستنتقل الى حكومة تصريف اعمال حتى اشعار آخر. ومن هو ضنين على صلاحيات رئاسة الجمهورية فليتفضل لانتخاب رئيس جديد".
يقرأ رئيس "القوات"، رداً على سؤال، في مستقبل العلاقة الجديدة بين الكتائب و"القوات" ومدى قوتّها، مؤكداً "بصراحة ومن دون أي مسايرة أن ما بين الكتائب والقوات غير موجود بين أي حزبين بالمعنى الايجابي للكلمة. حتى نقاط الارتكاز الفكرية هي نفسها والمواقف نفسها حتى عندما نكون في "عزّ" خلافاتنا. الشيء الوحيد الذي "يخربط" العلاقة هو التنافس، لكن التنافس يمكن أن يكون ايجابياً لا سلبياً. والمثال الكبير الذي أمامي هو ما بين أميركا وأوروبا اللذين يلتقيان على نظر العالم وفي السياسات العامة، لكن هناك تنافس دائم بين بعضها البعض الذي لم يمنعهما من التنسيق المستمرّ وأن يكونا حلفاً واحداً في وجه ما يحصل الآن في أوكرانيا أو بوجه الصين ودول أخرى. علاقتنا مع الكتائب هكذا أتصوّرها. وعندما نعمل معاً نربح أكثر معاً، أما إذا عمل كلّ بمفرده فإن ربحه سيكون أقلّ بكثير بخلاف ما يخال البعض من حول الشيخ سامي (الجميّل). لا، ليس صحيحاً أنه إذا عملت الكتائب بقرب كبير من "القوات" تذهب في ظلّها، بل على العكس يصبح مداها أوسع. نتحدث عن التوجه السياسي نفسه والمشروع السياسي نفسه. وهناك تجربة جيّدة منذ الانتخابات النيابية وحتى الآن، وأقصى تمنياتي الاستمرار بها في هذا الاتجاه".

وعلى بعد أيام قليلة من 31 تشرين الأول، يفضّل جعجع عندما يُسأل عن كلمة أخيرة يقولها لميشال عون، أن يترك هذا الموضوع كلّه إلى مرحلة لاحقة لأن عليه مسؤوليات سياسية سيتخذها دائما في الاعتبار، لكن "عندما يأتي وقت الكلام من دون حدود سياسية والأخذ في الاعتبار مسؤولياتي السياسية أكيد هناك كلام كثير يقال. والمسألة الوحيدة التي أقولها أن ميشال عون أضاع علينا 40 سنة متواصلة من جهدنا وعرقنا ودمنا؛ بدأ بنا ثمّ أضاعها على كلّ اللبنانيين". وعما إذا كان يندم على التصويت لعون للرئاسة، يشير إلى أنه "لا يمكن إخراج مسألة من إطارها وتوقيتها وظروفها وكلّ الأحداث التي أحاطت بها، وطرحها بالمطلق. وفي المطلق، ربّنا "السلام لإسمه" لا يجعلني أقترع لميشال عون لأنني أكثر شخص أعرفه، لكن الظروف التي وجدنا فيها والأمور التي طرحت علينا والمعطيات الموجودة جعلتنا نقول "لا حول ولا قوة إلا بالله". صوّتنا له ليس رغماً عنا، بل حاولنا أن نفعل ما يمكن فعله. شخصياً حاولت، وكان لدي 10 إلى 15% أمل بشيء جديّ، لأنني قلت أن عون كان يخطئ طوال عمره لأنه يريد رئاسة الجمهورية ويقوم بالألأعيب التي يفتعلها ليحاول الوصول إلى الكرسي. فإذا وصل إلى الكرسي، لماذا يستمرّ بالألاعيب؟ ما الذي سيجبره أن يخطئ؟ لا شيء". وهنا، يضيف جعجع أيضاً "أنني تصوّرت أنه في العقد الثمانيني سيبدأ بالتفكير بما سيتركه وراءه من أثر. لكن، أعود وأقول ليس هذا السبب الذي دفعنا للتصويت له، بل مجموعة ظروف اجتمعت وبدا لنا أنه إما ذلك وإما ما هو أسوأ بقليل أيضاً. لكن في مكان ما كان هناك أمل بالمراهنة على أنه إذا وصل إلى الرئاسة لم يعد مضطراً للمساومة والبيع والشراء وسيفكّر في هذا العمر ماذا سيورث خلفه. للأسف، كل هذه الصورة "ما طلع منها شيء". وكما قمنا بالاجتماعات والتحضيرات وتفاهم معراب الذي للأسف كثرٌ من سييء النية أخذوه ولم يروا سوى الجزء المتعلق بالسلطة ولم يدركوا الأجزاء الأخرى التي كان الهدف منها تصويب المسار قليلاً".

وفي مقاربته حيال مستقبل "التيار الوطني الحرّ" بعد 31 تشرين، لا يعتقد جعجع أن "هناك أي إمكان مهما حاول أحدهم نفخ الحياة في جثّة هامدة، لكن المسألة تحتاج اعادة نظر كاملة وشاملة وليس هناك أي إمكانية. لا يزال عون الآن رئيساً للجمهورية وموقع الرئاسة لديه في لبنان واقعه لدى الناس. في الأمس، حصلت الانتخابات الطالبية الجامعية والنتائج الفعلية أسوأ بكثير من النتائج المعلنة بما يتعلّق بالتيار الوطني الحرّ". وحول النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية، يتابع أن "لديهم بعض البقايا وخلال وجودهم في السلطة الشيء الوحيد الذي نجحوا فيه هو شبكة مصالح طويلة عريضة، لكنها ستنحسر بعد 31 تشرين". وتعقيباً على يقوله باسيل بأن "القوات" ربحت الانتخابات بالمال، يردّ جعجع بأن "باسيل كاذب كبير ونصّاب كبير. وإذا كان أحدٌ لديه المال فهو باسيل نفسه وسط ملفات ضدّه ويحكى عنها دائماً، أما نحن "بستحلي" أن يجد أحدهم نقطة على نوابنا ووزرائنا. هذا الكلام مردود له. وإذا كان هناك من أنفق الأموال فإن باسيل هو الذي أنفقها. ومن جهة أخرى، كان لديه أجهزة الدولة كلّها خلال الانتخابات ولو أن لديه ممسكاً جدياً على "القوات"، ألم تكن قامة القيامة في القضاء والقانون وهنا وهناك؟ كلّه كذب، وليست المرة الأولى. وهنا أفتح هلالين لأقول إن "التيار" قام منذ بداياته على مجموعة أكاذيب".

وردّا على سؤال، يلفت رئيس "القوات" إلى أن "المشكلة مع "حزب الله" تعالج بالسياسة من خلال الاتيان برئيس "شبعان من حليب امو" يشكل حكومة منسجمة تعمل بشكل صحيح يترأسها رئيس قوي يتخذ المواقف الملائمة ويحافظ على علاقات لبنان مع الدول العربية والدولية". ويختم جعجع: "دائما هناك أمل والتاريخ لا يتوقف عند شخص معيّن او انجازاته بل يستمر ويصحح نفسه بنفسه. صحيح ان الوضع صعب ولكن يجب الا نستسلم فهذا بلدنا الذي تعب أجدادنا وأهلنا للمحافظة عليه و"عيب علينا" ان نتركه لأنه يتخبّط بالمشاكل. من يريد المغادرة لمتابعة تحصيله العملي او العمل موقتا فهذا من حقه ولكن من يرغب بالهجرة للهروب فهو خائن لنفسه وعائلته وتاريخه، لذا علينا التحلي بالصبر والتكاتف مع بعضنا والمساعدة قدر المستطاع للعودة الى بر الآمان".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium