غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قصر العدل بعد انتهاء جلسة التحقيق الثانية معه أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا الذي قرر تركه مرة ثانية رهن التحقيق ومن دون أن يحدد له موعداً جديداً.
استراتيجية القاضي أبو سمرا في هذا الملف المدعى فيه على سلامه وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك بجرم إثراء غير مشروع وتبييض أموال وتهرّب ضريبي، تقضي باستكمال استجواب الأخيرين والاستماع إلى إفادات شهود ليعاود الاستماع الى الحاكم في حال اقتضى الأمر ذلك ويتخذ قراره عندها لجهة توقيف سلامة من عدمه.
فالمحقق الأول، تقول مصادر قضائية، كوّن فكرة في هذا الملف بالنسبة إلى الحاكم ولكنه لم يكوّن قناعته الكاملة في انتظار أن يستكمل تحقيقاته مع شقيقه رجا سلامة والحويك الثلثاء المقبل ثم استدعاء شهود عند الاقتضاء ليبني على الشيء مقتضاه. وتضيف أن قرار توقيف الحاكم من عدمه لن يتخذ في هذه المرحلة لأن القاضي أبو سمرا لم يكوّن قناعته في ذلك بعد. وفي كل الأحوال فإن قرار التوقيف يتخذ لضمان وجود المدعى عليه وحضوره إلى التحقيق، وسلامة موجود في لبنان ولن يغادره، فهو ممنوع من السفر وتوجد نشرة حمراء بحقه معممة على الإنتربول الدولي.
ولكن في المقابل تشير هذه المصادر إلى أن استجواب سلامة يأتي في مرحلة مفصلية، إذ لم يبقَ من ولايته في حاكمية مصرف لبنان إلا حفنة من الأيام، فضلاً عن أن ثمة مصلحة عليا للدولة التي غابت عن ذهن كثر في الداخل والخارج قد تكون غابت عن بالهم في التعرض للمركز المالي الأول في الدولة من وراء تعرضهم لحاكمه، وما يمكن أن يخلّفه ذلك على الصعيد المالي، وعدم الأخذ في الاعتبار قرينة البراءة حتى صدور القرار في هذه القضية. وقد تكون هذه الأسباب وراء تريّث المحقق الأول في إرجاء اتخاذ قراره بتوقيف سلامة من عدمه، فهو لا يتحمل خراب بلد ولا يريد في الوقت نفسه أن يرفع عبئاً عن أحد، وهذا لا يعني عدم تحميل سلامة مسؤولية.
ويفصل التحقيق اللبناني مساره عن التحقيق الأوروبي الذي يتمحور حول تحويلات مالية، في حين أن الملف اللبناني يعنى بمصدر أموال سلامة إن كانت أموالاً عامة أو خاصة. وبين التحقيقين هناك جانب ضيق يلتقيان فيه.
وفي الجلسة الثانية التي استمرت ساعتين ونصف الساعة أبرز سلامة مستندات تتصل بحسابات ضمت إلى الملف، كما أبرز نسخة من جميع المستندات الموجودة في الملف مع تدوينه ملاحظات على بعضها.
ووفق المعلومات فإن سلامة تعهد بتسليم القاضي أبو سمرا نهاية هذا الأسبوع مستندات كانت السلطات الألمانية طلبت الاستحصال عليها من المصرف المركزي في وقت سابق وتتصل بحسابات الشقيقين سلامة والحويك. وطبقاً للمعطيات، فإن هيئة التحقيق الخاصة تتولى إعداد هذه المستندات يإيعاز من الحاكم، على أن يتم تسليمها إلى القضاء الألماني. وهي الاستنابة نفسها التي كانت ألمانيا طلبتها من القضاء اللبناني بدهم المصرف المركزي بحضور قضاة من تلك البلاد ما اعتبره القضاء اللبناني تجاوزاً للسيادة اللبنانية، وقد جرى تلبيتها عبر تسليمها من القاضي أبو سمرا الى سلامه الذي سيرسل المستندات المتصلة بها الى المحقق الأول بواسطة أحد محاميه.
وكان سلامه مثُل في حضور وكيله المحامي حافظ زخور. وللمرة الثانية حضر شقيقه رجا والحويك ووكيلهما المحامي جاك شكرالله وغادرا بطلب من المحقق الأول بعد أن ابلغهما موعد جلسة استجوابهما الثلثاء المقبل في 25 تموز الجاري.